لماذا لم تفتحوا باب الجهاد؟؟؟
الأستاذ أشرف ربيع رابطة علماء أهل السنةلماذا لم تفتحوا باب الجهاد؟؟؟
أسوة بأجدادهم هارون الرشيد والمعتصم بالله، قام الملوك والرؤساء والأمراء العرب بالرد على ترامب، عندما قام بخطوة عنترية، واعترف بالقدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل.
وعلى الفور كان الرد القاسي : إلى الأمريكي ترامب، إن لم ترجع عن اعترافك، لنأتينك بجيش أوله شجبا وآخره استنكار.
عندما سمعنا لغة الشجب والاستنكار والإدانة ترتفع من هنا وهناك، إلا ممن رحم ربي، تذكرنا على الفور اللغة القوية التي كانت تخرج بما لا يفهم الأعداء غيره، وكانت المعضلات تُحل بمجرد وصول الرسالة.
فلما نقض الروم الصلح مع المسلمين وعزلوا ملكتهم وملكوا عليهم نقفور كتب إلى هارون يطلبه برد ما دفعته إليه الملكة السابقة من أموال وقال : افدِ نفسك به و إلا فالسيف بيننا وبينك. فغضب هارون غضباً شديداً وكتب على ظهر الكتاب:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأتُ كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما ترى لا ما تسمع).
ولما أسر الروم امرأة مسلمة أرسل الخليفة المعتصم بالله رسالة لملكهم مفادها " من أمير المؤمنين المعتصم بالله، إلى كلب الروم، أطلق سراح المرأة، وإن لم تفعل،بعثت لك جيشًا، أوله عندك وآخره عندى"
ولما طغي اليوم أعداء الإسلام وتجبروا ونقضوا العهود والمواثيق، فلم يرقبوا في مؤمن إلاّ ولا ذمّة، وقتلوا الأطفال والشيوخ، واغتصبوا النساء، واستباحوا الديار، وسبوا الدين، وانتهكوا الحرمات، ونهبوا الثروات، لم يجدوا هارونا أو معتصما يردهم عن بلاد المسلمين، بل إن المسلمين، ومنذ سقوط الدولة العثمانية عام 1924، لم يعد لهم إلا جهاد الدفع، وحتى هذا صار دفعا بالكلمات، وحتى هذه الكلمات صارت محسوبة لا تخرج إلا بما لا يؤدي إلى غضب العدو.
وبعد!!!
هل البكاء على اللبن المسكوب هو الحل؟
هل التغنّي بأمجاد الماضي هو الحل؟
أم أن الإعداد هو الحل؟؟؟؟؟؟
نعم ... الإعداد هو الحل، قال تعالى : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ).
والإعداد الذي نتكلم عنه، ليس إعداد النفس القصير، الذي ينادي في الناس أن هبّوا، فتكون هذه الهبة هي الأخيرة لهم ويبيدهم أعداؤهم.
ولكن الإعداد الذي تعلمناه من الرسول صلى الله عليه وسلّم، هو الإعداد الإستراتيجي، الذي يبني أمّة على قواعد صلبة، يصعب على الأعداء هدمها.
فأولا : كان بناء الرجال، ثلاثة عشر عاما كاملا، فكانوا الركيزة الأساسية للدولة.
ثانيا : مجتمعا قويا ، عشر سنوات أخرى يربي صلى الله عليه وسلّم، ينقي المجتمع من المنافقين واليهود والمترددين، حتى صار البنيان متكاملا، وساعتها حان وقت فتح مكة.
تخيلوا معي لو وافق الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في بيعة العقبة الثانية وبدأ الجهاد بغير إعداد، هل كان سيتبقى أحد ليقيم دولة الإسلام؟
تخيّلوا لو كان البناء كله يقوم على الإتقان في العبادات، ولم يكن فيه اقتصاديون كعبدالرحمن بن عوف وشعراء كحسّان، ومتحدثون كابن عباس وقادة حربيون كخالد، كم من الوقت كانت ستصمد هذه الدولة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟.
والسؤال الآن من عليه تقع مسئولية هذا البناء؟
-
الحكّام ؟ معظمهم صناعة الأعداء وينفذون ما يملى عليهم بدقة وزيادة، والباقي لا يستطيع فعل شيء وإلا قامت الدنيا كلها ضده، والأمثلة كثيرة.
-
الشعوب ؟ معظمها مغيّب، وهمّه في لقمة العيش، والإعلام الخائن يحاصره ليل نهار، ومن يدرك أبعاد القضية إما محاصر أو في السجون.