”الكواحيل” .. أحدث أساليب نهب المصريين والتحايل على القانون
رابطة علماء أهل السنةيكتشف المصريون كل يوم أنهم ضحايا للنصب والنهب والسرقة، ويفاجئون بوسائل وحيل وألاعيب العصابة التي لا تتوقف، فهي تساعد البلطجية والنصابين واللصوص لابتزاز المواطنين والنصب عليهم، وهكذا أصبحت حياة المصريين جحيما لا يطاق .
في هذا السياق ابتكرت العصابة ما يعرف بـ «الكواحيل» لتهريب أصحاب المصالح والبلطجية واللصوص من المساءلة القانونية، وهو ما أدى إلى انتشار هذه الظاهرة في كافة القطاعات، وعقب اختراع دولة العسكر ما يسمى بمصالحات البناء المخالف توصلت العصابة إلى حيلة للتحايل على القانون وتهريب المقاولين، تمثلت فيما يسمى بـ «الكاحول» الذي تُحرر جميع المحاضر الخاصة بمخالفات المباني وسرقة المياه والكهرباء باسمه، ويتستر المخالف الحقيقي خلف هذا الكاحول للتهرب من القانون.
لم تتوقف هذه الظاهرة على مخالفات البناء، بل امتدت إلى المجالات الأخرى، ومن ذلك أصحاب الملاهي الليلية الذين لجأوا إلى نفس الطريق وكذلك أصحاب المطاعم، بل لجأت العصابة إلى «الكواحيل» لتسهيل الاستيلاء على قبور الأهالي وبيعها دون وجه حق.
الكباريهات
أصحاب الملاهي الليلية بدأوا منذ عام 2016، في استخدام «الكاحول» للتهرب من الضرائب وإسقاط المسئولية القانونية في محاضر سرقة الكهرباء.
وفي هذا السياق تم ضبط ، 4 من الملاهي الليلية دون ترخيص، بمنطقتي العجوزة والطالبية بالجيزة، وحررت 3 محاضر «عدم إخطار بتشغيل مضيفات» داخل الملاهي الليلية، و4 محاضر «إدارة منشأة بدون ترخيص» و10 محاضر «مزاولة مهنة دون ترخيص» وحررت المحاضر لشخص واحد، ادعى أنه مالك تلك الملاهي على خلاف الحقيقة، وتبين فيما بعد أن هذا الشخص هو «الكاحول» الذي يتم عمل المحاضر باسمه لتمكين مالك الملاهي الليلية من التهرب من المساءلة القانونية.
المطاعم
وبعد كارثة ضبط مطاعم تستخدم لحوم الحمير وتبيعها للمواطنين على أنها لحوم عجول، لم يجد أصحاب المطاعم المتهمين في تلك القضايا، إلا اللجوء لـ«الكاحول»، حتى يسطر رجال الطب البيطري، المحاضر باسمه للهروب من المساءلة القانونية، وهذا ما حدث في المحضر رقم 3509 لسنة 2020 إداري حلوان، والذي أكد استخدام أحد المطاعم للحوم الحمير، لكن المحضر سطر باسم شخص لا يعرفه أحد، وحكم عليه بالسجن سنتين غيابيا .
كما ظهر كاحول داخل المطاعم السورية ففي يوم 5 فبراير الماضي، بناء على إشارة من إدارة مراقبة الأغذية بمنطقة حلوان الطبية وإدارة الطب البيطري بمدينة حلوان، بالتوجه والتفتيش على مطعم بشارع سيد أحمد تقاطع شارع راغب، وبإجراء التحاليل للعينة الثالثة المسحوبة من صدور فراخ متبلة قامت المعامل المركزية التابعة لصحة الانقلاب بتحليلها فجاءت نتيجتها أنها غيرمطابقة للاستهلاك الآدمي والعينة مغشوشة، وغير صالحة للاستهلاك الآدمي، بجانب إضافة صبغة «sudan1» الغير مصرح باستعمالها.
وتم تحرير مجموعة من المحاضر لشخص يدعى «مصطفى.م.ع.ص»، 32 سنة، مقيم أول المنتزه بالإسكندرية، ادعى أنه مدير المطعم، حيث حررت له جنحة الأطعمة الفاسدة، كما حرر له محضر إدارة دون ترخيص، 4 محاضر أخرى لوجود عمال دون شهادات صحية، ومحضر آخر إشغال طريق، ومحضر بيئة، مع العلم أن هذا الشخص جاء من الإسكندرية إلى حلوان، وطبيعة عمله بالمحل هي إشهار بطاقته لأي حملة تفتيشية تأتي لتحرير المحاضر باسمه.
المقابر
ظاهرة الكواحيل تفشت أيضا في عالم القبور، حيث بدأت عصابات يتزعهما بعض المسئولين عن المقابر عمل حصر شامل لكافة العيون والقبور الموجودة داخل حدود عمله، لتتابع عقب ذلك من يأتي لتلك المقابر ومن يترك مقبرته ولا يذهب إليها.
وتقوم العصابة عقب الانتهاء من عملية الحصر والفرز، بتغيير الأقفال ووضع يدها على تلك المقابر التي لا يزورها أصحابها، ويتم كتابة رقم محمول والإعلان عن بيع المقبرة، ويبدأ أحد أفراد العصابة في ترويج الإعلانات عن وجود مقبرة للبيع، وعندما يأتي المشتري يستعين بـ«الكاحول» الذي يقوم بتحرير عقد البيع باسمه ويشترط أن يكون الكاحول من خارج المحافظة تحسبا لاكتشاف أمره، وبعدها يأخذ الأموال من المشتري ويسلمه المقبرة، وإذا ظهر صاحبها الأصلي يتم عقد جلسة فيما بينهم بحضور مسؤول المقابر الذي يجبر أحد الطرفين على دفع مبلغ للآخر لترك المقبرة محل النزاع.
فساد المحليات
من جانبه أكد المحامي عمر نبوي، المحامي أن هذه الظاهرة انتشرت في كل الأنشطة الآن فبعد العقارات، انتقلت للملاهي الليلية، ومنها إلى المطاعم والكافيهات، مشيرا إلى أن محاربة هذه الظاهرة ليست سهلة.
وقال «نبوي» في تصريحات صحفية : "لابد من القضاء على هذا الفساد، مؤكدا أن القضاء على فساد ضعاف النفوس وفساد المحليات مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة إذا أرادت حكومة الانقلاب".
وأشار إلى أن الكواحيل يفلتون من العقاب لأن هناك من يساندهم، لافتا إلى أن المحاضر كانت تحرر بصورة البطاقة دون متهم، مما ساعد في انتشار الخلل القانوني والذي كان يستغله أصحاب المصالح في الهروب من المساءلة القانونية .
تشريعات مغلظة
وكشف عبد الرحمن سليمان، عضو مجلس نقابة المحامين بحلوان، أن انتشار الجرائم داخل المقابر أصبح بشكل مريب، يجعلنا نضع عددا من العلامات أمام ارتفاع معدل ارتكاب الجرائم داخل القبور، لافتا إلى أن القانون يعاقب المتهم سواء بنبش القبور، أو سرقة المقابر، أو البناء المخالف، حسب نصوص المواد القانونية للعقوبات الخاصة بالسرقات العامة، والبناء المخالف، ولا يوجد قانون رادع لهؤلاء الخارجين عن القانون يحاسبهم على انتهاكهم لحرمة المقابر، حيث إن المادة 160 من قانون العقوبات تنص على أن يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين لمن يقوم بنبش القبور، وهذا القانون يحتاج إلى تغليظ.
وقال «سليمان» في تصريحات صحفية: إنه "في حالة سرقة أبواب المقابر على سبيل المثال يتم الاستناد للمادة «317» من قانون العقوبات والذي ينص على أن السرقة التي تتم للملكيات الخاصة وبالتحديد للأماكن المحاوطة بالأسوار والمملوكة لأشخاص عاديين تكون عقوبتها السجن 3 سنوات".
وأكد أن المشرع لم يضع قانونا خاصا بالانتهاكات التي تتم داخل المقابر، لذلك فإن القضاء يصدر عقوبات بناء على النصوص القانونية، مشددا على ضرورة إعادة النظر في نصوص المواد القانونية الخاصة بنبش القبور، وجرائم انتهاك حرمة المتوفي، وإصدار تشريعات مغلظة ضد المخالفين .