مصر : جمع 48 ألف توكيل في 48 ساعة! كواليس الدخول المفاجئ لـ”منافس” السيسي الوحيد على رئاسة مصر
رابطة علماء أهل السنة
قبل أقل من 20 دقيقة من غلق باب الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية بمصر، وصل إلى مقر الهيئة الوطنية للانتخابات في شارع القصر العيني وسط القاهرة، وعلى بُعد أمتار قليلة من ميدان التحرير الشهير، المستشار القانوني لرئيس حزب الغد المصري، موسى مصطفى موسى، ليعلن لوسائل الإعلام دخول موكله سباق الترشح كمنافس للرئيس عبدالفتاح السيسي بعدما كان داعماً ومسانداً له طوال الفترة الماضية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: كيف استطاع موسى أن يكمل أوراق ترشُّحه من كشف طبي، بالإضافة إلى جمع 48 ألف توكيل شعبي، وفقاً للأوراق المقدمة للهيئة الوطنية للانتخابات، وذلك خلال 24 ساعة فقط، حيث كان الإعلان الأول للرأي العام عن نية رئيس حزب الغد الترشح يوم الأحد 28 يناير/كانون الثاني 2018؟!
وكيف أجرى موسى الكشف الطبي وهو مغلق منذ يوم الجمعة الماضي؟ ومتى حصل على تفويض 27 عضواً بمجلس النواب؟ تلك الأسئلة نجيب عنها بهذا التقرير.
بحثاً عن إجابة لتلك الأسئلة، كان لا بد من التوجّه إلى مسؤول حزب الغد، وفي ردّه على أسئلة "هاف بوست عربي"، قال سيد محمود عبيد، نائب رئيس حزب الغد، إن موسى بالفعل أعلن ترشحه للرأي العام الأحد، إلا أنه يستعد للانتخابات منذ 4 أشهر.
وأوضح أن القرار النهائي للترشح جاء وفقاً لاجتماع عقده الحزب مساء الأحد، وتم الاتفاق خلاله بالإجماع على ترشحه للانتخابات الرئاسية من قِبل أعضاء الحزب.
وأكد نائب رئيس حزب الغد، في تصريحات خاصة لـ"هاف بوست عربي"، أن موسى استوفى جميع شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، حيث تقدم بأوراقه الرسمية للترشح بعدما حصل على 27 تزكية من أعضاء مجلس النواب، و48 ألف توكيل شعبي.
نائب رئيس الحزب يكذّب فكرة الـ"4 أشهر"
لكن، يبدو أن رواية عبيد تتناقض مع ما ذكره قيادي آخر بالحزب، حيث قال الدكتور أيمن حسن، نائب رئيس حزب الغد أيضاً، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بفيسبوك، مساء الأحد، عقب إعلان موسى ترشحه: "تفاجأت بهذا الحديث -مثل كثيرين- بما جاء في الإعلام وبرامج التوك شو بعزم موسى مصطفى، رئيس الحزب الغد، خوض المنافسة الرئاسية ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي".
ووصف حسن هذا الترشح بأنه ازدواجية غريبة ونقض لاتفاق الحزب، قائلاً: "كيف ننافس من اتفقنا على تأييده ودعمه في الانتخابات؟!".
وتابع: "منذ يونيو/حزيران 2013 كان لحزب الغد، بقيادة الصديق المحترم المهندس موسى مصطفى، دور كبير -بتفاعل كل أعضاء الحزب وكوادره- في تأييد المرشح آنذاك الرئيس السيسي، وكنا قادة حملته الشعبية (حملة كمّل جميلك يا شعب)، وكان رئيسها المهندس موسى، وكنت نائباً لرئيس الحملة، وخط الحزب معروف؛ فالرئيس السيسي هو الأنسب للمرحلة، ورفضي الترشح من منطلق أنه يكفي أن الحزب سيُتهم بالازدواجية.. فمن كنا نؤيده بالأمس علينا أن ننافسه اليوم ومن دون اتفاق أو وفاق أو حتى معرفة حزبية!".
حزب موسى: "استغرقنا 20 يوماً".. وأديب يكذِّب
وبعيداً عن النوايا، فإن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: كيف جمع تلك التوكيلات بهذا التوقيت، خصوصاً أن الجميع يعلم أن هناك بحثاً عن "كومبارس" يكون منافساً للسيسي بالانتخابات؟! وجاء ظهور موسى، عقب رفض حزب الوفد ترشيح رئيس الحزب السيد البدوي، ثم خرج موسى مساء الأحد ليعلن دخوله السباق الرئاسي.
وعن كيفية جمع تلك التوكيلات، كشف أحمد نصار، أمين شباب حزب الغد، في تصريحات خاصة لـ"هاف بوست عربي"، أن موسى استطاع أن يجمع أكثر من 48 ألف توكيل، وكانت ضمن أوراق الترشح التي تقدم بها ظُهر الإثنين 29 يناير/كانون الثاني، للهيئة الوطنية للانتخابات، وأن جمع تلك التوكيلات استغرق 20 يوماً، لكنه لم يرغب في الإعلان عن تفاصيل تحضير أوراق ترشحه للرئاسة إلا بعد اكتمال الأوراق رسمياً.
لكن، يبدو أن ما قاله قيادي حزب الغد ليس صحيحاً، حيث كشف الإعلامي عمرو أديب منذ يومين أن إجمالي التوكيلات التي جمعها المرشحون بلغ مليوناً و100 ألف توكيل، كان للسيسي منها أكثر من 900 ألف توكيل، في حين كان نصيب المرشح المنسحب خالد علي، ما يزيد على 23 ألف توكيل، وكان قريباً من الترشح رسمياً قبل انسحابه، فيما كان نصيب السيد البدوي، رئيس حزب الوفد، 16 ألفاً و300 توكيل، وكان لحمدين صباحي، رغم عدم إعلانه الترشح، 14 ألف توكيل، ولم يذكر نهائياً أيَّ توكيلات لصالح موسى مصطفى.
وعن كلمة السر في جمع تلك التوكيلات خلال أقل من 48 ساعة، كشفت مصادر لـ"هاف بوست عربي"، من داخل حزب مصطفى موسى -طلبت عدم ذكر اسمها- أن مَنْ قام بجمع توكيلات الرئيس السيسي هو مَنْ جمع توكيلات رئيس حزب الغد، في إشارة إلى أجهزة سيادية بالدولة.
وفيما يكشف عن أحد اسمين من الشخصيات العامة التي أعلنت وزارة الصحة المصرية عن إجرائهم الكشف الطبي للانتخابات دون ذكرهما، قالت المصادر بحزب الغد، إن موسى قام بالفعل بتقديم أوراق الكشف الطبي منذ فترة دون الإعلان عن ذلك، وأن خيار ترشحه كان خياراً أخيراً، إذا ما فشلت جهود الدولة في البحث عن مرشح يملك اسماً قوياً كرئيس حزب عريق مثل الوفد، أو مرشح سابق مثل حمدين صباحي، إلا أن فرص موسى زادت بعد انسحاب خالد علي، وفي أعقاب إقصاء الفريق سامي عنان بالقبض عليه وحبسه في السجن الحربي.
وما قالته المصادر بحزب الغد، توافَق مع ما ذكره أحد أعضاء مجلس النواب، من حيث قيام أجهزة أمنية باستدعاء عدد من النواب الذين لم يكونوا قد وقَّعوا استمارات ترشُّح للسيسي وعددهم 47 نائباً، وذلك كان مساء الأحد، وتم إكمال اللقاءات صباح الإثنين.
وذلك من أجل جمع تفويضات النواب لترشح موسى، كاشفاً عن أن هناك تواصلاً حدث من قبلُ من تلك الأجهزة لتمهد لفكرة ترشيح السيد البدوي، رئيس حزب الوفد، قبل رفض الهيئة العليا للحزب فكرة ترشحه.
المرشح السابق منوفي.. وسوابق!
يبدو أن مصر لا يمر لها مرشح للرئاسة إلا من أصول منوفية (محافظة المنوفية بمصر)، حيث ترجع أصول المرشح موسى مصطفى موسى إلى مدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية، وهي المحافظة نفسها التي ينتمي إليها الرئيس السيسي، وكان منها الرئيس محمد حسني مبارك والرئيس السادات.
ولم تمضِ ساعات قليلة عن إعلان ترشُّح موسى رسمياً، حتى بدأت تظهر أوراق رسمية تكشف عن تورُّطه في مخالفات قانونية، وصدرت بحقه أحكام قضائية في قضايا شيكات.