“ميدل إيست آي”: بقاء السيسي يعتمد على محو ذكريات ثورة 2011
رابطة علماء أهل السنةنشر موقع ميدل إيست آي تقريرا سلط خلاله الضوء، على السر وراء الهجوم المتكرر لعبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري على ثورة يناير في كل مناسبة.
وقال التقرير: إن "السيسي نجح في هزيمة الثورة المصرية 2011، على الأقل في الوقت الحالي".
وأضاف التقرير أنه بعد أحد عشر عاما من الانتفاضة التي أنهت رئاسة الديكتاتور حسني مبارك التي استمرت 30 عاما، غرقت مصر مرة أخرى في الاستبداد المدقع، مع عدم وجود حركة ديمقراطية جديدة في الأفق.
وأوضح أنه في صيف 2013، ساعد السيسي في تنظيم انقلاب عسكري ضد أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، وهو الشهيد محمد مرسي، بعد عام واحد فقط من فوزه في الانتخابات الرئاسية المصرية بعد الثورة، وبعد الانقلاب مباشرة، بدأ السيسي العمل على برنامج سياسي إقصائي يهدف إلى ضمان استحالة حدوث انتفاضة ديمقراطية أخرى، وتضمن البرنامج مزيجا من التخويف والقوة الغاشمة والتشريعات الصارمة والدعاية الإعلامية والفساد القضائي.
ويرى التقرير أن مؤشرات عدة تشير إلى أن مصر في حالة أسوأ اليوم مما كانت عليه في أي وقت خلال عهد مبارك، ولا تزال مصر تسجل نتائج سيئة فيما يتعلق بإجراءات الفساد، وحكومة السيسي لديها سجل أسوأ في مجال حقوق الإنسان مما حققه مبارك في أي وقت مضى.
سحق حقوق الإنسان
وأشار التقرير إلى أن نظام ما بعد الانقلاب نفذ عدة مذابح ضد المتظاهرين السلميين، وأصدر سلسلة من التشريعات الصارمة وملأ السجون المصرية بما يتجاوز طاقتها الاستيعابية، وهو واقع استلزم توسيع نظام السجون في مصر.
وأغلق السيسي جميع الشبكات الإعلامية المعارضة، وخلق نظاما دعائيا فعالا يدفع إلى المواطن للرواية الفريدة للنظام، واستخدم القضاء «كأداة للقمع»، تم القضاء على كل المعارضة السياسية، وتم إجبار جماعة الإخوان المسلمين على العمل في السر، وتم حظر المنظمات السياسية الجادة، وتم ترهيب واعتقال المنافسين المحتملين للسيسي.
ولفت التقرير إلى أن هجوم السيسي على حقوق الإنسان الأساسية دفع منظمة العفو الدولية إلى وصف مصر بأنها «سجن في الهواء الطلق»، وأمضت حكومة السيسي الجزء الأكبر من السنوات الثماني الماضية في محاولة إقناع المصريين والمجتمع الدولي بأضرار الربيع العربي، وخاصة ثورة مصر في يناير 2011.
وقد بذل السيسي جهودا كبيرة لتوصيل هذه الرسالة، خاصة لأنه إذا نجح، فقد يساعد في منع حدوث انتفاضة أخرى.
ونوه إلى أن النظام عمل بجد لمحو ثورة 2011 من الذاكرة العامة، وأحيانا تجاهلها تماما، أو أشار إليها بشكل غامض على أنها حدث وليس ثورة، وعندما أشار النظام مباشرة إلى اللحظة السياسية في يناير 2011، فقد فعل ذلك في كثير من الأحيان بشكل حاسم، حيث أعاد صياغة الانتفاضة كعدو زعزع استقرار الأمة.
ثمن الاستقرار
خلال السنوات القليلة الماضية، كانت هذه الأنماط واضحة في الخطاب الحكومي والإعلامي المصري، وقد قاد السيسي نفسه الطريق في إقامة بنى غير شرعية جديدة حول ثورة 2011.
في خطاب ألقاه في العام 2018، أشار السيسي إلى أن استقرار مصر سيكون على المحك إذا اندلعت انتفاضة أخرى قال "ما حدث قبل سبع أو ثماني سنوات لن يحدث مرة أخرى في مصر، اللي ما نجح ساعتها ما راح ينجح أبدا، لا، لا، لا، أنتم متعرفونيش كويس، لا والله ثمن استقرار مصر وأمنها هو حياتي وحياة الجيش".
وتابع التقرير"على مدى السنوات العديدة الماضية، كانت هذه الأنماط واضحة في الخطاب الحكومي والإعلامي المصري، قاد السيسي نفسه الطريق في إنشاء إنشاءات استطرادية جديدة حول ثورة 2011.
وفي المنتدى العالمي الرابع للشباب هذا الشهر، واصل السيسي هذا الخط، وفي حديثه إلى وسائل الإعلام والدبلوماسيين الدوليين، أعرب عن أسفه لحقيقة وجود الكثير من القلق الدولي بشأن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان، وفي قلب خطاب السيسي كانت فكرة أن الهوس بحقوق الإنسان وحقوق الاحتجاج، يمكن أن يضر بالاقتصاد المصري، والذي، كما أشار، كان أكثر أهمية.
وفي إشارة غامضة إلى انتفاضة يناير 2011 وعواقبها، رفض السيسي على وجه التحديد الانتخابات الحرة والنزيهة وحرية التعبير والاحتجاجات، بحجة أن الدول النامية مثل مصر لا تستطيع السماح لها بذلك.
وتساءل«هل أنت على استعداد لمنحي المال لإنفاقه على المصريين أثناء احتجاجهم ؟ وتابع "أعطني 50 مليار دولار، وليس 20 مليار دولار، وسأطلب من المصريين النزول إلى الشوارع، سأفعل ذلك إذا كان هذا سيجعلك تشعر كما لو أن لدينا حرية تعبير حقيقية في مصر ".
وبعد توضيح هذه النقطة، افترض السيسي أنه تم تكليفه بقيادة مصر إلى الأمام، «ليس نحو الدمار» كان المعنى واضحا الاحتجاجات والحريات ستؤدي إلى «تدمير» مصر سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
ولاستكمال هذه الفكرة، واصل السيسي وصف ما يعتبره العواقب السلبية للربيع العربي، داعيا أفراد الجمهور للتفكير فيما حدث في بعض دول الربيع العربي، كما قال إنه "على استعداد لإجراء انتخابات في مصر كل عام، ولكن بشرط واحد هو أن يدفع المجتمع الدولي التكلفة ".
فجوة الثروة المتزايدة
وذهب التقرير إلى أن السيسي، يرى أنه لا يمكن أن تتعايش حقوق الإنسان والحريات مع النجاح السياسي والاقتصادي، على الأقل ليس في أماكن مثل مصر، لكن المشكلة في هذه الحجة هي أن الاقتصاد المصري لم يتحسن بشكل هادف في بيئة السيسي الاستبدادية، في الواقع، لا يزال الاقتصاد في حالة سيئة.
وعلى الرغم من دعمه بمليارات الدولارات في شكل منح من حلفاء الخليج المخلصين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وأيضا تأمين المليارات من القروض الدولية، فقد عانى الاقتصاد المصري بشدة، ونمت فجوة الثروة بشكل كبير في عهد السيسي، وازداد الفقر بين المصريين، إلى حد كبير كنتيجة طبيعية للتضخم المعوق، وهكذا وجد المواطن المصري العادي صعوبة متزايدة في تغطية نفقاته.
لا يبدو أن هناك أي نهاية في الأفق، في الواقع هناك خوف من أن تزداد الأمور سوءا، ويشير تحليل أجراه روبرت سبرينغبورغ، نشره في وقت سابق من هذا الشهر مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط (بوميد)، إلى أن مصر يمكن أن تتبع لبنان في وضع «الاقتصاد الفاشل»، خاصة إذا استمرت في تنفيذ برنامج السيسي الاقتصادي.
وأشار التقرير إلى أن جهود السيسي الوقائية لضمان استحالة حدوث انتفاضة أخرى حتى الآن، نجحت في الواقع، يبدو أن انتفاضة أخرى مستبعدة للغاية، على الأقل في الوقت الحالي.
ومع ذلك، في غياب تحول اجتماعي وسياسي واقتصادي ذي مغزى، قد تستمر الإحباطات المصرية الشعبية في النمو، يمكن أن تحدث الانتفاضات في بعض الأحيان عندما لا تتوقعها الحكومات والمراقبون.
https://www.middleeasteye.net/opinion/egypt-sisi-survival-depends-erasing-memories-revolution