تحقيق أممي يطالب بمحاكمة قائد الجيش البورمي بتهمة ارتكاب ”إبادة”
رابطة علماء أهل السنة
دعا محققون من الأمم المتحدة الاثنين قائد الجيش البورمي إلى الاستقالة وإلى ملاحقته مع خمسة قادة عسكريين آخرين أمام القضاء الدولي بتهم تتضمن ارتكاب جرائم "إبادة" بحق أقلية الروهينغا المسلمة.
ودفعت الدعوة موقع فيسبوك الذي تعرض إلى انتقادات لسماحه بانتشار خطاب الكراهية بحق الروهينغا، إلى حظر قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ وحذف صفحات أخرى مرتبطة بمؤسسة البلاد العسكرية.
وفر نحو 700 ألف من الروهينغا من ولاية راخين الشمالية إلى بنغلادش بعدما أطلقت بورما حملة أمنية عنيفة في آب/اغسطس العام الماضي ضد مجموعات متمردة ضمن الأقلية وسط تقارير تحدثت عن وقوع عمليات حرق وقتل واغتصاب بأيدي الجنود الحكوميين وعصابات في البلد الذي يشكل البوذيون غالبية سكانه.
ونفت السلطات البورمية بشدة الاتهامات لها بالتطهير العرقي مصرة على أن ما قامت به هو مجرد رد على الهجمات التي شنها متمردون من الروهينغا.
لكن بعثة تقصي حقائق تابعة للأمم المتحدة أكدت الاثنين أنه "يجب التحقيق بشأن كبار جنرالات الجيش البورمي، بمن فيهم القائد الأعلى للجيش وكبير الجنرالات مين أونغ هلينغ، وملاحقتهم قضائيا بتهم الإبادة الجماعية شمال ولاية راخين".
- "غير متكافئة" -
ودعت البعثة إلى التحقيق بشأن المسؤولين ومقاضاتهم كذلك بتهم ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب " ضد الروهينغا في راخين وضد أقليات أخرى في شمال ولايتي كاشين وشان.
واعتبرت أن تكتيكات الجيش البورمي كانت "غير متكافئة بشكل كبير مع التهديدات الأمنية الفعلية".
وفي تصريحات أدلى بها إلى الصحافيين في جنيف، أصر رئيس البعثة مرزوقي داروسمان على أن "الطريقة الوحيدة لتحقيق تقدم هي الدعوة إلى استقالة (مين أونغ هلينغ) وتنحيه فورا".
وتوصلت البعثة التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في آذار/مارس 2017 في تقرير إلى أن "هناك معلومات كافية تبرر التحقيق وملاحقة كبار المسؤولين" في الجيش البورمي.
وأضاف التقرير أن "الجرائم التي وقعت في ولاية راخين والطريقة التي نفذت بها تشبه في طبيعتها وفداحتها ونطاقها تلك التي سمحت بالتأكد من وجود نية بالإبادة الجماعية في سياقات أخرى".
ا ف ب / فابريس كوفرينياعضاء من بعثة تقصي الحقائق بشأن بورما خلال مؤتمر صحافي في جنيف بتاريخ 27 آب/اغسطس 2018
وذكر المحققون اسم مين أونغ هلينغ وخمسة قادة عسكريين آخرين كبار، مشيرين إلى إمكانية مشاركة لائحة أطول من الأسماء مع "أي هيئة مؤهلة وذات مصداقية تسعى إلى المحاسبة بشكل يتوافق مع النظم والمعايير الدولية".
- انتقادات لأونغ سان سو تشي -
وتطرق التقرير كذلك إلى زعيمة بورما المدنية أونغ سان سو تشي الحائزة على جائزة نوبل للسلام والتي تعرضت إلى انتقادات واسعة جراء فشلها في الدفاع عن الأقلية المحرومة من الجنسية البورمية.
وأفاد أنها "لم تستخدم منصبها الممنوح إليها بحكم الأمر الواقع كرئيسة للحكومة ولا سلطتها الأخلاقية لمنع أو وقف الأحداث الجارية" في بلادها.
ورغم إقرار المحققين بمحدودية نفوذها ونفوذ مسؤولي السلطات المدنية على أفعال المؤسسة العسكرية، إلا أنهم أشاروا إلى أنهم "ساهموا عبر أفعالهم وتقصيرهم (...) في الفظائع التي ارتكبت".
وأشار المحققون الذين لم يمنحوا قط إذنا لزيارة بورما إنهم بنوا نتائج تحقيقاتهم على مقابلات أجروها مع 875 ضحية وشاهدا إضافة إلى صور التقطت عبر الأقمار الصناعية ووثائق وصور وتسجيلات مصورة تم التأكد من صحتها.
ووردت تفاصيل مروعة في التقرير عن الفظاعات التي ارتكبت بحق الروهينغا بما في ذلك القتل والاختفاء القسري والتعذيب والعنف الجنسي الذي "ارتكب على نطاق واسع للغاية".
وأفاد المحققون أن معلوماتهم تشير إلى أن تقديرات منظمة أطباء بلا حدود التي تحدثت عن مقتل 10 آلاف من أفراد الأقلية المسلمة في حملة العام 2017 "متحفظة".
- الاغتصاب كتكتيك حرب -
وتوصل المحققون كذلك إلى أن الجنود قاموا بعمليات "اغتصاب جماعي واسعة النطاق" طالت في بعض الأحيان 40 فتاة وسيدة في آن واحد، وذلك في عشرة قرى على الأقل في راخين.
وأوضح التقرير أن "حجم ووحشية هذه الانتهاكات وطبيعتها الممنهجة تدل على أن الاغتصاب والعنف الجنسي كانا جزءا من استراتيجية مقصودة لترهيب أو معاقبة المدنيين واستخدمتا كتكتيك حربي".
وحذر المحققون من أن موجة العنف الأخيرة كانت فصلا من فصول "تاريخ من النهج العسكري التعسفي الذي يعود إلى نصف قرن على الأقل".
وقال داروسمان للصحافيين إن "الروهينغا يعيشون حالة من الاضطهاد الشديد والممنهج والمؤسساتي الذي يبدأ من لحظة ولادتهم ويستمر حتى وفاتهم".
اف ب/ارشيف / فيو هين كياولاجئون روهينغا متجمعون أمام سياج في المنطقة الفاصلة بين بورما وبنغلادش في 24 آب/أغسطس 2018
وفي إشارة إلى سياسة الإفلات من العقاب "الراسخة بعمق" في بورما، قال المحققون إن الفرصة الوحيدة التي يمكن أن تتم المحاسبة من خلالها هي عبر النظام القضائي الدولي.
ودعوا مجلس الأمن الدولي إلى إحالة ملف بورما إلى المحكمة الجنائية الدولية أو إلى إقامة محكمة جنائية دولية خاصة لتولي القضية.
وأوصوا بحظر على الأسلحة وبعقوبات "فردية تستهدف الأشخاص الذين يبدو أنهم يتحملون المسؤولية أكثر من غيرهم".
وحث مجلس الأمن الدولي بورما مرارا على وقف العمليات العسكرية والسماح للروهينغا بالعودة الأمنة لكن الصين -- العضو في المجلس والحليفة الأبرز لبورما -- قيدت تحركاته في هذا السياق وبإمكانها حاليا عرقلة جهود إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية.
- نشر الكراهية عبر فيسبوك -
وسلط المحققون الأضواء كذلك على دور فيسبوك واصفين الموقع بأنه "أداة مفيدة للراغبين في نشر الكراهية".
واستخدم موقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع لنشر مضمون تحريضي ضد الروهينغا ما دفعه للعمل جاهدا خلال الأشهر الأخيرة لإظهار أنه يأخذ هذه المسألة على محمل الجد.
وقال التقرير "رغم تحسنها في الأشهر الأخيرة، إلا أن استجابة فيسبوك كانت بطيئة وغير فعالة"، داعيا إلى فتح تحقيق مستقل لتحديد إن كانت المنشورات والرسائل التي تم بثها عبر الموقع "تسببت بالتمييز والعنف على أرض الواقع".
وبعد وقت قصير من صدور التقرير الأممي، أعلن الموقع العملاق في بيان "سنحظر 20 فردا ومنظمة بورمية من فيسبوك بينهم كبير الجنرالات مين أونغ هلينغ، القائد الأعلى للقوات المسلحة" في بورما.
وأكد أن القرار يهدف إلى منعهم من استخدام الموقع "لتأجيج التوترات العرقية والدينية بشكل أكبر".