تونس ... القضاة يبحثون الرد على قرار سعيد بحل مجلسهم
رابطة علماء أهل السنةحذر اتحاد القضاة الإداريين في تونس، الرئيس قيس سعيّد، من أي مساس بمؤسسات الدولة، وبمقومات استقلال السلطة القضائية، ومن جانب آخر أفاد رئيس المجلس الأعلى للقضاء، يوسف بوزاخر، بأنه "تلقى اتصالا من الجهات الأمنية المختصة بوزارة الداخلية والنيابة العمومية حول وجود مخطط لاستهدافه".
يأتي ذلك في وقت قالت جمعية القضاة الشبان إنها ستقترح إغلاق المحاكم "وليحكم قيس سعيد بالطريقة التي يحب".
وعبّر بيان أصدره اتحاد القضاة، ظهر اليوم الاثنين، عن استهجانه مما وصفها بمحاولات الرئيس المتكررة للتحريض على القضاة، بقصد التأثير على الرأي العام وإيهامه بأن حل المجلس الأعلى للقضاء مطلب شعبي بهدف وضع يده على السلطة القضائية.
ودعا البيان سعيد إلى الكف عن "هرسلة" القضاة وتشويههم، وإلى احترام السلطة التي ينتمون إليها مع ما يفرضه ذلك من عدم تدخل في شؤون القضاء بأي شكل من الأشكال.
تحذير ومخاطر
وأوضح بيان اتحاد القضاة الإداريين أن مشاكل القضاء تتجاوز المجلس، وأن الوضع الذي آلت إليه السلطة القضائية اليوم نتاج منظومة سياسية رافضة لإصلاح القضاء وللاستثمار فيه.
كما حذّر الاتحاد من خطورة ما أسماه استئثار الرئيس بجميع السلطات، وتداعيات ذلك على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
كان سعيّد أعلن في ساعة مبكرة من صباح أمس، خلال اجتماع بوزارة الداخلية، أنه قرر حل المجلس الأعلى للقضاء معتبرا أنه أصبح من الماضي، في خطوة مثيرة تعزز المخاوف بشأن استقلال القضاء.
وقال الرئيس إنه سيصدر مرسوما مؤقتا للمجلس. ويأتي قرار الحل بعد انتقاداته اللاذعة على مدى أشهر للقضاة، إذ ردد كثيرا أنه لن يسمح بأن تكون هناك دولة للقضاء بل هناك قضاء الدولة.
وانتقد كثيرا ما سماه تأخر القضاء في إصدار الأحكام في قضايا الفساد والإرهاب، قائلا إن هناك فسادا وإنه مصر على إصلاح القضاء.
إغلاق وتنديد
وفي وقت سابق اليوم، قامت قوات الأمن بإغلاق مقر المجلس الأعلى للقضاء، في إجراء ندد به رئيسه باعتباره "غير قانوني".
وقال بوزاخر "قوات الأمن منعت الولوج إلى مقر المجلس الأعلى للقضاء".
وأضاف "لا نعرف مصدر هذه التعليمات ولكن نعرف أنها غير شرعية ولا تستند إلى مسوغ قانوني" مشيرا إلى أن "هذا يدل على أننا بلغنا مرحلة استيلاء السلطة التنفيذية على مؤسسات الدولة باستخدام القوة".
وحذر رئيس المجلس الأعلى للقضاء من أنها "مرحلة خطرة على القضاء والحقوق والحريات" مؤكدا أن المجلس "سيواصل ممارسة مهامه".
وفي سياق متصل، أفاد بوزاخر بأنه تلقى اتصالا من الجهات الأمنية المختصة بوزارة الداخلية والنيابة العمومية حول وجود مخطط لاستهدافه.
وأضاف في تصريح اليوم لوكالة "تونس أفريقيا للأنباء" أنه قد تم عرض توفير الحماية الأمنية له، وتم إدراجه بالقاعدة الأمنية.
بدوره، أعلن رئيس جمعية القضاة، أنس الحمايدي، انطلاق مشاورات بين الهيئات القضائية، لاتخاذ ما سمّاها الخطوات النضالية اللازمة لحماية المرفق القضائي وحرمة المحاكم.
وحذر الحمايدي، في حديث إذاعي، من تهديدات تطول القضاة، لا سيما بعد خطاب الرئيس سعيد.
مواقف وتمسّك
في الاتجاه نفسه، أصدرت جمعية القاضيات بيانا عبرت فيه عن تمسكها بالمجلس الأعلى للقضاء بوصفه مؤسسة دستورية وإحدى ركائز الدولة، وأكدت أن كل مساس باستقلالية السلطة القضائية يعد إنكارا للمبادئ الدستورية.
ووصفت جمعية القاضيات خطاب الرئيس سعيد بأنه محاولة لتركيع القضاة واستضعاف السلطة القضائية.
أما جمعية القضاة الشبان فقد قالت إنه لا وجود لفساد داخل المجلس الأعلى للقضاء، وتحدّت سعيد بنشر أي ملفات فساد، مقترحة إغلاق المحاكم.
وقال عميد الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بودربالة إنه ينتظر صدور مرسوم رئيس الجمهورية بشأن حل مجلس القضاء ليتفاعل معه.
وأضاف أنه سيتم التعامل مع القرار بإيجابية، مذكّرا بأن عمادة المحامين كانت طالبت بإعادة النظر في هيكلة هذا المجلس على أسس صحيحة، لا على أساس ما سمّاها محاصصات حزبية.
رفض وتنديد
بدوره أعلن البرلمان، المُجمدة اختصاصاته، رفضه للخطوة التي يعتزم سعيد اتخاذها، مشددا على أن أي إصلاح (للقضاء) له أسسه الدستورية وشروطه القانونية.
وقالت رئاسة البرلمان، في بيان، إنها تتابع الإساءة المتواصلة منذ أشهر من قبل سعيد في حق المجلس الأعلى للقضاء، وما صحب ذلك من تحريض متواتر على القضاة.
هذا وقد نددت أحزاب "التيار الديمقراطي" و"الجمهوري" و"التكتل" و"ائتلاف الكرامة" بإعلان سعيّد، ورأت فيه خطوة لتقويض استقلالية القضاء وإخضاعه للسلطة التنفيذية.
والمجلس الأعلى للقضاء مؤسسة دستورية تتمتع بالاستقلال، ومن صلاحياتها حسن سير القضاء وضمان استقلاليته، فضلا عن تأديب القضاة ومنحهم الترقيات المهنية.
أزمة وانتقادات
ويواجه سعيّد انتقادات واسعة بأنه فرض حكما فرديا مستبدا بعد أن جمع كل السلطة في يده، ورفض الحوار مع الأحزاب.
ومنذ 25 يوليو/تموز الماضي تشهد البلاد أزمة سياسية حين بدأ سعيّد اتخاذ إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان، إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، إصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، إقالة الحكومة وتعيين أخرى جديدة.
وترفض أغلب القوى السياسية إجراءات الرئيس الاستثنائية، وتعدّها "انقلابا على الدستور" في حين تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحا لمسار ثورة 2011″ في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية كجائحة كورونا.
المصدر : الجزيرة