الخميس 21 نوفمبر 2024 02:45 مـ 19 جمادى أول 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    تقارير

    انقلابات غرب إفريقيا وتقليص النفوذ الفرنسي.. ماذا يجري؟

    رابطة علماء أهل السنة

    أبدت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقرير لها الثلاثاء 9 فبراير 2022م، اندهاشها من عدوى الانقلابات العسكرية في غرب القارة الإفريقية، حيث يتكرر المشهد في التليفزيون الرسمي ؛ حيث يقرأ ضباط في الجيش بيانا يعلنون فيه بهدوء الاستيلاء على الدولة، ثم ينتقل المشهد إلى شوارع العاصمة حيث تحتفل الجماهير بينما تتم إدانة الانقلاب خارج بلادهم.

    بدأ هذا المشهد في مالي التي شهدت انقلابيين عسكريين، الأول سنة 2020م ثم تلاه انقلاب آخر في أغسطس 2021م، وتكرر المشهد في غينيا في سبتمبر 2021، ثم في بوركينا فاسو في فبرير 2022م. كما وقعت انقلابات شرقي القارة أيضًا في تشاد والسودان بينما أُحبطت محاولة انقلاب في غينيا بيساو.

    وفي مالي وتشاد وبوركينا فاسو وغينيا، انتزع ضباط شبان تتراوح أعمارهم بين 38 و 41 عامًا -معظمهم من وحدات القوات الخاصة- السلطة من قادة مسنين منتخبين ديمقراطيًّا. ورغم أن السياقات المحددة تختلف من بلد إلى آخر، فهناك العديد من العوامل الأساسية والتحديات الرئيسية المشتركة التي تواجه بعض البلدان في المنطقة.

    وترى الجارديان أن أسباب الأزمة الإنسانية التي يعاني منها ملايين الناس في غرب إفريقيا لا سيما في مالي إنما تعود إلى عدة أسباب أبرزها الصراع الدائر منذ 10 سنوات بين الحركات المسلحة والحكومة، حيث استلغت هذه الحركات إخفاقات الحكومات في معالجة الفساد وتوفير حوكمة شاملة في ظل انخفاض معدلات الدخل في بلاد تعتمد على الزراعة بشكل أساسي بخلاف التنوع العرقي القائم وتأثير أزمة المناخ وانعدام الأمن وقلة فرص العمل وانتشار الأسلحة بكثافة.

    وذكر قادة الانقلاب في بوركينا فاسو ومالي تزايد انعدام الأمن، أما في غينيا فقد انتقد الجيش الفساد السياسي في أعقاب الانتخابات المتنازع عليها. وغضب كثيرون في بوركينا فاسو من الحكومة قبل انقلاب الأسبوع الماضي بسبب حجم عمليات القتل الجماعي التي ارتكبتها الجماعات المسلحة العام الماضي، وتسببت بنزوح مليون و500 ألف شخص في البلاد.

    وقال أحد المتظاهرين هناك أثناء احتفاله باستيلاء الجيش على السلطة “الناس يموتون كل يوم. الجنود يموتون. هناك الآلاف من النازحين”. وأضاف آخر “لم يذهب الرئيس (روش كابوري) لدفن أي جندي لقي مصرعه في السنوات الست الماضية، ونادرًا ما كان يزور الجنود الذين تضرروا أثناء القتال. شعر الناس أنه لم يهتم أبدًا”.

    ونقلت الجارديان عن مديرة مركز الديمقراطية والتنمية في أبوجا (إدايات حسن) قولها إن “الانقلابات أرغمت الناس على التفكير في ما إذا كانت الديمقراطية قد أسفرت عن فوائد ملموسة”. وأضافت “أصبح سكان غربي أفريقيا يوفرون طعامهم ويولدون الكهرباء والبنية التحتية الخاصة بهم. إنهم يتوقعون القليل من الدولة لكن الدولة ما زالت تفشل في الإيفاء بالتوقعات. لا تستطيع الشعوب رؤية ما أتت به الديمقراطية، لذا تأتي الجيوش الانتهازية التي ترى هذا الفراغ في الحكم وتحاول ملئه”. ويشعر المراقبون بالقلق من أن الدعم الجماهيري للانقلابات قد يوحي بأن السكان يعدونها الرد على الحكومات التي لا تحظى بشعبية.

    من جانبهان قالت صحيفة لاكروا إن فرنسا هي أكبر المتضررين من الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو، وإن عواقبه السياسية والعسكرية والأمنية ستكون وخيمة على باريس وطموحاتها الجيوسياسية في دول الساحل والصحراء.

    وحذرت الصحيفة الفرنسية من أن هذا الانقلاب سيخلّف وضعا مضطربا وغير مستقر في المنطقة، وسيهدد مستقبل عملية (برخان) التي تقودها فرنسا داخل حدود الدول الخمس بمنطقة الساحل والصحراء.

    وأطاح عسكريون في بوركينا فاسو رئيس البلاد روك مارك كابوري في انقلاب عسكري حظي ببعض التأييد الشعبي وأثار ردود فعل دولية متباينة. وقال متحدث باسم الانقلابيين إنه تم إغلاق الحدود وحل الحكومة والجمعية الوطنية، وجرى تعليق الدستور، كما تم فرض حظر تجوال في جميع أنحاء الإقليم “حتى إشعار آخر”.

    وتسارعت الأحداث، أخيرا، بين مالي وفرنسا، إذ سارعت سلطات باماكو إلى الرّد على تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، لودريان، التي قال فيها إنّ مالي تتصرّف خارج الأعراف التي سطّرتها فرنسا، ضمنياً، لدول نفوذها في القارّة على خلفية دعوة الماليين شركة روسية أمنية خاصة (فاجنر) لمساعدتها على ضبط الأمن في البلاد.

    هذه التصريحات تتوافق مع ما اعتادت فرنسا توجيهه من انتقادات لدول القارة الأفريقية، وخصوصاً الفرانكفونية، الواقعة تحت نفوذ تأثيرها، الممتد منذ الاستعمار، بل تلك التصريحات هي التعبير الحقيقي عن التعامل الفرنسي مع تلك الدول في إطار ما باتت تعرف بـ "سياسة فرنسا الأفريقية" المميّزة بالتّدخُّل السّافر في شؤون تلك الدول، إلى درجة أنّ الشخصية الثانية في هرم السلطة، لجهة النفوذ والتأثير، في أيّ دولة أفريقية فرانكفونية هي السفير الفرنسي، وكلُّ القرارات تُقَرّ بالاتفاق، بل بتصريح من باريس.

    وتبرهن العقود الماضية أن فرنسا دائما ما كانت تقف وراء الانقلابات العسكرية وهي من تعين رؤساء هذه الدول. لكن النفوذ الفرنسي يتعرض لمنافسة حادة مؤخرا من جانب روسيا التي شرعت في تكوين شبكة نفوذها في دول القارة الإفريقية على حساب النفوذ الفرنسي.

    أفريقيا انقلاب فرنسا بوركينا مالي مصر

    تقارير