5 أسئلة تلخص ما يحدث شرقي المتوسط (تقرير)
رابطة علماء أهل السنةتعمل اليونان على فرض شروط مسبقة من دون الجلوس إلى طاولة المفاوضات، رغم دعوات تركيا المتكررة إلى الحوار حول منطقة شرقي البحر المتوسط.
وتسعى أثينا إلى جلب وإقحام أطراف فاعلة في شرقي المتوسط لا تنتمي للمنطقة، مثل فرنسا، واتخاذ خطوات من شأنها زيادة التوتر، بدل إقامة حوار مباشر مع أنقرة لحل الأزمة.
وعبر خمسة أسئلة، يسلط مراسل الأناضول الضوء على خلفيات التوتر شرقي المتوسط، وأسباب رفض اليونان الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع تركيا، وما وراء الموقف الفرنسي الذي يزيد التوتر في المنطقة، إضافة إلى نظرة الفاعلين الدوليين تجاه الأزمة.
1- كيف اشتعل التوتر شرقي المتوسط؟
اشتعل الفتيل أول مرة عندما أبرم الجانب القبرصي الجنوبي اتفاقات دولية لاستثمار الثروات الطبيعية حول جزيرة قبرص، متجاهلا الحقوق القانونية والشرعية للجانب التركي في الشطر الشمالي من الجزيرة.
وشرعت شركات غربية، بدعم من حكوماتها، بالمشاركة في عمليات واسعة للتنقيب عن الغاز الطبيعي، إلى جانب الشركات اليونانية.
وأكدت تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية، مرارا وتكرارا ولسنوات طويلة، ضرورة استثمار الثروات الباطنية حول الجزيرة، بعد إيجاد حل عادل ودائم للقضية القبرصية.
ومع اكتشاف حقول للطاقة الهيدروكربونية شرقي المتوسط، اتجهت دول المنطقة، التي أرادت الحصول على حصص من هذه الثروات، إلى عقد اتفاقات تتعلق بإقامة مناطق اقتصادية خالصة.
وجهت تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية تحذيرات إلى الجانب القبرصي الجنوبي، بعد توقيعه اتفاقات حول مناطق اقتصادية خالصة، مع مصر عام 2003، ولبنان 2007، وإسرائيل 2010، أضرت بالمصالح التركية والقبرصية الشمالية.
واصلت الإدارة القبرصية اليونانية والشركات الغربية أعمالها في المنطقة، رغم استمرار الإضرار بالمصالح التركية والقبرصية الشمالية.
سعت كل من مصر واليونان والإدارة القبرصية الجنوبية وإسرائيل إلى تحييد كل من تركيا ولبنان وليبيا، من خلال تأسيس منتدى غاز شرقي المتوسط في القاهرة.
قدمت جمهورية شمال قبرص التركية وتركيا، في إطار مبادرة حسن نية عبر الأمم المتحدة، مقترحا لتأسيس لجنة مشتركة من الجانبين القبرصي الجنوبي والتركي، لإجراء الدراسات اللازمة المتعلقة بالموارد الهيدروكربونية حول الجزيرة.
وهو ما يتيح إيجاد صيغة جديدة للاستثمار السلس للموارد في إطار التوافق المتبادل، حتى يتم التوصل إلى حل عادل ودائم في الجزيرة.
إلا أن الإدارتين القبرصية الجنوبية واليونانية لم تظهرا أي انفتاح على التعاون مع الجانب القبرصي التركي، بعد حصولهما على دعم من الاتحاد الأوروبي في هذا الإطار.
2- لماذا يصر الجانب اليوناني على ما تعرف بـ "خريطة إشبيلية"؟
تستخدم اليونان وقبرص الجنوبية ما تسمى "خريطة إشبيلية"، إحدى الأدوات الرئيسية لتحقيق أحلام الطرفين في "عزل" تركيا بمنطقة ضيقة شرقي المتوسط.
وتعرف باسم "خريطة إشبيلية"، بسبب وضعها من جانب أستاذ الجغرافيا البحرية والبشرية في جامعة إشبيلية بإسبانيا، خوان لويس سواريز دي فيفيرو.
وفي هذه الخريطة، زعم "دي فيفيرو" أن حدود المنطقة التي ادعت اليونان أنها الجرف القاري التابع لها في بحر إيجة والمتوسط، وكذلك المنطقة الاقتصادية الخالصة التي أعلنتها الإدارة القبرصية الجنوبية عام 2004، تشكلان الحدود الرسمية للاتحاد الأوروبي.
وتدعي الخريطة أن حدود اليونان (التي هي حدود الاتحاد الأوروبي) وجرفها القاري يبدأ من جزيرة "ميس" اليونانية جنوبا إلى أنطاليا التركية.
وترفض تركيا هذه الخريطة، لأن مساحة جزيرة "ميس" تبلغ 10 كيلومترات مربعة، ولا تبعد سوى كيلومترين عن منطقة الأناضول (آسيا الصغرى) التركية، فيما تبعد عن بر اليونان الرئيسي نحو 580 كيلومترا، وتمنح اليونان مساحة عرضها 40 ألف كيلومتر مربع من الجرف القاري، وهذا الوضع يخالف أطروحات وقواعد القانون الدولي.
3- لمَ تصم اليونان أذنها عن دعوات تركيا إلى الحوار؟
تعتبر اليونان أن الجزر الصغيرة والصخور البحرية التي تمتلكها لها نفس الصفة القانونية للبر الرئيسي من ناحية احتساب الجرف القاري. وهذه نظرة ليس لها سند ولا نظير في القانون الدولي.
فالقانون الدولي لم يمنح الجزر صفة البر الرئيسي في احتساب مساحة الجرف القاري وتحديد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، كما أن القاعدة الأساسية في كل من القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار هي مبدأ "المشاركة العادلة".
ووفق هذا المبدأ، يمكن إعطاء مساحة أقل من الجرف القاري أو المنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر مقارنة بالبر الرئيسي، كما يتم أخذ عوامل عديدة بالحسبان، مثل حجم الجزر وطول واجهتها البحرية وموقعها ومدى بُعدها عن البر الرئيسي.
أثينا، التي تعلم تفاصيل هذه المسوغات القانونية، تخشى الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع تركيا، وتشترط أن توقف أنقرة أنشطتها المتعلقة بالتنقيب شرقي المتوسط.
4- لماذا تقدم فرنسا الدعم لليونان شرقي المتوسط؟
نظرا لكونها جهة فاعلة من خارج المنطقة، تعمل فرنسا على "لعب دور" شرقي المتوسط، من خلال استغلال الأزمة الراهنة والسعي إلى تعطيل جهود الوساطة الألمانية.
اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منطقة شرقي المتوسط "خطا أحمر"، وعمل على زيادة أنشطة التدريبات العسكرية في المنطقة مع اليونان، ومهاجة تركيا من خلال استهداف الرئيس رجب طيب أردوغان، عبر تصريحات يهدف من خلالها إلى تأجيج التوتر وصب الزيت على النار في المنطقة.
ومن خلال دعمه لأثينا و"تشجيعها" على زيادة إنفاقها العسكري، يستعد ماكرون لجني الثمار الأولى لموقفه الذي "حوّل الأزمة إلى فرصة"، من خلال بيع اليونان 18 طائرة حربية من طراز "رافال".
5- ما موقف الجهات الدولية الأخرى؟
من الواضح أن دول الاتحاد الأوروبي غير قادرة على تحديد سياسة مشتركة ضد الموقف غير القانوني لليونان في المنطقة.
رغم أن الدول الأوروبية تبعث برسائل "دعم" لليونان والإدارة القبرصية الجنوبية، تحت اسم "تضامن الاتحاد الأوروبي"، إلا أن دولا عديدة تؤكد ضرورة حل المشكلات الثنائية بالحوار.
وتعد إيطاليا وإسبانيا من بين الدول الرائدة، التي لا تزال تحض على الحوار، وعدم اللجوء إلى خيار "العقوبات"، التي دعت إليها اليونان والإدارة القبرصية الجنوبية.
فيما تركت الولايات المتحدة المنطقة لعهدة الفرنسيين، مفضلة الوقوف على مسافة بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، أي تركيا واليونان.
كما دأبت الإدارة الأمريكية مؤخرا على انتهاج "الدبلوماسية" لحل الخلافات، ولكن يبدو أن قضايا السياسة الداخلية في الولايات المتحدة، تمنع واشنطن من وضع ثقلها في هذه الأزمة.
المصدر : الأناضول