كيف تختار الكتاب الذي ستقتنيه؟
الأستاذ إسلام هلال - باحث أكاديمي رابطة علماء أهل السنةعند زيارة أي معرض للكتاب، ذلك الحدث الاستثنائي الذي تهوي إليه قلوب محبي القراءة من كل الأنحاء، حيث يعد موسمًا للإقبال على شراء الكتب وبهذه المناسبة أكتب بعض النصائح حول اختيار الكتب واقتنائها من المعرض من واقع خبرة مع الكتب عمومًا ومع المعرض خصوصًا بدأت منذ الطفولة حيث كان حضور معرض الكتاب حدث لا يفوت الوالد أن يأخذني لحضوره بداية من تسعينات القرن الماضي، وتقلبت في أروقته طفلًا يشتري القصص والموسوعات المصورة ثم فتى يشترى الروايات والكتب المبسطة ثم مقتنيًا للفرائد والنوادر ليتباهى بمكتبته الخاصة ثم باحثًا أكاديميًا يعرف ما يريد! وفي كل الأحوال بقيت روح ذلك الطفل الذي يفرح بأكياس الكتب ويغلبه النوم ليلة العودة من المعرض محتضنًا كتابًا مما اشتراه في الصباح!
بداية دعنا نتفق أن اقتناء الكتب شهوة جميلة، وما ثمة إحساس أجمل من العودة إلى البيت ظافرًا بكتب ثمينة المحتوى لتقضي الليالي المتعاقبة تقرأ في نهم ما اشتريت وتتأمل مكتبتك وهي تحوي ما اقتنيت لتقرأ منه وتتعلم، وهذا الشعور الجميل قديم فقد روي عن إبراهيم السندي وهو أحد علماء الحديث قوله: "سخاء النفس بالإنفاق على الكتب دليل على تعظيم العلم، وتعظيم العلم دليل على شرف النفس، ومثل هذا الشعور أشار إليه محمود درويش في مقطوعته "رسالة من المنفى".
سمعت يومًا والدي يقول :سيصبحون كلهم معلمين...
سمعته يقول: "أجوع حتى أشتري لهم كتاب"
نعم هي شهوة جميلة ولكن..! ولكن الموارد المتاحة محدودة والميزانية المخصصة للشراء لن تكفي لشراء كل ما يعجبك خصوصًا مع ارتفاع أسعار الكتب والغلاء الذي شمل كل مناحي الحياة لذا ينبغي أن نركز في اختياراتنا حتى لا نهدر تلك الموارد المحدودة.
أولًا: حدد أهدافك
تختلف أهداف القراء باختلاف مشاربهم واهتماماتهم، فالقارئ الهاوي غير الباحث الأكاديمي، ومن له مكتبة فيها عدد كبير من العناوين يختلف في أهدافه عن الذي في المراحل الأولى من إنشاء مكتبته الخاصة، وهاوي الأدب غير صاحب الاهتمامات العملية غير المهتم بعلوم الشريعة وغير ذلك من الاهتمامات والفروع المختلفة، لذا من المهم جدًا أن تحدد هدفك في ضوء الآتي:
- اهتمامتك الشخصية (في أي مجال تحب أن تقرأ)
- احتياجاتك إذا كنت باحثًا أكاديميًا أو مهتمًا بمجال محدد أو تسعي لاستكمال مكتبتك الخاصة
- مواردك المتاحة (قدراتك المالية) وهذه نقطة مهمة جدًا لأن كثيرًا من الأحباب يشتري في أول ساعاته بمعرض الكتاب ويفرغ ما بجيبه من نقود، ثم تلوح له الفرص بعد ذلك تباعًا خاصة في الدور التي تقع في آخر المعرض بعيدًا عن بوابات الدخول، أو في آخر أيام المعرض، فيعض أصابع الندم لانفاقه المال كله! أنصح عمومًا بمتابعة دور النشر عبر الانترنت قبل المعرض والاطلاع على الإصدارات والعناوين لتكوين فكرة مبدئية حول ما ستشتريه.
ثانيًا: ركز على الفرص
هناك فرص في معرض الكتاب عليك ألا تفوتها وأهم هذه الفرص:
- وجود دور نشر أجنبية لها إصدارات ربما لا تتوفر بعد المعرض إلا بثمن مرتفع وقد لا تتوفر أصلا!
- هناك عروض وخصومات تقدمها دور النشر خصوصًا على المجموعات والكتب ذات الأجزاء المتعددة.
- هناك إصدارات تطبع بأعداد قليلة وسرعان ما تنفد لانخفاض سعرها مثل بعض إصدارات الهيئة العامة للكتاب.
لذا أنصح بتأخير شراء الكتب من الدور الموجودة أصلًا في بلدك، لأن مطبوعاتها وإن كانت تعرض بخصم ولكنها متوفرة على مدار العام في فروعها، وبإمكانك أن تشتريها بثمنها لاحقًا بينما بعض الكتب قد لا تجدها أصلًا وقد تطلبها بأضعاف ثمنها!
ثالثًا: احذر!
معرض الكتاب سوق كأي سوق والكتب فيه سلعة تباع كأي سلعة، فهناك الغث والسمين، والجيد والرديء، لذا هناك بعض المحاذير أنصح بها:
1. الخصومات الوهمية!
هناك دور قد تعرض الكتب بخصم كبير ولكنه وهمي فمثلًا يقال أن سعر الكتاب الفلاني 30 جنيهًا بدلًا من 100ج بخصم 70 في المائة بينما الحقيقة أن سعر الكتاب قبل المعرض كان 50جنيهًا وليس 100!
2. الكتب المقلدة والتالفة
في بعض الدور المغمورة قد تجد كتبًا غالبًا أجنبية طبعاتها الأصلية غالية جدًا، ولكن تجدها بأسعار أقل من ثمنها بكثير، هذه الكتب مصورة وليست أصلية، لذا تأكد من جودة ما تشتري لأنك غالبا ما ستجد هذه الكتب مغلفة بشكل يجعل من المستحيل عليك فحص النسخة، فاطلب من البائع فتحها للتأكد من جودة النسخة وإلا فلا تشتر!
3. العناوين البراقة
ليس كل ما يلمع ذهبًا! فهناك كثير من العناوين تنجح دور النشر في تسويقها جيدًا، وهو ما يعطي دلالة غير حقيقة على جودة محتواها، فلا تشتر كتابًا لأنه مشهور أو لأن الطبعة العاشرة منه قد نفدت! تأكد من أنك تريد هذا الكتاب قبل شرائه ولا تنخدع بالغلاف
كيف أختار الكتاب؟
هذا السؤال الملح الذي نطرحه باستمرار، كيف أختار الكتاب الذي سأقتنيه، وكيف أتأكد أن هذا هو الكتاب المناسب الذي أريده / أحتاجه؟
تفحص العنوان
هناك الكثير من العناوين تكون براقة ولكنها غير متسقة مع موضوع الكتاب، أولا تعبر بصورة دقيقة عن محتوى الكتاب، بعض المؤلفين يضيفون مصطلحات توحي بعمق الطرح أو اتساع نطاق البحث بينما واقع المحتوى لا يكون كذلك، لذا تفحص العنوان جيدًا بحيث تتأكد من اتساقه مع المحتوى.
تعرف على الكاتب
هناك عدد من الكتاب المشهورين في كل مجال، ولا تعني الشهرة بالضرورة جودة انتاج المؤلف ولكنها قد تكون مظنة لذلك، وعمومًا تستطيع أن تتعرف على الكاتب وخلفياته العلمية والأيدولوجية من خلال شبكة الانترنت قبل شراء الكتاب، وهناك نقطة مهمة جدًا ألا وهي التأكد من صحة الألقاب العلمية والمسميات الوظيفية التي قد تعطي ايحاءات غير دقيقة يقصدها المؤلف أو دار النشر لاعطاء القارئ انطباعًا غير دقيق حول موثوقية المؤلف، وذلك مثل كتاب في مجال شرعي يكتبه طبيب أو صيدلاني ويوقعه باسم الدكتور فلان، مما يعطي انطباعًا بأنه حاصل على درجة الدكتوراه في العلم الذي يكتب فيه، وهو أمر غير صحيح! وكذلك قد يعمد البعض لوضع مسميات وظيفية وهمية مثل رئيس أكاديمية كذا ليعطي انطباعًا بأن له صفة أكاديمية بينما تكون هذه الأكاديمية مركزًا أهليًا للتدريب! لذا فإن التعرف على الكاتب قبل شراء الكتاب أمر في غاية الأهمية حتى لا نقع فريسة للخداع.
تعرف على دار النشر
هناك دور نشر متخصصة ودور نشر عامة، وهناك دور نشر لها أيدولوجيات معينة في اختيار ما تنشره، لذا فإن معرفتك بدار النشر وخلفياتها واهتمامات الناشر ييسر عليك الكثير في اتخاذ القرار.
اقرأ ظهر الغلاف
يكتب المؤلفون أو الناشرون غالبًا على ظهر الغلاف إما نبذة عن الكتاب أو تعريفًا بالمؤلف أو كلمة للناشر أو تزكية من بعض المشاهير في مجال الكتاب، وعلى العموم تعطيك هذه العبارات رؤية إجمالية حول موضوع الكتاب وفكرته.
اطلع على فهرس الموضوعات
يعتبر فهرس الموضوعات من أهم محددات اقتناء الكتاب، فمن الممكن أن يكون هذا الكتاب يتناول الموضوع بعمق لا يناسبك أو من زاوية لا تهمك أو لم يتطرق إلى الجانب الذي تهتم به.
انتق فصلًا واطلع عليه
يمكنك أن تفتح فصلًا ما بطريقة عشوائية أو محددة لتطلع على أسلوب الكاتب ولغته (خصوصًا الكتب المترجمة) وكثافة الإحالات والمراجع التي اعتمد عليها في بناء الكتاب وجودة الصياغة وغير ذلك من الأمور التي تختلف باختلاف مجال التأليف ولكن إجمالًا اطلاعك على أحد الفصول بنظرة خاطفة يعطيك رؤية يمكن أن يبنى عليها قرار الشراء. ختامًا.. حاول أن تسعد صديقًا لك بإهدائه كتابًا يحبه، فليس أجمل من أن تشبع عقلك بالقراءة وأن تشبع روحك برؤية السعادة في عيون من تحب!