الجمعة 22 نوفمبر 2024 10:44 مـ 20 جمادى أول 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    لماذا لم تفتحوا باب الجهاد؟؟؟

    رابطة علماء أهل السنة

    لماذا لم تفتحوا باب الجهاد؟؟؟

     

    أسوة بأجدادهم هارون الرشيد والمعتصم بالله، قام الملوك والرؤساء والأمراء العرب بالرد على ترامب، عندما قام بخطوة عنترية، واعترف بالقدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل.

    وعلى الفور كان الرد القاسي : إلى الأمريكي ترامب، إن لم ترجع عن اعترافك، لنأتينك بجيش أوله شجبا وآخره استنكار.

    عندما سمعنا لغة الشجب والاستنكار والإدانة ترتفع من هنا وهناك، إلا ممن رحم ربي، تذكرنا على الفور اللغة القوية التي كانت تخرج بما لا يفهم الأعداء غيره، وكانت المعضلات تُحل بمجرد وصول الرسالة.

    فلما نقض الروم الصلح مع المسلمين وعزلوا ملكتهم وملكوا عليهم نقفور كتب إلى هارون يطلبه برد ما دفعته إليه الملكة السابقة من أموال وقال : افدِ نفسك به و إلا فالسيف بيننا وبينك. فغضب هارون غضباً شديداً وكتب على ظهر الكتاب: 
    (بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأتُ كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما ترى لا ما تسمع).

     ولما أسر الروم امرأة مسلمة أرسل الخليفة المعتصم بالله رسالة لملكهم مفادها " من أمير المؤمنين المعتصم بالله، إلى كلب الروم، أطلق سراح المرأة، وإن لم تفعل،بعثت لك جيشًا، أوله عندك وآخره عندى"

       ولما طغي اليوم أعداء الإسلام وتجبروا ونقضوا العهود والمواثيق، فلم يرقبوا في مؤمن إلاّ ولا ذمّة، وقتلوا الأطفال والشيوخ، واغتصبوا النساء، واستباحوا الديار، وسبوا الدين، وانتهكوا الحرمات، ونهبوا الثروات، لم يجدوا هارونا أو معتصما يردهم عن بلاد المسلمين، بل إن المسلمين، ومنذ سقوط الدولة العثمانية عام 1924، لم يعد لهم إلا جهاد الدفع، وحتى هذا صار دفعا بالكلمات، وحتى هذه الكلمات صارت محسوبة لا تخرج إلا بما لا يؤدي إلى غضب العدو.

    وبعد!!!

    هل البكاء على اللبن المسكوب هو الحل؟

    هل التغنّي بأمجاد الماضي هو الحل؟

    أم أن الإعداد هو الحل؟؟؟؟؟؟

    نعم ... الإعداد هو الحل، قال تعالى : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ).

    والإعداد الذي نتكلم عنه، ليس إعداد النفس القصير، الذي ينادي في الناس أن هبّوا، فتكون هذه الهبة هي الأخيرة لهم ويبيدهم أعداؤهم.

    ولكن الإعداد الذي تعلمناه من الرسول صلى الله عليه وسلّم، هو الإعداد الإستراتيجي، الذي يبني أمّة على قواعد صلبة، يصعب على الأعداء هدمها.

    فأولا : كان بناء الرجال، ثلاثة عشر عاما كاملا، فكانوا الركيزة الأساسية للدولة.

    ثانيا : مجتمعا قويا ، عشر سنوات أخرى يربي صلى الله عليه وسلّم، ينقي المجتمع من المنافقين واليهود والمترددين، حتى صار البنيان متكاملا، وساعتها حان وقت فتح مكة.

    تخيلوا معي لو وافق الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في بيعة العقبة الثانية وبدأ الجهاد بغير إعداد، هل كان سيتبقى أحد ليقيم دولة الإسلام؟

    تخيّلوا لو كان البناء كله يقوم على الإتقان في العبادات، ولم يكن فيه اقتصاديون كعبدالرحمن بن عوف وشعراء كحسّان، ومتحدثون كابن عباس وقادة حربيون كخالد، كم من الوقت كانت ستصمد هذه الدولة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟.

     

    والسؤال الآن من عليه تقع مسئولية هذا البناء؟

    • الحكّام ؟ معظمهم صناعة الأعداء وينفذون ما يملى عليهم بدقة وزيادة، والباقي لا يستطيع فعل شيء وإلا قامت الدنيا كلها ضده، والأمثلة كثيرة.

    • الشعوب ؟ معظمها مغيّب، وهمّه في لقمة العيش، والإعلام الخائن يحاصره ليل نهار، ومن يدرك أبعاد القضية إما محاصر أو في السجون.

     

    ولم يتبقى إلا العلماء، ورثة الأنبياء، وقادة الأمة على مر العصور، ونتحدث هنا عن المخلصين منهم، فأذناب السلاطين والمرتزقة لا يحتسبون.

    والمحاولات التي يقوم بها العلماء المخلصون كثيرة، ولكنها محاولات متشرذمة كل منها في واد، وأكثر من ذلك لا تقوم على فكر شرعي اقتصادي سياسي حربي اجتماعي متكامل.

    حفظ هؤلاء العلماء سيرة الرسول صلى الله عليه وسلّم، ولكنهم لم يستفيدوا منها عندما شرعوا في التخطيط.

    فلم يكن عالما أيام الرسول إلا هو صلى الله عليه وسلّم، والباقي يتعلمون منه، ثم بعد ذلك كل في تخصصه ومهاراته، فهذا يشير بحفر الخندق ليفاجيء الأعداء، وهذا يشير بتغيير موضع الجيش، وهذا يشتري البئر لينهي احتكار اليهود، وهذا يشير بإنشاء سوق المدينة، وهذا يشن حربا إعلامية بشعره ويعاونه فيها أبوبكر " نسّابة العرب"، وحتى المهام التي لم يستطع صلى الله عليه وسلّم إعلانها، كانت بالإشارة: (ويل أمّه مسعر حرب لو كان معه رجال)، وهذا وهذا وذاك، الكل يعمل، والرسول ينسّق ويوجه الخبرات والجهود حتى يتم بناء دولة متكاملة.

    العلماء هم من تقع علىعاتقهم المهمة، وهم المسئولون عن بناء أجيال جديدة تتسلح بكل أنواع القوة التي أمر الله بها.

    فإذا تم بناء البنيان، ساعتها سنسأل : لماذا لم تفتحوا باب الجهاد؟؟؟

    فلسطين الجهاد الإعداد العلماء الحكّام البناء

    مقالات