يطلق المناسك أو النسك على ما يتقرب بها العبد إلى ربه ، قال تعالى ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) ، كما يطلق على أجزاء بعض العبادات من أركانها وفرائضها وسننها ومستحباتها .
و أغلب الشعائر الدينية العظيمة تشتمل على مناسك وقرب تكمل الغايات والمقاصد التي شرعت من أجلها سواء ما تعلقت منها بالشارع الحكيم أو ما تعلقت بالمكلفين .
فشعيرة الصلاة مثلا تشتمل على القراءة والذكر والركوع والسجود والثناء على الله تعالى بالتكبير والتحميد والتهليل ...
و تشتمل شعيرة الحج على الإحرام والتلبية والطواف والسعي والرمي والعج والثج ...
وكذلك صوم رمضان فإنها تشتمل على أنواع مختلفة من القرب والأنساك التي تعين على إيقاعها على أحسن الوجوه وأكملها وأوفرها ،كما أن من شأنها أيضا أن تجبر ما قد يطرأ عند أدائها من خلل ونقص .
ومن أهم ما يتصل بهذا الباب ما يلي :
1- قراءة القرآن .
و القرآن الكريم الكريم نزل في شهر رمضان ، قال تعالى ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن...) وقد أنزل في أفضل ليلة فيه وأعظمها بركة ، وهي ليلة القدر قال تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منزلين ) ، وقال تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعارض جبريل القرآن في رمضان . وأثر عن كثير من السلف الصالح الاشتغال بقراءة القران وتدبره في رمضان يتلونه آناء الليل وأطراف النهار.
2- الصلاة.
من أشهر السنن والمستحبات في رمضان صلاة التراويح والقيام ، قال صلى الله عليه وسلم من ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر ما تقدم من ذنبه ) رواه البخاري ومسلم ، ولذلك كانت صلاة التراويح مما يميز ليالي شهر رمضان ويزينه في القرى والأمصار في جميع ديار الإسلام، يخرج لأدائها الشيب والشبان والنساء والولدان ، يؤدونها في المساجد والجوامع وفي المحلات والمنازل ، ومن الصلوات المشروعة أيضا صلاة عيد الفطر حين يفطر الصائمون .
3- الصدقة .
وللصدقة في شهر الصيام خصوصية أيضا ، حيث شرعت فيه أنواع من الصدقات لمواساة الفقراء والمساكين ، ومنها مطلق الصدقة والإحسان ، و (كان رسول الله أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ... ) رواه البخاري ، ومنها فدية المفطر غير القادر على القضاء لكبر أو مرض مزمن ، قال تعالى ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) ومن أوجه تفسير قوله ( يطيقونه ) أي يتكلفون الصيام ويشق عليهم ، ومنها كفارة المفطر عمدا من غير أهل الأعذار ، وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينا ، فإن لم يجد فصوم شهرين متتابعين ، ومنها إفطار الصائم ، قال صلى الله عليه وسلم ( من فطر صائما كان له مثل أجره ) رواه النسائي وصححه الألباني ، ومنها زكاة الفطر ، قال ابن عباس رضي الله عنهما (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة الصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين) رواه أبو داود وابن ماجة .
4- الدعاء.
ولا تكاد تخلو من الدعاء شعيرة من شعائر الإسلام ، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء بأنه هو العبادة ، قال صلى الله عليه وسلم ( الدعاء هو العبادة ) رواه أحمد وأصحاب السنن ، والدعاء عند الدخول في الشعائر أو في أثنائها أو في دبرها مما علم في الشريعة واشتهر .
ولذلك يندب الدعاء في مواقيت مختلفة من شهر رمضان ، ومنها حين يرى الناس الهلال ، وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال ( اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ، ربي وربك الله ، هلال رشد وخير ) ، رواه الترمذي ، ومنها الدعاء أثناء الصوم وعند الفطر ، وقد جعل الله آية الحث على الدعاء بين آيات الصيام في قوله تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني ) ، وقال صلى الله عليه وسلم ( ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم ، ودعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ) رواه أحمد وابو داود والترمذي وحسنه الألباني ، ومنها الدعاء عند القنوت في الصلوات المفروضة أوالمسنونة وعند التراويح والقيام ، ومنها حين يودع المسلمون شهر رمضان ويصلون العيد ويتوجهون إلى الله بالدعاء ، وعن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع ) أخرجه بن ماجه وصححه الألباني .
وأخيرا :
فإن رمضان من أعظم مواسم الخير وعلى العبد الناصح لنفسه ان يجتهد فيه ويغتنم فرصته في عبادة الله تعالى والإحسان إلى الناس وتزكية نفسه وتقوية إيمانه.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يصوم رمضان ويقومه ايمانا واحتسابا ،وأن يجعلنا من عتقائه من النار .