س : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أريد قضاء ما فاتني من صيام في رمضان، وكذلك صيام ست أيام من شوال، فهل يمكن الجمع بين النيتين ؟
ج : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المسألة تعرف عند أهل العلم بمسألة التشريك ( الجمع بين عبادتين بنية واحدة).
وتداخل العبادات قسمان :
قسم لا يصح : وهو فيما إذا كانت العبادات مقصودة بنفسها ، أو تابعة لغيرها ، فهذا لا يمكن أن تتداخل العبادات فيه ، مثال ذلك : إنسان فاتته سنة الفجر حتى طلعت الشمس ، وجاء وقت صلاة الضحى ، فهنا لا تجزئ سنة الفجر عن صلاة الضحى ، ولا الضحى عن سنة الفجر ، ولا الجمع
بينهما أيضاً ، لأن سنة الفجر مستقلة ، وسنة الضحى مستقلة ، فلا تجزئ إحداهما عن الأخرى .
كذلك إذا كانت الأخرى تابعة لما قبلها ، فإنها لا تتداخل ، فلو قال إنسان : أنا أريد أن أنوي بصلاة الفجر صلاة الفريضة والراتبة ، قلنا : لا يصح هذا ، لأن الراتبة تابعة للصلاة فلا تجزي عنها .
وكذلك صيام شهر رمضان، ومثله قضاؤه مقصود لذاته، وصيام ست من شوال مقصود لذاته لأنهما معا كصيام الدهر، كما صح في الحديث، فلا يصح التداخل والجمع بينهما بنية واحدة. فإن صام بنية
والقسم الثاني : أن يكون المقصود بالعبادة مجرد الفعل ، والعبادة نفسها ليست مقصودة ، فهذا يمكن أن تتداخل العبادات فيه ، مثاله : رجل دخل المسجد والناس يصلون الفجر ، فإن من المعلوم أن الإنسان إذا دخل المسجد لا يجلس حتى يصلي ركعتين ، فإذا دخل مع الإمام في صلاة الفريضة أجزأت عن الركعتين ، لماذا ؟ لأن المقصود أن تصلي ركعتين عند دخول المسجد ، وكذلك لو دخل الإنسان المسجد وقت الضحى وصلى ركعتين ينوي بهما صلاة الضحى ، أجزأت عن تحية المسجد ، وإن نواهما جميعاً فهو أكمل ، فهذا هو الضابط في تداخل العبادات .
ومنه الصوم ، فصوم يوم عرفة مثلاً المقصود أن يأتي عليك هذا اليوم وأنت صائم ، سواء كان نويته من الأيام الثلاثة التي تصام من كل شهر أو نويته ليوم عرفة ، لكن إذا نويته ليوم عرفة لم يجزئ عن صيام الأيام الثلاثة ، وإن نويته يوماً من الأيام الثلاثة أجزأ عن يوم عرفة ، وإن نويت الجميع كان أفضل .
ومثل إذا اغتسل الجنب يوم الجمعة للجمعة ولرفع الجنابة، فإن جنابتة ترتفع ويحصل له ثواب غسل الجمعة.