مصر .. على شفا الإفلاس أو الإذعان لشروط صندوق النقد
رابطة علماء أهل السنةأمام الأزمة الخانقة التي يمر بها نظام زعيم الانقلاب المصري عبدالفتاح السيسي في الملف الاقتصادي وشح السيولة الدولارية ، يواجه النظام احتمال عدم القدرة على الوفاء بسداد أقساط وفوائد الديون لعدد من الدائنين بينهم صندوق النقد الدولي؛ لذلك دخل نظام السيسي ممثلا في وزارتي المالية والتعاون الدولي في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي وبعض الدائنين، من أجل إعادة جدولة الديون المستحقة خلال الأشهر القليلة المقبلة، في ظل عدم قدرة الخزانة المصرية على الوفاء بها في مواعيدها. وفي تعليقه على هذه الأنباء يقول المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، إنه "في حال فشلت مصر في سداد ديونها في مواعيدها، سيجتمع الدائنون ويعلنون إفلاس مصر، وهذا نتيجة سوء الإدارة والعبث في البلاد". وأضاف الأشعل أن الحل الوحيد أن يرحل (الرئيس) من السلطة، ويعلن خلفه أن قرارات الاستدانة اتخذت بلا حسابات مناسبة. أما الترشح مرة أخرى، فمعناه زيادة الأعباء علينا، ويجب أن يضحي الرئيس بنفسه في سبيل مصر التي تورطت في الديون والأزمات بسببه، لأن صرف القروض على بناء الطرق والجسور والمدن الجديدة لم يأت بمشاريع إنتاجية".
جاء ذلك في تقرير نشرته صحيفة "العربي الجديد" اللندنية نقلا عن مصادر حكومية مطلعة، والتي تؤكد وجود سيناريوهات بديلة حال فشلت الحكومة في إقناع الصندوق والدائنين بجدولة الديون؛ منها بيع شركات حكومية رابحة مثل الشرقية للدخان، وذلك أحد الحلول المطروحة حالياً، لا سيما مع إحجام الشركاء والحلفاء الخليجيين، عن الاستثمار في مشروعات أخرى كما كان يحدث سابقاً".
وقبل التفاوض مع الصندوق والدائنين من أجل إعادة جدولة الالتزامات المستحقة تمكنت الحكومة من تدبير 250 مليون دولار مستحقة للصندوق من اتفاقية الاستعداد الائتماني البالغة قيمتها 5 مليارات دولار، كانت قد أبرمتها في عام 2020 كبادرة حسن نية قبل انطلاق المفاوضات الجديدة". لكن التقرير يؤكد نقلا عن مصادر دبلوماسية مصرية، أن إدارة الصندوق تبدي تعنتا مع حكومة السيسي وتضغط من أجل تنفيذ الاشتراطات المحددة وأبرزها المرونة في سعر الصرف الجنيه أمام الدولار، والمزيد من الخصخصة، وتخارج الجيش تدريجيا من الاقتصاد. وعلى الرغم من تأكيدات الحكومة خطورة خطوة تحرير سعر الصرف على الأوضاع الاجتماعية والسياسية، إلا أن الصندوق لم يقتنع بالمبررات المصرية".
ورغم أن نظام السيسي أبدى أعلى صور المطاوعة والإذعان لشروط صندوق النقد الدولي على مدار السنوات الماضية، إلا أنه يعمل حاليا على الصمود أمام ضغوط الصندوق حتى تمرير مسرحية الانتخابات الرئاسية المقررة بنهاية العام الجاري "2023"م، وسط توقعات كبيرة بأن يبدأ النظام في حزمة من القرارات الاقتصادية المؤلمة في أعقاب الانتخابات بدعوى إعادة التوازن الاقتصادي ، على الرغم مما قد تسببه تلك القرارات من غضب شعبي في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية.
ويشير التقرير إلى أن محافظ البنك المركزي حسن عبدالله تفاوض مع جهات سيادية داخلي الدولة (الجيش ـ المخابرات) تمتلك استثمارات في الخارج بهدف جلب سيولة دولارية لتجاوز المأزق الراهن لكنه هذه الجهات رفضت هذه التعاون مع الحكومة في هذا الشأن. الأمر الذي يؤكد أن مصر تدار بنظام الجزر المنعزلة وليست دولة بالمفهوم الحقيقي للدولة.
ليس أمام النظام على المدى القصير سوى حلين: الأول، اللجوء إلى الاحتياطي النقدي. والثاني، تنفيذ صفقة بيع كبيرة تكون مفاجئة من الأصول التي كان التقدم فيها يسير ببطء، حتى يتم توفير سيولة مباشرة. غير أن كل هذه الحلول مؤقتة، ولن يحدث التغيير الكبير إلا بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة". ولا يملك النظام رفاهية أمام ضغط الوقت وضغوط الدائنين وليس أمامه سوى قرار سياسي؛ فإما أن يتخلف عن سداد الأقساط والفوائد المستحقة حاليا، وإما أن يطلب بشكل رسمي إعادة جدولة الديون في العجز عن السداد.
وفي يوليو 2023م، وصف الباحث بمركز "كارنيجي للشرق الأوسط"، يزيد صايغ، التزامات الدين الخارجي لمصر بأنها "أمر مخيف"، مشيرا إلى أكثر من 83 مليار دولار مستحقة كـ "فوائد" خلال السنوات الخمس القادمة. وأكد صايغ، عبر "تويتر"، أن هذا المبلغ الضخم لا يشمل سداد رأسمال الديون.
وفقد الجنيه المصري أكثر من 80% من قيمته مقابل العملات الأجنبية، منذ إطاحة الجيش -تحت قيادة السيسي- بأول رئيس مدني منتخب للبلاد 3 يوليو 2013، حيث كان يبلغ سعر صرف الدولار نحو 7.05 جنيهات في البنوك المصرية، و7.60 جنيهات في تعاملات السوق الموازية، مقارنة بـ30.95 جنيهاً في البنوك الآن، و39.50 جنيهاً للدولار في المتوسط في تعاملات السوق غير الرسمية. وتشير بيانات حكومية إلى ارتفاع الدين الخارجي لمصر من نحو 43.2 مليار دولار في يونيو 2013، إلى 165.4 مليار دولار بنهاية مارس 2023م، بارتفاع نسبته 283%، على خلفية توسع نظام السيسي في الاقتراض لإقامة مشاريع "تجميلية" لا تعود بالنفع على الاقتصاد، على غرار مشروع العاصمة الإدارية الجديدة الذي قدرت كلفته بنحو 58 مليار دولار.