مصر... مختار جمعة يدشن حملة مسعورة ضد الخطباء والدعاة بالتنسيق مع الأمن الوطني
رابطة علماء أهل السنةبدأت وزارة الأوقاف المصرية حملة مسعورة لملاحقة الخطباء والواعظين بحجة التطرف والتصدي للأفكار الهدامة، خاصة بعد عودة حركة طالبان إلى الحكم، تماشيا مع القرارات التي أعلن عنها عبد الفتاح السيسي، مؤخرًا، بفصل كل من ينتمي لـ “الإخوان” من دوائر الدولة ومؤسساتها.
حيث أطلق وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، خلال زيارته إلى محافظة الشرقية، تصريحات عدة تمثّل بداية لموجة جديدة من الملاحقات للتنكيل والانتقام بمجرد الشبهات، داخل وزارة الأوقاف والمساجد والمعاهد وغيرها من المؤسسات الإسلامية، بحجة التصدي للأفكار الهدامة “بمناسبة بعض التغيرات الإقليمية الأخيرة”، قاصداً بذلك عودة حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان.
وقال جمعة: إنه “يجب عدم إعطاء أي فرصة لخلايا الجماعات المتطرفة لإعادة بناء أو إنتاج أنفسها من جديد بأي شكل، ويجب ألا نستهين على الإطلاق بأمر هذه الخلايا ولا أن نهوّل أو نضخم من شأنها”، معتبراً أن “المتطرفين يتناصرون تناصر الجاهلية ويدعم بعضهم بعضاً في الإفساد والتخريب، ويجب على المجتمع كله التكاتف لكشف هذه الخلايا الشريرة”.
وبالفعل بدأت الوزارة بجمع تحريات أمنية وإدارية جديدة عن جميع الخطباء والواعظين العاملين بمساجد وزارة الأوقاف،بتكليف من الأمن الوطني، وكذلك الموظفين في هيئة الأوقاف المصرية والجهات التابعة لها، وبتشديد الرقابة على المساجد والزوايا الصغيرة للتأكد من الالتزام بغلقها بعد الصلوات، وكذلك الالتزام بالموضوع الموحد لخطبة الجمعة وبجميع القرارات السابق إصدارها الهادفة لإحكام سيطرة الدولة على الشأن الديني.
وقد شكّل جمعة لجنة لبحث تفعيل قانون فصل الإخوان والمعارضين، بدءاً من التنسيق مع الأمن الوطني وانتهاءً بالتحقيق معهم داخلياً والتصرف وفقاً للقانون الجديد، بالفصل السريع من قبل رئيس الجمهورية أو من يفوضه بناءً على عرض جمعة، من دون عرض على النيابة الإدارية أو المحاكمة التأديبية.
وستنسب للواعظين والعاملين الذين ستستقر اللجنة على إبعادهم، أنهم أخلّوا بواجباتهم الوظيفية بما من شأنه الإضرار الجسيم بالدولة ومصالحها، ووجود قرائن جدية على ارتكابهم ما يمس بالأمن القومي للبلاد وسلامتها. وسيوقف هؤلاء عن العمل بقوة القانون لمدة لا تزيد على 6 أشهر أو لحين صدور قرار الفصل، مع وقف صرف نصف أجرهم طوال فترة الوقف.
وتسهل صياغة القانون على اللجنة التعميم وتبسيط الاتهام، كما يرجو الوزير، بتسهيل اعتبار الموظف مخالفاً أو مُعرضاً الأمن القومي للخطر، للبطش به وفصله مباشرة، فضلاً عن تسهيل خطة الدولة لمحاربة الامتدادات الاجتماعية لجماعة الإخوان، إذ يتيح القانون الفصل إذا أدرج العامل على قوائم الإرهابيين، على أن يعاد إلى عمله في حالة إلغاء قرار الإدراج.
علماً بأنه لم يسبق لأي شخص أن خرج من تلك القوائم التي تحولت إلى أداة عقاب وتنكيل، بدلاً من كونها في الأساس -نظرياً- إجراءً احترازياً لحين انتهاء التحقيقات في القضايا.
ويراهن جمعة على حملته الجديدة هذه لضمان بقائه في منصبه بعد رفع تقارير جديدة من الرقابة الإدارية أخيراً تتهمه بعدة مخالفات مالية وإدارية، تضاف إلى تقارير قديمة كانت قد رفعت للرئاسة عام 2017، لكنها لم تتسبب في إبعاده، نظراً لاقتناع السيسي بأهمية وجود جمعة على رأس الوزارة ليشكل مع المفتي المقرب من السلطة، شوقي علام، جبهة مضادة لشيخ الأزهر أحمد الطيب، ولنجاح جمعة في محاصرة الواعظين المنتمين فكرياً وتنظيمياً للإسلام السياسي، وتفريخ جيل جديد من الخطباء والعاملين بالوزارة، يدين بالولاء للسيسي وحده.
ويدفع القانون المحاكم التي قد تنظر في دعاوى الموظفين المفصولين ضدّ فصلهم إدارياً من دون تحقيق أو تأديب، لعدم إعادتهم والاكتفاء بتعويضهم مالياً “وذلك للأسباب التي ترى المحكمة أن المصلحة العامة تقتضيها”، وهي عبارة تدل على استخدام الحكومة -التي ستكون مختصمة في الدعوى وممثلة بواسطة هيئة قضايا الدولة- اعتبارات المصلحة العامة الفضفاضة المطاطة التي لا يمكن تحديدها لإقناع المحكمة بالاكتفاء بالتعويض.