مصر ... الإعلام يروج لإنجازات السيسي الوهميّة قبل انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية
رابطة علماء أهل السنةبدأت الآلة الإعلامية للنظام العسكري في مصر الدوران تدشينا لحملة واسعة لاستعراض حصاد السنوات العجاف التي سيطر فيها السيسي على مصر تحت عنوان «الجمهورية الجديدة»، إيذانا ببدء حكومة الانقلاب الانتقال إلى ما تسمى بالعاصمة الإدارية الجديدة بدءا من 30 يونيو الجاري، وهي العاصمة التي أهدر عليها الديكتاتور عبدالفتاح السيسي أكثر من 600 مليار جنيه دون أي جدوى اقتصادية كان الأولى تخصيصها لإقامة مشروعات إنتاجية لتوفير فرص العمل والحد من البطالة المنتشرة.
وفي توقيت واحد وضعت فضائيات السلطة التي تديرها المخابرات العامة مثل "أون إي" و"دي إم سي" و"المحور"، أو المملوكة لرجال أعمال موالين، مثل "صدى البلد" و"النهار" والقاهرة والناس"، هاشتاج #الجمهورية_الجديدة على شاشاتها، وشاركته المواقع الإلكترونية للترويج للجمهورية التي أعلن عنها الفرعون عبد الفتاح السيسي، في أحد خطاباته عند افتتاحه لمشروع العاصمة الإدارية.
وتكثف الآلة الإعلامية للنظام من التقارير التي تروج الأكاذيب حول إنجازات السيسي الوهمية؛ الأمر الذي دفع الكثير مين النشطاء إلى التعليق على حملة الأكاذيب الجديدة بالتأكيد على أنها "جمهورية الأغنياء الجديدة" التي جرى بناؤها من جيوب الفقراء حتى يحظى الجنرالات واللواءات وعصابة السلطة بالامتيازات الواسعة لهم ولأبنائهم بينما يبقى الشعب كله مسحوقا بالفقر والجوع.
هي جمهورية جديدة تشبه جمهورية عبدالناصر، التي كانت بلا سيناء، أما جمهورية السيسي فبدون النيل ولا تيران وصنافير". هي جمهورية تشبه ما كتبه العرَّب د.أحمد خالد توفيق في رواية "#يوتوبيا «سيتركون العاصمة القديمة لتحترق بأهلها ظلما وقهرا وفقرا ومرضا وسينتقلون إلى #عاصمتهم_الجديدة حتي لاتتأذي أعينهم بكل هذا الدمار ..». هي جمهورية حافلة بالسجون بعد أن ارتفع عددها إلى 78 سجنا مركزيا بعدما كانت نحو 42 سجنا فقط في 2011م. بمعنى أن السيسي بنى خلال السنوات السبع الماضية 36 سجنا. وهي سجون تمتلئ بعشرات الآلاف من أشرف وأنبل علماء مصر وشبابها والدعاة إلى الله. هي جمهورية بلا حريات أو تداول سلمي للسلطة أو تعددية سياسية، هي جمهورية كل مزاياها للسادة الجنرالات والضباط فقط أما الشعب فلا مكان له فيها. هي جمهورية الجباية والإتاوة والرسوم والضرائب الباهظة التي يتحلمها الشعب حتى يزداد الأغنياء غنى ويزداد الفقراء فقرا.
ملامح كارثية
في هذه الأثناء بدأت قرارات السيسي وحكومته تحدد ملامح هذه الجمهورية الجديدة.
أولا، هي جمهورية تمنح للنظام وحكومته فصل أي موظف حكومي في الجهاز الإداري للدولة حتى لو كان بالجيش والشرطة إذا قالت التحريات إن انتماءه للنظام مشكوك فيه. يبرهن على ذلك أن البرلمان أعاد مشروع تعديل قانون فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي إلى مناقشات المجلس، مدفوعاً برغبة أمنية وحكومية لملاحقة ضحايا التقارير الأمنية والرقابية في الجهاز الإداري للدولة، وتحميلهم مسؤولية كل فشل تقع فيه القطاعات المختلفة، وأحدثها وأكثرها إلحاحاً الآن قطاع النقل. يُعتبر مشروع القانون بصياغته الجديدة مقدمة لتطبيق خطة الحكومة للتنكيل بكل موظفي الدولة الذين تشك في انتمائهم للنظام وخاصة من يتعاطفون مع جماعة "الإخوان" ويرفضون السياسات القائمة.
ثانيا، هي جمهورية الجباية والإتاوات والضرائب الباهظة، حيث تستهدف الموازنة الجديدة زيادة الحصيلة الضريبية بنسبة 18.3% على أساس سنوي، بقيمة تصل إلى 983 مليار جنيه، متوقعة زيادة حصيلة الضريبة على القيمة المضافة خلال العام 2021-2022 بنسبة 17.2%، علماً أنها تشكل نحو 45% من إجمالي المستهدفات الضريبية للعام المالي الجديد. وقد أدخلت التشرعية بالبرلمان تعديلات على قانون الضريبة على القيمة المضافة بناءً على طلب الحكومة، ومنها رفع الضريبة المقررة على الزيوت والصابون والمنظفات الصناعية والمخبوزات والمقرمشات والحلوى من 5% إلى 14% بزيادة 9%. وهو ما يعني زيادات جديدة في الأسعار.
ثالثا، قررت الحكومة مضاعفة رسوم استخراج صحيفة الحالة الجنائية؛ حيث نشرت الجريدة الرسمية في مصر، الأحد، 6 يونيو 2021م، قراراً لوزير الداخلية محمود توفيق بشأن زيادة قيمة إصدار صحيفة الحالة الجنائية (الفيش والتشبيه)، وذلك من 10 جنيهات إلى 29 جنيهاً لكل نموذج لصحيفة الحالة الجنائية العادية، ومن 15 جنيهاً إلى 34 جنيهاً لكل نموذج للصحيفة العاجلة، ومن 30 جنيهاً إلى 49 جنيهاً لكل نموذج للصحيفة المميكنة، مقابل الإصدار والبحث والطباعة ووسائل التأمين. ونص القرار على توزيع متحصلات هذه الرسوم على نحو يحدده وزير الداخلية، أي أنها ستحصل لصالح صناديق خاصة يحددها الوزير بعيداً عن الموازنة العامة للدولة. وجرت زيادة الرسوم في عام 2017 من جنيهين اثنين إلى 10 جنيهات لكل نموذج للصحيفة العادية، ومن 3 جنيهات إلى 15 جنيهاً لكل نموذج للصحيفة العاجلة، ومن 12 جنيهاً إلى 30 جنيهاً لكل نموذج للصحيفة المميكنة. وضاعفت مصر رسوم جميع الخدمات التي تقدمها وزارة الداخلية للمواطنين أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك رسوم استخراج جواز السفر من 135 جنيهاً إلى 335 جنيهاً ثم إلى 500 جنيه، مع تسديد مبلغ إضافي قيمته 400 جنيه كضمان اجتماعي للدولة، في حالة عدم امتلاك الشخص لأي مؤهلات دراسية.
رابعا، ضريبة على خدمة الديلفري الإلكترونية، حيث نشرت الجريدة الرسمية، الأحد 6 يونيو 2021م، قراراً تنفيذياً لوزير المالية محمد معيط بشأن إضافة المطاعم والمحال التجارية التي تقدم خدماتها إلى العملاء، من خلال خدمة توصيل الطلبات الواردة عبر مواقعها الإلكترونية، إلى الفقرة الثانية من المادة الأولى لقانون القيمة المضافة رقم 67 لسنة 2016، وذلك لإخضاع معاملاتها المالية للضريبة المحددة سلفاً بـ14 في المائة. وقضت المادة بفرض الضريبة على السلع والخدمات، بما في ذلك المنصوص عليها في الجدول المرافق للقانون، سواء كانت محلية أو مستوردة، في كافة مراحل تداولها، إلا ما استثني منها بنص خاص. واستثناءً من ذلك، يكون سعر الضريبة على الآلات والمعدات المستخدمة في إنتاج سلعة أو تأدية خدمة 5 في المائة، وذلك عدا الأتوبيسات وسيارات الركوب.
خامسا، رفع سعر زيت الطعام للمرة الثانية بنسبة 23.5%؛ حيث أعلنت وزارة التموين بحكومة الانقلاب الأحد 6 يونيو 2021م، رفع سعر بيع زيت الطعام على البطاقات التموينية من 17 جنيهاً إلى 21 جنيهاً لليتر، بداية من أول يونيو الجاري، وذلك للمرة الثانية خلال أقل من ستة أشهر، بنسبة زيادة جديدة بلغت 23.5%، تحت ذريعة ارتفاع أسعار المنتج عالمياً بشكل متتالي منذ شهر ديسمبر الماضي "2020"م. وفي مطلع يناير 2021م، قررت وزارة التموين بحكومة الانقلاب رفع أسعار زيت الطعام المبيعة على بطاقات التموين في المجمعات الاستهلاكية، بزعم ارتفاع سعرها في الأسواق المحلية مع بداية العام الجديد. وكانت وزارة التموين قد قررت خفض وزن رغيف الخبز المدعم من 110 غرامات إلى 90، في أغسطس 2020م، ما يعني ارتفاع سعره بنحو 20%، في عملية سرقة موصوفة لدعم الخبز. وانخفضت حصة الفرد اليومية من 5 أرغفة إلى 4، إذ كان يتحصل على 550 غراماً عندما كان الوزن 110 غرامات، في حين أنه يتحصل على 450 غراماً بعد خفض الوزن، بفارق 100 غرام.
سادسا، رسوم جديدة على تراخيص السيارات والمدارس والجامعات، وكان مجلس شيوخ العسكر قد وافق الإثنين 31 مايو 2021م، بصفة نهائية على مشروع قانون "صندوق الطوارئ الطبية" المقدم من الحكومة، وإحالته إلى مجلس النواب لإصداره، والذي يفرض المزيد من الرسوم على المصريين بحجة تمويل الصندوق، وعدم قدرة ميزانية الدولة على دعم قطاع الصحة، وتلبية رغبات واحتياجات المواطنين، في ظل الأوضاع الاقتصادية الناجمة عن تفشي جائحة كورونا.