ضابط مخابرات مصري بقصر قيس سعيد.. لماذا يلاحق السيسي الإسلاميين؟
رابطة علماء أهل السنةالتفاصيل التي ذكرها موقع Middle East Eye البريطاني، الأربعاء 12 يناير 2022، بأنّ ضابط مخابرات مصرياً بارزاً، يتعاون مع الأمن الرئاسي التونسي، يُجهّز لخطط من أجل شن حملة ضد حركة النهضة الإسلامية، تفتح الباب للتساؤل حول أسباب إصرار الدكتاتور المنقلب عبدالفتاح السيسي على ملاحقة الإسلاميين في كل مكان، والعمل على استصالهم والقضاء عليهم بأي شكل وطريقة.
وبحسب الموقع البريطاني فإن العقيد علي محمد الفران، من المخابرات المصرية، يخطط لـ"تكرار التجربة المصرية"، بتونس، في إشارةٍ إلى قمع جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد الانقلاب العسكري عام 2013م. فالضابط المصري المكلف بـ"ملف تونس"، كان يتعاون عن قرب مع خالد اليحياوي، المدير العام للأمن الرئاسي ومستشار الرئيس قيس سعيّد. كما أفادت مصادر MEE بأن "الفران"، الذي لعب من قبلُ دوراً بارزاً في العمليات العسكرية بمدينة العريش في شمال سيناء، قد مُنِح صلاحيات غير مقيّدة داخل تونس. وينقل الموقع البريطاني عن مصادر خاصة أن هناك مسؤولين أمنيين مصريين كانوا حاضرين في القصر الرئاسي حين أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد انقلابه في 25 يوليو 2021م؛ حيث أطاح بالحكومة وجمد عمل البرلمان ومنح نفسه صلاحيات فرعونية مطلقة، وقدَّم الضبط المصريون المشورة إلى سعيَّد قبل الانقلاب وأداروا العمليات في وقت وقوعها. كما أكد مصدرٌ للموقع البريطاني في يوليو/2021، أن "السيسي عرض منح قيس سعيّد كلَّ الدعم الذي يحتاجه من أجل الانقلاب، وقد حصل قيس سعيّد على ذلك الدعم. وتم إرسال رجال الجيش والأمن المصريين إلى تونس بدعمٍ كامل من محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي". وتضمن خطة انقلاب قيس سعيد المدعومة مصريا وإماراتيا ما تسمى بالدكتاتورية الدستورية والتي استهدفت منح الرئيس جميع الصلاحيات في الدولة. وكذلك تضمنت حصار معارضيه ووضعهم رهن الإقامة الجبرية، وأن ما جرى ما نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري، ووضعه قيد الإقامة الجبرية ثم اتهامه لاحقاً بجرائم "إرهاب" محتملة، هو محطة من محطات الشروع في تنفيذ الخطط المرسومة من قبل تحت إشراف مصري إماراتي.
اللافت في الأمر هو إصرار السيسي على ملاحقة الإسلاميين في كل مكان، والعمل على سحقهم واستئصالهم والقضاء عليهم كهدف أساسي، لا يستفيد منه على نحو كبير سوى ثلاثة أطراف:
الأول : هم الصهاينة ومن يدعمونهم في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، والذي يعملون على حماية المشروع الإسرائيلي وضمان بقائه واستمراره وتفوقه بل ودمجه في المنطقة ككيان طبيعي وليس كيانا دخيل على جسم الأمة العربية، وهؤلاء يرون في الإسلاميين وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين أكبر تهديد لهذا المشروع.
الثاني: هم الطغاة والمستبدون العرب الذي يرون في الإسلاميين والإخوان أكبر تهديد لبقائهم على رأس هرم السلطة، لأن الإخوان هم أكبر الحركات الإسلامية والشعبية في المنطقة تدعو إلى إقامة نظم حكم رشيد تقوم على مبادئ الإسلام وأبرزها الشوري بما يمنح الشعوب حقها المسلوب في السيادة على بلادها من الألف إلى الياء.
الطرف الثالث: هم المتطرفون العلمانيون الذي يظنون أنه بإضعاف الإخوان والإسلاميين والقضاء عليهم قد يفتح لهم الباب نحو قيادة المنطقة وفق المبادئ والأسس العلمانية. لكن أزمة هؤلاء أنهم دائما ما يعتاشون على التزلف والتمسح بالنظم المستبدة بوصفهم خدما لهم وأبواق تدافع عنهم وعن مصالح الرعاة الدوليين. وإن كان ذلك لا يمنع من وجود علمانيين يؤمنون حقا بالثورة وحق الشعوب في الحرية والعدالة والاستقلال لكنهم قلة.
السيسي بإصراره على ملاحقة الإسلاميين، إنما يمضي عل خطى جده فرعون "رمسيس الثاني" في كل شيء؛ فرمسيسي القديم كان جبارا في الأرض {إن فرعون علا في الأرض}، يستقوي وجنوده على الضعفاء ويستأسد عليهم، ومزق المجتمع المصري القديم تمزيقا (وجعل أهلها شيعا، يستضعف طائفة منهم}، ويرتكب أبشع الجرائم دون خوف من مساءلة أو حساب { يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم، إنه كان من المفسدين}.
كان رمسيس مهووسا بالإنشاءات العمرانية الكبيرة حتى وإن كانت بلا أي جدوى؛ فهو يأمر حكومته بالتنفيذ فورا بمجرد أن تعن له الفكرة دون حتى أن يوضح سببا مقنعا لها {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب، أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا}. والسيسي أهدر ولا يزال يهدر آلاف المليارات على المدن الجديدة وعاصمته الإدارية والقطار الكهربي رغم أن الشعب يئن من الجوع والفقر! وعلى خطى فرعون أيضا، يمضي السيسي في سحق الفقراء والضعفاء دون منحهم أي شيء من حقوقهم الإنسانية البسيطة، فقرارته العشوائية في الاقتصاد سحقت الفقراء سحقا ودمرت قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى وجدوا أنفسهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية من طعام وشراب وسكن بخلاف النفقات العالية المطلوبة في قطاعي التعليم والصحة، ولم يكتف السيسي بذلك بل فرض مئات الرسوم والضرائب ورفع الكهرباء والوقود وجميع الخدمات على نحو بالغ الأذى والتدمير للفقراء والمهمشين ومتوسطى الدخل.
السيسي على خطى فرعون يمضي نحو حتفه وخلفه ضباطه وجنوده، فقد رأى جيش فرعون معجزة شق البحر لموسى عليه السلام ومن معه ورغم ذلك كانت طاعتهم لفرعون عمياء ، فلما أمرهم بملاحقة موسى والمؤمنين معه لم يفكروا ولو للحظة، فهلك وهلكوا جميعا وباتوا عبرة لمن يعتبر، وأورد الله قصتهم في القرآن حتى يعتبر بها الحكام والمحكومون، ونجى الله جثمان فرعون القابع حاليا في المتحف الكبير، لكن السيسي لا يعتبر ويبدو أنه لن يعتبر حتى يرى الهلاك عيانا، وساعتها قد يفعل كما فعل فرعون في لحظاته الأخيرة؛ فيقال له {الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين}. فهل يعتبر قبل فوات الأوان؟!