السبت 21 ديسمبر 2024 03:20 مـ 19 جمادى آخر 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    فتاوى

    هل يجوز إستغلال المسجد للتطعيم أو التلقيح ضد فيروس كورونا؟

    رابطة علماء أهل السنة

    س : هل يجوز إستغلال المسجد للتطعيم أو التلقيح ضد فيروس كورونا، وقد قرأنا للبعض أن هذا الأمر لا يجوز، ثم ساق هذه الآية، وهذه المقولة؟

    قال تعالى:﴿في بُيوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فيها بِالغُدُوِّ وَالآصالِ﴾ [النور: ٣٦]

    قال الإمام ابنُ عبدِ البرِّ -رحمه الله :"فَلِهَذا بُنِيَتْ فَيَنْبَغِي أنْ تُنَزَّهَ عَنْ كُلِّ ما لَمْ تُبْنَ لَهُ" [ الاستذكار ٢/ ٣٦٨]

    ======#الجواب:

    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.

    نحن نعلم أن الدولة تعمل ما في وسعها من أجل احتواء هذا الوباء، و معالجة ما امكنها من المصابين به، و تتخذ إجراءات استباقية للتلقيح من هذا الوباء، ولكن ما هو موجود من مستشفيات و مستوصفات لا يلبي هذا العدد الكبير من السكان، فكان التفكير في فضاءات اخر اكثر اتساعا و أكثر نظافة، ولا يوجد أطهر مكان على وجه الأرض كالمساجد.

    ولهذا رأى القائمون على شأن هذا البلد استغلال فضاءات المساجد.

    لكن هناك من رأى تنزيه المساجد عن هذه العمليات التي لا علاقة لها بما بنيت لأجله المساجد.

    فأقول وبالله التوفيق:

    #أولا: المساجد هي مواطن العبادة والمناجاة، وهذا الأصل فيها، لقوله تعالى: " :﴿في بُيوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فيها بِالغُدُوِّ وَالآصالِ﴾ [النور: ٣٦].

    #ثانيا: ثبت في السنة النبوية وسيرة السلف الصالح، أن المساجد كانت تعقد فيها اللقاءات، وتصدر فيها الأحكام مثل أحكام اللعان، بل وتقام فيها الاحتفالات كما ثبت في صحيح.

    فعن عروة بن الزبير قال: قالت عائشة: والله لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن حريصة على اللهو.

    رواه البخاري ومسلم

    وعن عائشة زوج النبي -­صلى الله عليه وسلم- قالت: دخل الحبشة المسجد يلعبون فقال لي: (يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم؟) فقلت: نعم، فقام بالباب وجئته فوضعت ذقني على عاتقه فأسندت وجهي إلى خده، قالت: ومن قولهم يومئذ أبا القاسم طيباً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (حسبك) فقلت: يا رسول الله لا تعجل، فقام لي ثم قال: (حسبك) فقلت: لا تعجل يا رسول الله، قالت: ومالي حب النظر إليهم ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ومكاني منه" رواه النسائي في سننه.

    =====#وجه الدلالة:

    #أولا: أما الآية القرآنية فهي عامة، وجاءت على الأصل.

    ولا مانع لما هو بخلاف العبادة الممحضة، إذا لم يكن على حساب الأصل.

    #ثانيا: و أما الحديثان، فهما صريحان في جواز اللهو المباح الذي يدخل السرور على المسلم، ويقوي على شعيرة ثابتة وهي الجهاد، وهذا من خلال اللعب بالرماح، وعلى تلك الحركات التي تقوي البدن عند منازلة العدو، وغيرها من الفوائد التي تفوح من عبق السنة النبوية والهدي المحمدي.

    #ثالثا: فإذا كان عقد اللقاءات جائز في المساجد، واستقبال الوفود، وتطبيق الأحكام، واللعب المباح جائزا من غير نكير.

    فنقول: أنه من باب أولى ما كان فيه مصلحة عامة للمسلمين، و من ذلك التطبيب، و التلقيح، والفحص.

    ===#ضوابط استغلال المسجد للتلقيح:

    #أولا: إستغلال القاعات التابعة للمسجد ابتداء، و إلا قاعة الصلاة لاتساعها وتهويتها.

    #ثانيا: ألا يكون التلقيح على حساب أوقات الصلاة. بل يوقف لمدة الإقامة.

    #ثالثا: تجنب رفع الأصوات في المسجد حرمة لقداسة المكان.

    #رابعا: المحافظة على نظافة المسجد ورائحته، خاصة الفراش.

    #خامسا: عدم الدخول بالأحذية إلى المساجد إلا إذا كانت مغلفة باكياس الوقاية كما هو الحال في المستشفيات.

    #سادسا: إذا كانت إمرأة، كان في حقها واجب الستر وهي بيت الله ولو بالحد الأدنى.

    #سابعا: أن تتولى العملية من بدايتها إلى نهايتها هيئة الصحة، و القوة العمومية ولو بشرطيين. ضمانا لسلامة العملية والنظام.

    أما الإمام فمهمته الصلاة، و متابعة هذه العملية التي تتم في حدود سلطته، و له أن يتدخل عندما يتم الإخلال بهذه الضوابط.

    =====#في الأخير:

    نسأل الله عزوجل السلامة والعافية و أن يرفع عنا هذا الوباء والبلاء، و أن يجعلنا إخوانا متحابين متعاونين على البر والتقوى، ويتحقق فينا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم :

    فعن النعمان بن بشير مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ . مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى".

    ======كتبه:

    الدكتور بلخير طاهري الإدريسي الحسني المالكي الجزائري.

    أستاذ الشريعة والقانون جامعة وهران _الجزائر _

    فتاوى كورونا التطعيم المساجد النوازل

    فتاوى