حدود طاعة الزوج
الدكتور عادل الحمد رابطة علماء أهل السنةمن الموضوعات المؤرقة للمرأة في هذا الزمان، موضوع (طاعة الزوج)؛ هل هي واجبة؟ وهل هي مطلقة؟ وهل طاعته تعني إلغاء شخصيتها؟ ولماذا تبنى العلاقة على الطاعة؟ لماذا لا تبنى على التفاهم والحوار المتبادل عوضا عن الطاعة؟
هذه الأسئلة تطرح بين الحين والآخر في مجتمعات النساء أو في المحاضرات الخاصة بالمرأة.
ولعلي في هذا المقال أوضح موضوع (طاعة الزوج) وحدودها من خلال النقاط الآتية:
أولا: الطاعة المطلقة إنما هي لله ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم فقط، لقوله تعالى: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا[[النساء: 59]ولقوله سبحانه: ]وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[[الأنفال: 1]، ولقوله عز وجل: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ[[الأنفال: 20].
فيجب على المسلمة أن تستجيب لأمر الله ورسوله من غير اعتراض إذا ثبت ذلك في كتاب الله أو سنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وقد قال تعالى محذرا من خالف أمر رسوله: [وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا][النساء: 115]، قال ابن كثير رحمه الله: ((أَيْ وَمَنْ سَلَكَ غَيْرَ طَرِيقِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الرَّسُولُ صلّى الله عليه وسلّم، فَصَارَ فِي شِقٍّ، وَالشَّرْعُ فِي شِقٍّ، وَذَلِكَ عَنْ عَمْدٍ منه بعد ما ظَهَرَ لَهُ الْحَقُّ وَتَبَيَّنَ لَهُ وَاتَّضَحَ لَهُ.وَقَوْلُهُ: [وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ] هَذَا مُلَازِمٌ لِلصِّفَةِ الْأُولَى، وَلَكِنْ قَدْ تَكُونُ الْمُخَالَفَةُ لِنَصِّ الشارع، وقد تكون لما اجتمعت عَلَيْهِ الْأُمَّةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ فِيمَا عُلِمَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَيْهِ تَحْقِيقًا، فَإِنَّهُ قَدْ ضُمِنَتْ لَهُمُ الْعِصْمَةُ فِي اجْتِمَاعِهِمْ مِنَ الْخَطَأِ تَشْرِيفًا لَهُمْ وَتَعْظِيمًا لِنَبِيِّهِمْ، وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة في ذلك... وَلِهَذَا تَوَعَّدَ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: [ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً].(تفسير ابن كثير 2/ 365)
ثانيا: طاعة البشر مقيدة في غير معصية الله، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ).رواه البخاري ومسلم. ولقوله صلّى الله عليه وسلّم : (لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ).رواه أحمد.
وقد وقعت قصة لامرأة في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم تدل على هذا المعنى بشكل واضح، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ زَوَّجَتِ ابْنَتَهَا، فَتَمَعَّطَ شَعَرُ رَأْسِهَا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ فِي شَعَرِهَا. فَقَالَ صلّى الله عليه وسلّم: «لاَ، إِنَّهُ قَدْ لُعِنَ الْمُوصِلاَتُ».رواه البخاري ومسلم.
قال ابن الملقن رحمه الله: (فواجب على المرأة أن لا تطيع زوجها في معصية، وكذلك من لزمه طاعة غيره، فلا يجوز طاعته في معصية الله تعالى).(التوضيح لشرح الجامع الصحيح 25/ 44).
فلا يجوز للمرأة أن تطيع زوجها إذا أمرها بمعصية الله.
ثالثا: لا يجوز للرجل التسلط على المرأة وظلمها بحجة أن له حق الطاعة، لقوله تعالى: [ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا] النساء: 34]، قال ابن كثير رحمه الله:((أَيْ: فَإِذَا أَطَاعَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي جَمِيعِ مَا يُرِيدُ مِنْهَا، مِمَّا أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ مِنْهَا، فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ ضربها ولا هجرانها)). (تفسير ابن كثير 1/492). وقال ابن جرير رحمه الله:((يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ ذُو عُلُوٍّ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ , فَلَا تَبْغُوا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَى أَزْوَاجِكُمْ إِذَا أَطَعْنَكُمْ فِيمَا أَلْزَمَهُنَّ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ حَقٍّ سَبِيلًا لِعُلُوِّ أَيْدِيكُمْ عَلَى أَيْدِيهِنِّ، فَإِنَّ اللَّهَ أَعْلَى مِنْكُمْ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَعْلَى مِنْكُمْ عَلَيْهِنَّ، وَأَكْبَرُ مِنْكُمْ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنْتُمْ فِي يَدِهِ وَقَبْضَتِهَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ أَنْ تَظْلِمُوهُنَّ وتَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا وَهُنَّ لَكُمْ مُطِيعَاتٌ، فَيَنْتَصِرُ لَهُنَّ مِنْكُمْ رَبُّكُمُ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مِنْكُمْ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَكْبَرُ مِنْكُمْ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ)). (جامع البيان في تأويل القرآن 4/72).
وقال ابن كثير رحمه الله: ((وَقَوْلُهُ: ]إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا[ تَهْدِيدٌ لِلرِّجَالِ إِذَا بَغَوْا عَلَى النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، فَإِنَّ اللَّهَ الْعَلِيَّ الْكَبِيرَ وَلِيُّهُنَّ وَهُوَ مُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُنَّ وَبَغَى عَلَيْهِنَّ)). (تفسير القرآن العظيم 1/492)
فهل ترضى المرأة بدفاع الله عنها، وانتصاره لها، وتوقن أن الله عز وجل حكم عدل، فتطيع زوجها في غير معصية، ويطمئن قلبها لهذا الحكم، وتسلم له تسليما؟!
رابعا: مصطلح (طاعة الزوج) ليس من وضع الناس، وإنما هو من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم نصًا، وخاطب به المرأة على وجه الخصوص، فقال صلّى الله عليه وسلّم: ((إذا صَلَّتِ المَرْأَةُ خَمْسَها، وصَامَتْ شَهْرَها، وحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وأطَاعَتْ بَعْلَهَا، دَخَلَتْ مِنْ أيِّ أبوابِ الجَنَّةِ شَاءَتْ)).(رواه ابن حبان). فقرن النبي صلّى الله عليه وسلّم بين طاعة الزوج بثلاثة أمور عظيمة في الإسلام؛ الصلاة، والصيام، والعفة، مما يدل على عظمة موضوع (طاعة الزوج) في الشريعة الإسلامية.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟ قَالَ: "الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ، وَلا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ ".(رواه النسائي). وفي رواية لابن جرير الطبري: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:"خير النساء امرأةٌ إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك". ثم قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ][النساء: 34].
أما الأحاديث التي وردت بألفاظ أخرى وبعبارات متنوعة وتدل على وجوب طاعته فهي كثيرة، ومن أرادت فعلا أن تعرف الحق في هذه المسألة فلتقرأها في كتب السنة النبوية.
فما هو موقف المرأة من هذه الأحاديث الموجهة لها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟
قبل أن أذكر مواقف النساء من هذه الأحاديث، أذكر نفسي وإخواني وأخواتي بقوله تعالى: [فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا][النساء: 65]، قال ابن كثير رحمه الله: ((يُقْسِمُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ الْمُقَدَّسَةِ، أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ أَحَدٌ حَتَّى يُحَكِّمَ الرَّسُولَ صلّى الله عليه وسلّم فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، فَمَا حَكَمَ بِهِ فَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي يَجِبُ الِانْقِيَادُ لَهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَلِهَذَا قَالَ [ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً] أَيْ: إِذَا حَكَّمُوكَ يُطِيعُونَكَ فِي بَوَاطِنِهِمْ، فَلَا يَجِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا حَكَمْتَ بِهِ، وَيَنْقَادُونَ لَهُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، فَيُسَلِّمُونَ لِذَلِكَ تَسْلِيمًا كُلِّيًّا مِنْ غَيْرِ مُمَانِعَةٍ، وَلَا مُدَافِعَةٍ، وَلَا مُنَازِعَةٍ)).(تفسير ابن كثير 2/ 306)
بعد ذلك نستعرض بعض مواقف النساء من هذه الأحاديث:
الموقف الأول: موقف المرأة التي تسلم التسليم المطلق لكلام رسول الله، وتمتثل له قولا وعملا، وتفهم هذه الأحاديث كما فهما الرعيل الأول من الصحابيات، وما اتفق على معناه عموم علماء المسلمين عبر التاريخ. فهذه المؤمنة التي نرجو لها الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.
الموقف الثاني: موقف التي ينتابها الضيق النفسي عند سماع هذه الأحاديث،أو التي تبين عظم مكانة الرجل، فلا تتقبلها، وتعتبر أنها أحاديث في صالح الرجل وضد المرأة، فهذه وجدت حرجا في نفسها مما قضاه النبي صلّى الله عليه وسلّم وحدّث به، ولو لم تظهره للناس.
الموقف الثالث: موقف المعارضة لهذه الأحاديث، التي لا تتقبل مصطلح (طاعة الزوج) وترفضه تمامًا، أو التي تريد أن تستبدل هذا العبارة بعبارات أخرى، مثل: (الحوار، والتفاهم مع الزوج) لأنها ترى أن مفهوم (طاعة الزوج) يعني العبودية للزوج، وأنه يتعارض مع التفاهم والحوار.
وهذه تحتاج إلى بيان عدة أمور:
أولها: أن عبارة ( طاعة الزوج) ثبتت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في الحديث، وكل ما قاله النبي صلّى الله عليه وسلّم فهو حق لفظا، ومعنى، ولا يجوز الاعتراض عليه، قال ابن تيمية رحمه الله: (الألفاظ نوعان: لفظ ورد في الكتاب والسنة أوالإجماع، فهذا اللفظ يجب القول بموجبه، سواء فهمنا معناه، أو لم نفهمه، لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لا يقول إلا حقاً والأمة لا تجتمع على ضلالة).(مجموع الفتاوى 5/298)
ثانيها: أن طاعة الزوج لا تتعارض مع التفاهم والحوار حتى تستبدل، لأنه حتى بعد الحوار والتفاهم سيحسم الأمر بقرار من الزوج إما موافق لرأي المرأة أو معارض، فإن كانت لا ترضى بالاستجابة للقرار إلا إذا وافق رأيها، فهذا عناد ظاهر، وهي بهذه الحال تكون قد قلبت الموضوع فأصبح الرجل ملزما بطاعة المرأة والسير على رأيها، وهذا هو عين ما تنكره المرأة على موضوع (طاعة الزوج).
وإن كانت ستستجيب لزوجها ولو خالف هواها؛ لأن الحياة الزوجية لابد من قائد يتخذ القرار بعد الحوار والتفاهم، فقد وافقت الفطرة.
وإن قالت بعد الحوار والتفاهم: كل يفعل بما رأى، فما قيمة التفاهم والحوار إذن!
وترجع أسباب هذه المشكلة عند هذا النوع من النساء إلى عدة أمور منها:
- النموذج التطبيقي الذي ابتليت به في حياتها؛ من زوج، أو أب، أو أخ، ثم حملت سوء تصرفاتهم على الإسلام.
- العادات والتقاليد التي تحتقر المرأة وتنتقص من قيمتها، وربط هذه العادات بالإسلام، أو إضفاء الشرعية عليها بتحريف النصوص الشرعية أو الاستدلال بها في غير محلها.
- صمت بعض العلماء والدعاة والمصلحين في بعض المجتمعات عن المظالم التي تتعرض لها المرأة من قبل أوليائها، مما يحملها على رفض قبول أقوالهم أو نصائحهم ولو كانت حقا.
- الأفكار الغربية التي تبثها حكومات المسلمين ليلا ونهارا، امتثالا للاتفاقيات الأممية التي تحارب الإسلام في قضايا المرأة والأسرة والطفل.
وغيرها من الأسباب.
ولو أن المرأة عُلمت الأحكام الشرعية من مصادرها؛ من كتب العلماء، ومن النماذج التطبيقية لهذه الأحكام؛ من جيل الصحابة والصحابيات، لما وقعت في هذا الإشكال.
ثالثها: إن الله عزو جل أنزل القرآن ليرفع به الاختلاف بين الناس، فقال تعالى: [كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] [البقرة: 213]، وقال تعالى: [ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ] [النحل: 64]، وقال: [وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ] [الشورى: 10]، وقال : [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا[[النساء: 59].
فهل تقبل المرأة المعارضة لمفهوم (طاعة الزوج) أن يكون الحكم والمرجع في معرفة الحق هو كلام الله وكلام رسوله، أم لا؟
فإن قبلت فهي موفقة، وستصل إلى الحق إن عاجلا أو آجلا. وإن رفضت وأبت فنذكرها بقوله تعالى: [ لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (46) وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ] [النور: 46 - 52].
وخلاصة القول أن طاعة الزوج أمر شرعي، نص عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وهي الفطرة التي فطرت عليها عموم النساء، ولكن هذه الطاعة مقيدة بالمعروف الذي يرتضيه الله، أما الطاعة في المعصية فهي محرمة. ولا يجوز للزوج أن يتسلط على المرأة بحجة وجوب طاعته، فإن الله له بالمرصاد إن فعل ذلك.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.