الجمعة 22 نوفمبر 2024 03:52 صـ 20 جمادى أول 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    تقارير

    ليبيا.. محادثات سلام متعددة وحفتر يحشد مليشياته ( تقرير )

    رابطة علماء أهل السنة

    في أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، توشك ليبيا على دخول مرحلة حاسمة لحل أزمتها المتشعبة، بالنظر إلى حدثين مهمين، الأول هو احتمال تسليم فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، السلطة التنفيذية لقيادة جديدة، والثاني هو انتهاء مهمة ستيفاني وليامز، الرئيسة بالإنابة لبعثة الأمم المتحدة في البلد العربي الغني بالنفط.

    بين هذين الحدثين، يعج أكتوبر بمبادرات تجمع أطراف الأزمة الليبية، على غرار الجولة الثانية الراهنة من مشاورات مدينة بوزنيقة المغربية، التي من المنتظر أن تحسم مسألة التعيينات في المناصب السيادية السبعة، رغم الجدل بشأن إصرار أنصار الجنرال الانقلابي، خليفة حفتر، على الاستئثار بمنصب محافظ البنك المركزي.

    كما سيُعقد ما يمكن تسميته "مؤتمر برلين2"، عبر التواصل المرئي الإثنين، برعاية ألمانيا والأمم المتحدة، وبمشاركة وزراء وممثلين عن الدول والمنظمات الدولية والإقليمية نفسها التي حضرت مؤتمر برلين، في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار القائم منذ 21 أغسطس/ آب الماضي.

    ولـ"أسباب لوجيستية"، بينها استخراج تأشيرات الدخول، فإن اجتماع لجنة الحوار السياسي، المزمع عقده في جنيف منتصف الشهر الجاري، قد يُعقد في جزيرة جربة التونسية، برعاية الأمم المتحدة، وبمشاركة أطراف من غربي وشرقي ليبيا.

    ومن المنتظر أن يحسم هذا الاجتماع قضية اختيار خليفة للسراج، بالإضافة إلى نائبي رئيس المجلس الرئاسي، ورئيس الحكومة.

    وتحاول مصر، المتهمة بدعم حفتر، أن تلعب دورا في تشكيل المشهد الجديد في جارتها الغربية ليبيا، عبر احتضانها محادثات عسكرية ليبية لضباط من المنطقتين الشرقية والغربية، نهاية سبتمبر/أيلول الجاري، والتي تمهد لعقد اجتماع لجنة 5+5 العسكرية في جنيف.

    ** أجواء "ملغومة"

    تجرى مشاورات بوزنيقة في أجواء مشحونة وملغومة، خاصة بعد رفض مجلس النواب في العاصمة طرابلس تهميشه في هذه المحادثات، رغم أنه يضم أغلبية النواب (أكثر من 80 نائبا من إجمالي 188)، مقارنة بمجلس النواب في مدينة طبرق (شرق)، برئاسة عقيلة صالح (نحو 26 نائبا)، والموالي لحفتر، قائد مليشيات الشرق.

    وفضل المجلس الأعلى للدولة الليبي (نيابي استشاري مقره طرابلس) إرسال وفد إلى المغرب، للتشاور مع وفد من برلمان طبرق، من دون أن يكون لبرلمان طرابلس أي دور مباشر في المحادثات.

    كما عبر قادة عسكريون كبار تابعين للحكومة الليبية الشرعية عن رفضهم لما وصفوه بتقاسم المناصب بين برلمان طبرق والمجلس الأعلى للدولة.

    وانتقدت غرفة عمليات سرت- الجفرة العسكرية المشاورات بشأن ما أسمته تقاسم المناصب، وأصرت على أن "تبقى طرابلس عاصمة لليبيا"، بدلا من نقل مقرات السيادة مؤقتا إلى مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)، كما رفضت "الحكومات الانتقالية"، ودعت إلى الاستفتاء على الدستور وتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية مباشرة.

    وتدعو أطراف نافذة في الغرب الليبي إلى إنهاء المراحل الانتقالية، التي يدعو إليها عقيلة صالح.

    ومن بين هذه الأطراف السراج، إذ سبق وأن دعا إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية في مارس/آذار 2021، لكنه رضخ للأمر الواقع الذي يسعى عقيلة لفرضه على الجميع، من خلال تقاسم المناصب السيادية على أساس مناطقي.

    وكذلك الأمر بالنسبة لخالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، حيث كان أكثر المتحمسين لتنظيم استفتاء على الدستور في أقرب وقت، لكنه تنازل للتمسك بآخر أمل لتحقيق السلام.

    لكن القيادات العسكرية في المنطقة الغربية ترفض التنازل لرئيس برلمان طبرق، الذي "لا يملك سلطة على الأرض، وإنما يملكها حفتر"، على حد قول وزير الدفاع الليبي، صلاح الدين النمروش.

    ويسعى عقيلة إلى اقتسام السلطة مع الغرب باسم المنطقتين الشرقية والغربية، من دون أن يملك ما يمكن أن يقدمه لقادة المنطقة الغربية وللاستقرار في البلاد.

    فحفتر مسيطر بالكامل على إقليم برقة (شرق) وبدرجة أقل على إقليم فزان (جنوب)، ومليشياته لا تستمع لأوامر عقيلة، سواء تلك المتعلقة بوقف إطلاق النار أو إنهاء إغلاق حقول وموانىء النفط.

    كما أن كثرة المبادرات قد يؤدي إلى تصادمها، مثلما هو الأمر بالنسبة لمشاورات جنيف التي تقودها الأمم المتحدة لاختيار مجلس رئاسي جديد ورئيس حكومة، والتي تتقاطع مع مشاورات بوزنيقة، التي لا تعد المنظمة الدولية طرفا فيها.

    ما يعني أن كل منهما تشوش على الأخرى، فضلا عن تنافس بين دول شمال أفريقيا (المغرب ومصر والجزائر وتونس) لاحتضان المشاورات الرئيسية لحل الأزمة الليبية.

    ** تحركات "مشبوهة"

    في ظل هذا الزخم الدولي الذي يحاول التوصل إلى اتفاق جديد، بديل عن اتفاق الصخيرات الموقع في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، حذر الجيش الليبي من تحركات "مشبوهة جدا" لمليشيات حفتر في سرت (250 كلم شرق مصراتة) وجنوب بلدة الشويرف (400 كلم جنوب طرابلس).

    وتحدث مدير إدارة التوجية المعنوي في الجيش الليبي، ناصر القايد، عن طائرة روسية تحمل مرتزقة سوريين تابعين لنظام بشار الأسد، هبطت في مطار القرضابية (بسرت).

    وأضاف أن مرتزقة من "الجنجويد" السودانيين وآخرين تابعين لشركة "فاغنر" الروسية يتحركون، بقيادة المبروك السحبان، نحو الشويرف (الخاصرة الجنوبية لإقليم طرابلس).

    فيما أجرى الجيش الليبي مناورات عسكرية بالدبابات والذخائر الحية، استعدادا لأي هجوم محتمل لمليشيات حفتر.

    هذا الوضع يذكرنا بعام 2019، عندما كانت الأمم المتحدة تحضر لعقد مؤتمر حوار جامع لليبيين، في 14 أبريل/نيسان من ذلك العام، وقبل 10 أيام من هذا التاريخ هاجمت مليشيات حفتر العاصمة طرابلس (غرب)، مقر الحكومة، بشكل مباغت، ما نسف شهورا من التحضيرات الأممية لهذا المؤتمر.

    وغير مستبعد أن يُقدم حفتر على مغامرة جديدة لاستهداف مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) من الغرب، والعاصمة من الجنوب، خاصة وأن الدعم العسكري الأجنبي له بالأسلحة والمرتزقة لم يتوقف منذ هزيمته بطرابلس، في يونيو/حزيران الماضي.

    وربما يكون حفتر اقترب من استكمال تحشيداته لبدء هجوم جديد، خاصة وأن أغلب القادة السياسيين والعسكريين في المنطقة الغربية يرفضون أي دور مستقبلي له في قيادة البلاد بعدما أجهض كل فرص السلام وارتكب الكثير من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

    لذلك قد لا يملك حفتر خيارات كثيرة للبقاء في المشهد السياسي إلا عبر إشعال حرب جديدة، لتجنب إنهاء دوره في ليبيا بجرة قلم.. فهل يملك المجتمع الدولي القدرة والرغبة في ردعه؟

    المصدر : الأناضول

    ليبيا السراج حفتر طرابلس سرت المرتزقة محادثات سلام

    تقارير