ديفيد هيرست: بعد الدستور.. هل تكون نقابات تونس هدف سعيد المقبل؟
رابطة علماء أهل السنةوجّه ديفيد هيرست رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي" (Middle East Eye) انتقادا لاذعا للرئيس التونسي قيس سعيّد على خلفية الاستفتاء على دستور البلاد، والذي ظهرت نتائجه الأولية أمس الثلاثاء.
وقال هيرست إن الطريق بات ممهدا لحدوث صدام هائل بين من يصفه بسلطان تونس الجديد (في إشارة إلى الرئيس سعيّد) والنقابات، "التي هي الحركة الجماهيرية المنظمة الوحيدة الأخرى بعد حزب النهضة".
وتابع بأن تونس تتجه الآن نحو الدكتاتورية، وأن سعيّد يعتبر نفسه "سلطانا يستطيع أن يرى ما وراء احتياجات (البلاد) الراهنة، وحاكما مباركا من الله" سبحانه وتعالى.
بل إن السياسيين الذين دعموه قبل عام، ثم تخلى عنهم بعد ذلك، لن يجادلوا في هذا الأمر ناهيك عن النقابات التي وقفت إلى جانبه أو الفقراء، على حد تعبير هيرست في مقاله بالموقع الإخباري البريطاني الذي شارك في تأسيسه.
عودة الدكتاتورية
وأشار الكاتب إلى أن شعبية الرئيس التونسي تراجعت من 80% إلى 22.3%، لافتا إلى أن الشباب أنفسهم ممن كانوا على قناعة تامة بقدرة سعيّد على إجراء تغييرات كبيرة، باتوا منقسمين.
وزعم هيرست أن المعارضة انتشرت على نطاق واسع ضد محاولاته تكريس كل السلطات في يده عبر فرض دستور ينقض كل الضوابط والتوازنات على حكمه بالمراسيم.
ولتمرير الدستور، لجأ قيس سعيّد إلى إقالة لجنة الانتخابات التونسية "التي قامت بعمل جيد في 7 انتخابات سابقة"، ووضع محلها أشخاصا "إمِّعات" يوافقونه الرأي دائما، حسب وصف المقال.
ولفت رئيس تحرير الموقع الإخباري إلى أن سعيّد اتُّهم بانتهاك قانون الانتخابات عندما بث مقطع فيديو على قناة رسمية في يوم الاستفتاء على الدستور، الذي "قاطعته جميع الأحزاب ما عدا حزب واحد، كما لم يكن هناك مراقبون".
وقال إن "نتائج هذا الزيف لن تكون ذات قيمة"، مضيفا أن سعيّد نفسه سيتظاهر بالدهشة من النتيجة، ومستدركا بأن هذا سيكون "ارتدادا" إلى أسوأ سنوات دكتاتورية ما بعد الاستعمار التي رزحت تحت نيرها أفريقيا وأميركا الجنوبية.
ويمضي الكاتب في مقاله ليصف القضاة الذين يقودون حراك مقاومة "الدكتاتورية" في تونس بالشجعان.
استهداف القضاء والنقابات
وكانت نقابة القضاة قد نظمت مؤخرا إضرابا لمدة شهر احتجاجا على إقالة 57 من زملائهم بعد أن اتهمهم سعيّد بالفساد وحماية "الإرهابيين"، لكن معياره لمن يحمي هؤلاء -طبقا لمقال ميدل إيست آي- "فضفاض"، ويقصد به أي قاضٍ يعصي أوامره.
ويكشف هيرست أنه يجري الآن وضع قائمة جديدة بالقضاة "العصاة" -أو ذوي التفكير المستقل- والتي سيتم تضمينها القاضي الذي رفض قضية غسيل الأموال "الملفقة" ضد راشد الغنوشي، رئيس البرلمان السابق ورئيس حزب النهضة.
كما رفض القاضي طلب الادعاء اعتقال الغنوشي، وأطلق سراحه. وعلق رئيس تحرير الموقع على ذلك بالقول إن اعتقال زعيم حركة النهضة كان بمثابة رسالة لكل الأحزاب السياسية بأن لا مجال للتعددية السياسية.
ويردف بأن تونس تمثل قدوة لغيرها وتُظهر إلى أي مدى يعتبر جيرانها الأوروبيون غير مؤهلين ليكونوا نموذجا يُحتذى به ذلك "لأنهم يريدون حقا سحق (ثورات) الربيع العربي".
ويرى الكاتب أن حركة النهضة تزداد قوة، فقد عاد إليها أعضاؤها السابقون، كما أن الغنوشي نفسه على أتم استعداد لقضاء ما كان سيُعد فترة سجن ثالثة له إذ سبق أن سُجن في عهد الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
وبعد إزاحة رئيس حركة النهضة عن طريقه، فإن هدف قيس سعيّد التالي هو النقابات، كما يتكهن ديفيد هيرست في مقاله.
المصدر : ميدل إيست آي