مصر ... كيف نجحت خطة السيسي في بيع التراث المصري للإمارات؟
رابطة علماء أهل السنةحذر خبراء إعلام حكومة الانقلاب من بيع مبنى ماسبيرو أو التصرف فيه، على خلفية تقارير مسربة بشأن اتفاق بين حكومة الانقلاب والحكومة الإماراتية للاستحواذ على مبنى ماسبيرو، وأكد الخبراء أن المبنى تاريخي، ولا يمكن بيعه أو حتى لجهة داخلية لتحويله لمشروع تجاري.
الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة قال في تصريحات سابقة إن "ممتلكات هذا البلد وتاريخه ليست ملكا لأحد، ومن يحكم اليوم لا يحكم غدا، وهذا المبنى ملك لشعب بأكمله وهو الوحيد صاحب القرار، مؤكدا أن بيع المبنى تجارة بالتاريخ".
وأضاف العالم، لا قيمة لأي أموال أمام القيمة الحقيقية للمبنى، محذرا من اتخاذ أي قرارات مصيرية تتعلق بالشعب أو تراثه أو تاريخه.
من جانبه قال الدكتور عدلي رضا، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة في حديث سابق له "من غير المبرر أن نقوم ببيع مبنى لبناء آخر في وقت نحن في أمس الحاجة فيه لتطوير الأداء الإعلامي، بدلا من الانصراف لبناء آخر يتكلف مبالغ طائلة".
بينما قال أسامة هيكل، وزير الإعلام المقال إن "مبررات بيع مبنى، لبناء آخر بديل يتسع للعمالة المتكدسة في ماسبيرو هو كلام فارغ، ولا مبرر له، متسائلا: ما المبرر من بيع مبنى تاريخي ذي ميزة نسبية في وجوده بمنطقة إستراتيجية مهمة لبناء آخر في منطقة صحراوية يصعب الوصول إليها؟
الأغلى في الشرق الأوسط
الكاتب الصحفي قطب العربي قال إن "السيسي على غرار جزيرة الوراق، يقترب من تنفيذ عملية الإخلاء القسري لسكان مثلث ماسبيرو، تمهيدا لتسليمها إلى شركة إعمار الإماراتية".
ويعد مثلث ماسبيرو (بمساحة 47 فدانا) من أهم المناطق الإستراتيجية التي تقع في قلب القاهرة، ويطل على كورنيش النيل، ويلتصق بمبنى وزارة الخارجية، ويجاور القنصلية الإيطالية وأشهر فنادق العاصمة، وبه أكثر من 5 آلاف أسرة يتمسكون بحلم التطوير الذي وعدتهم به الحكومات المتلاحقة؛ خاصة بعد ثورة يناير بعد استحداث وزارة الدولة لتطوير العشوائيات.
وقالت مصادر مطلعة إن "رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة «إعمار»، وقع اتفاقا مع حكومة الانقلاب المصرية، لزيادة استثماراته في مصر خلال الفترة المقبلة، وإنشاء عدد من الأبراج السكنية في مثلث ماسبيرو".
وبحسب صحيفة المصري اليوم، فإن إجمالي مساحة الأراضي المملوكة لشركة «إعمار مصر»، تبلغ قرابة 15.4 مليون متر مربع، تحتل مواقع إستراتيجية.
8 مليارات جنيه
وقدر الخبير المُثمّن يوسف خليل قيمة الأرض فقط، وفقا للبيانات والأرقام الرسمية المتاحة، في حالة كونها أرض فضاء ومع الاستغلال الأمثل للمساحات، بنحو 8 مليارات جنيه، مفصّلة كالتالي:
— القيمة الإجمالية للمساحة المتاح استغلالها من الواجهة المطلة على النيل تبلغ نحو ملياري جنيه، وذلك بناء على تقدير قيمة المتر المربع من الأرض في هذه المنطقة بين ستين وسبعين ألف جنيه في حالة الترخيص بارتفاعات شاهقة “30 طابقا فأكثر.
— القيمة الإجمالية للأراضي المطلة على شارع الجلاء تبلغ نحو ملياري جنيه، بناء على تقدير سعر المتر المربع من الأرض في هذه المنطقة بثلاثين ألف جنيه.
— القيمة الإجمالية للأراضي الواقعة داخل المثلث نفسه تبلغ نحو 4 مليارات جنيه، بناء على تقدير سعر المتر المربع من الأرض في هذه المنطقة بعشرين ألف جنيه.
وأضاف «خليل» أن القيمة البيعية المحتملة للعقارات التي يمكن بناؤها على هذه الأرض، بناء على الخطة التوافقية بين الحكومة والأهالي، والتي تشمل تسكينهم في عمارات جديدة داخل المثلث على مساحة 12 فدانا، لن تقل عن 15 مليار جنيه.
بلطجة رسمية
لمشروع الاستعماري برعاية الإمارات بدأ بنزع ملكية 915 قطعة أرض بمثلث ماسبيرو بوسط القاهرة دون تعويض لائق لأصحابها، معتبرين بأنها بمنزلة "بلطجة" حكومية لخدمة الأجندة الإماراتية التي تقف وراء تطوير مشروع المثلث، وذلك ضمن مساعي الإمارات للسيطرة على القطاعات الحيوية في مصر في ظل نظام الانقلاب.
ويشير المختصون أنه بقرار الحكومة الجديد، فإن مثلث ماسبيرو ينضم لجزر الوراق ومحمد والدهب، التي قام نظام الانقلاب العسكري بنزع ملكيتها لخدمة المستثمرين الإماراتيين، الذين توسعوا في الحصول على المناطق الحيوية بنهر النيل ووسط القاهرة، لإقامة مشروعات سياحية وترفيهية وسلاسل فنادق فارهة.
وكانت الجريدة الرسمية نشرت، قرار رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي بنزع ملكية 915 قطعة بمنطقة مثلث ماسبيرو، التي تقع في المنطقة بين وزارة الخارجية ومبنى الإذاعة والتليفزيون على كورنيش النيل، وتمتد من ميدان عبد المنعم رياض وحتى شارعي الجلاء و26 يوليو بوسط القاهرة، بإجمالي مساحة تقدر بـ 51 فدانا.
وقامت الحكومة بإجلاء ما يقرب من 4100 أسرة، بينما ترفض 200 أسرة ترك منازلها، كما صرفت تعويضات لـ2880 أسرة، بينما نقلت 437 أسرة لحي الأسمرات بمنطقة المقطم.
ورغم أن متر الأرض في هذه المنطقة يتراوح من 25 إلى 100 ألف جنيه، وبإجمالي يصل لـ 120 مليار جنيه، إلا أن الحكومة حددت التعويضات بملبغ 433 مليون جنيه فقط، بواقع 100 ألف عن كل غرفة، أو تملك وحدة سكنية بحي الأسمرات، أو صرف 40 ألف جنيه لاستئجار مسكن بديل لحين انتهاء مشروع التطوير.
نفوذ إماراتي
تأتي هذه التطورات ضمن سلسلة إجراءات كرست النفوذ الإماراتي في مصر، حيث كان نظام الانقلاب المصري تحدث العام قبل الماضي عن بيع منطقة الأهرامات الأثرية بالجيزة، للإمارات لإدارتها لمدة 20 عاما، على أن تقوم بعمليات تطوير وضخ مبلغ 50 مليون دولار.
ودعمت الإمارات نظام السيسي بمساعدات مالية قبل سيطرته على الحكم، ولكن عقب وصوله للسلطة انخفضت تدريجيا، لتباشر بعدها شركاتها عملية استيلاء على نصيب الأسد من الاستثمارات في السوق، بعد أن فتح لها النظام الباب على مصراعيه وشرعن تغلغلها في مفاصل الاقتصاد.
وفي يوليو 2017، كشف السفير الإماراتي بالقاهرة، جمعة الجنيبي، في تصريحات صحفية، أن حجم استثمارات بلاده في السوق المصرية بلغ أكثر من 6.2 مليارات دولار، تُدار من خلال 877 شركة مشتركة.
ووفق معلومات نشرها البنك المركزي المصري، في يونيو 2017، تحتل أبوظبي المرتبة الأولى من حيث أهم الشركاء التجاريين مع القاهرة؛ بحجم تبادل تجاري بلغ في النصف الأول من العام المالي نحو 3 مليارات دولار، منها 1.17 مليار دولار صادرات.
كما أن حجم المشاريع التي استحوذت عليها أبوظبي من خلال شركاتها، خلال السنوات السبع الماضية، تحت عنوان الاستثمار، يجعل أهم مفاصل الاقتصاد المصري تحت سيطرتها.
وفي تقرير للمعهد المصري للدراسات، بعنوان "مستقبل السياسة الإماراتية تجاه مصر"، رصد المعهد العلاقة بين نظام السيسي والإمارات منذ الانقلاب العسكري والأهداف السياسية والاقتصادية التي دفعت الإمارات للإقدام على دعم انقلاب السيسي.
من بين أبرز الأهداف الإماراتية من دعم انقلاب السيسي، جاء في التقرير،السيطرة على مقدرات الاقتصاد المصري، حيث عمدت الإمارات إلى تقديم الدعم الاقتصادي اللا محدود لنظام السيسي من أجل تثبيت أركانه وإحكام السيطرة على البلاد، ثم وضعت خطة للسيطرة على الاقتصاد المصري والتحول من الممول للنظام المصري إلى الشريك في الاقتصاد، بحسب وثائق تم تسريبها.