أثار الحكم النهائي والبات لمحكمة النقض المصرية أعلى محكمة طعون في البلاد بإعدام 12 مصريا والمؤبد لـ31 من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين التساؤلات حول الطرق القانونية المحتملة لوقف تنفيذ أحكام الإعدام في مصر برغم انتهاء مراحل التقاضي.
وأثار الحكم التكهنات حول ما إذا كان للضغوط الدولية من بعض المنظمات الحقوقية الدولية، أو الوساطات المحتملة من تركيا أو قطر دور وفي وقف تلك الأحكام، فيما أثير الحديث كذلك عن احتمالات استخدام السيسي صلاحياته الدستورية والقانونية لتخفيف أحكام الإعدام بحق قيادات الإخوان.
وتنص (المادة 155) من الدستور على أن "لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء العفو عن العقوبة، أو تخفيفها.. "، وتضمن البند الثاني من المادة نوعين من قرارات العفو وهما: "العفو عن العقوبة، والعفو الشامل".
وطبقا لقانون الإجراءات الجنائية فإنه يتم رفع الحكم لرئيس الجمهورية إما للتصديق عليه أو لتخفيفه، على أن يتم ذلك خلال 14 يوما، وذلك قبل أن يتم تحديد موعد تنفيذ الإعدام بقرار من النيابة العامة، وتقوم مصلحة السجون في وزارة الداخلية بتنفيذ حكم الإعدام.
وتنص المادة (470) على أنه "متى صار الحكم بالإعدام نهائيا، وجب رفع أوراق الدعوى فورا إلى رئيس الجمهورية بوساطة وزير العدل، وينفذ الحكم إذا لم يصدر الأمر بالعفو أو بإبدال العقوبة خلال 14 يوما".
وحددت المواد (74) و(75) من قانون العقوبات الفرق بين النوعين وأن العفو عن العقوبة هو إسقاطها كلها أو إبدال عقوبة أخف منها بها، ويكون بقرار من رئيس الجمهورية ولا يحتاج قانونا لصدوره.
"حق دستوري وقانوني"
وحول الطرق القانونية لوقف تنفيذ أحكام الإعدام الباتة في مصر، قال أستاذ القانون الدستوري والنظم السياسية سابقا بكلية الحقوق جامعة المنوفية، الدكتور ياسر حمزة، إن "طلب العفو حق دستوري نظمه القانون".
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى نص (المادة 155) من الدستور: "أنه لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء العفو عن العقوبة أو تخفيفها ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون يقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب".
ولفت إلى أنه "وبحسب قانون الإجراءات الجنائية المصري، فإن حكم الإعدام لا ينفذ إلا بعد تصديق رئيس الجمهورية عليه، حيث تنص (المادة 470 ) أن لرئيس الجمهورية الحق في العفو أو تخفيف العقوبة".
وأوضح أنه "ينفذ الحكم بالإعدام إذا لم يصدر العفو، أو إبدال العقوبة من الرئيس خلال 14 يوما، ما يعني أنه بعد انقضاء تلك المدة يصبح الحكم بالإعدام باتا وينفذ الحكم".
ويعتقد حمزة، أنه لاستكمال المسار القانوني بعد حكم النقض لا يوجد إلا طريقين للعفو عن العقوبة أو إلغائها، إما بتقديم طلب العفو خلال المدة القانونية وهي 14 يوما، أو بتقديم التماس على الحكم وفق نص قانون المرافعات المدنية والتجارية".
وأكد أن المادة (241) من قانون المرافعات حددت شروط الالتماس في ثمانية نقاط، وأن (المادة 242) حددت ميعاد الالتماس بـ40 يوما من تاريخ صدور الحكم، ملمحا إلى أن "(المادة 2) من القانون رقم 133 لسنة 2018 استثنت جرائم أمن الدولة وجرائم الإرهاب لكن التعديل يسري على الوقائع التي تقع بعد صدور القانون".
وأضاف أنه "وجب على محامي المحكوم بالإعدام استكمال أي مسارات قد تكون سببا في إلغاء العقوبة أو العفو عنها سواء بتقديم طلب العفو أو التماس بإعادة النظر"، مؤكدا أن "جميعها وسائل قانونية".
"لن يفعلها السيسي"
المحامي والسياسي المصري مجدي حمدان، جزم بأنه لا يوجد طرق قانونية أخرى لوقف تنفيذ أحكام الإعدام في مصر، وقال إن "الأحكام صدرت بشكل نهائي وأتمت مراحل التقاضي، إلا من هم بالخارج ممن صدر أحكام ضدهم فيحق لهم الطعن بأي وقت بعد القبض عليهم".
وفي حديثه لـ"عربي21"، يعتقد أن أي ضغوطات دولية، مع وجود حشد إعلامي وانتشار دعوات وقف الإعدامات بكل المنصات ربما يؤدي إلى إعادة للمحاكمة؛ وخاصة أن هناك خلفية لدى الخارج أن الدولة المصرية أحكامها تدور حول الإعدام".
وجزم بأن "السيسي لن يفعلها ولن يستجيب ولن يستخدم صلاحياته الدستورية والقانونية؛ فهو يسير في إطار واحد، ولا يعترف بأية ضغوط، ويدرك أنه لو تدخل مرة فسيتدخل مرات، وهناك حالات إعدام سابقة وتمت حتى نهايتها".
ويرى أن "الدولة المصرية تتشوه ويفقد العالم الثقة في المحاكمات لهذا التمادي"، مشيرا إلى أنه "بعهد حسني مبارك (30 عاما) لم تكن هناك إعدامات تذكر، ما جعل مصريون يترحمون عليه حتى وإن اختلفوا معه".
"قد يفعلها السيسي"
من جانبه قال المحامي والحقوقي عمرو عبدالهادي، إن "السيسي يريد ضرب عصفورين بحجر واحد؛ من ناحية أولى: ابتزاز الأنظمة التركية والقطرية واستغلال التقارب معها لتحقيق مكاسب مالية".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "ويريد السيسي من ناحية ثانية استغلال رضا أمريكا عنه نظرا لخدماته التي قدمها لإسرائيل حين أنجدها من قبضة حماس، ويستغل صمتهم وينفذ حكم الإعدام إذا فشل مشروع الابتزاز".
وأوضح أنه "يتبقى ورقة أخيرة في يد السيسي، إذا فشل مخططه وصعب عليه تنفيذ أحكام الإعدام، ورأى وجود مكاسب من قراره بالعفو.. حينها سيصدر قراره بتخفيض عقوبة الإعدام إلى المؤبد بحق القيادات الـ12".
وأكد السياسي المصري، أن "السيسي يعلم جيدا أنه إذا تم تنفيذ العقوبة فسيكون بمثابة الشرارة التي ستنطلق في قلوب أهالي آلاف المعتقلين، ويقرروا أن يخلصوا ذويهم من قبضة المعتقلات لأن السيسي آجلا أم عاجلا سينهي حياتهم".
"أربعة منافذ"
المحامي الحقوقي أسامة بيومي، أكد أنه "للمحكوم عليهم بحكم نهائي بات أربعة منافذ"، أوضح أن "أولها: التماس إعادة نظر للنائب العام، يقدمه المحكوم إذا ظهرت أدلة جديدة لم تكن مطروحة على محكمة الموضوع ولا محكمة النقض إعمالا لنص (المادة 448) من قانون الإجراءات الجنائية، ولا يترتب على تقديم الالتماس وقف التنفيذ إلا إذا كان الحكم الصادر بالإعدام".
وقال إن "المنفذ الثاني: طلب المحكوم العدول عن الحكم الصادر للجمعية العمومية لمحكمة النقض، إذا كان مخالفا للمبادئ المستقر عليها لدى محكمة النقض".
وأوضح أن "المنفذ الثالث: طلب وقف التنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا إذا شابت المحاكمة أو إجراءات التحقيق عيب جوهري، أو كانت المحكمة مصدرة الحكم غير مختصة أو استثنائية (خاصة) أو كان هناك إكراه ثابت وقوعه على المحكوم عليه لإكراهه على اعترافات بجرائم لم يرتكبها".
وأشار إلى أن "المنفذ الرابع: طلب استبدال عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد إعمالا لنصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي دعا نشطاء وأهالي المعتقلين لوقف الإعدامات، وشاركت منى المصري زوجة المعتقل الدكتور أحمد عبد العاطي سكرتير الرئيس الراحل محمد مرسي، عبر هاشتاغ "أوقفوا_الإعدامات".
المصدر : عربي 21