أفغانستان ... طالبان على مشارف كابل
رابطة علماء أهل السنةباتت حركة طالبان أمس الجمعة على مشارف كابل مواصلةً تقدمها في أفغانستان، في وقت قررت فيه دول غربية إجلاء رعاياها من البلاد وبدأت واشنطن خططا لإخلاء سفارتها وإتلاف مواد وصفتها بالحساسة.
وقد استولت حركة طالبان أمس الجمعة على مدينة "بولي علم" عاصمة ولاية لوغار الواقعة على بعد 50 كيلومترا فقط جنوب كابل، وباتت تسيطر على حوالي نصف عواصم الولايات الأفغانية والتي سقطت جميعها في أقل من 8 أيام.
وأتى ذلك بعدما سيطر مسلحو طالبان الجمعة على لشكركاه عاصمة ولاية هلمند جنوبي البلاد، بعد ساعات قليلة على سقوط قندهار ثاني مدن البلاد على بعد 150 كيلومترا إلى الشرق منها.
وصرح مسؤول أمني كبير لوكالة الأنباء الفرنسية بأنه "تم إخلاء لشكركاه. قرروا وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة لإتاحة خروج" عناصر الجيش والمسؤولين الإداريين.
وسيطرت طالبان كذلك -من دون أن تواجه مقاومة- أمس الجمعة على شغشران عاصمة ولاية غور في الوسط.
خوف في العاصمة
ومع سيطرة الحركة على ولاية لوغر، التي لا تبعد كثيرا عن كابل، يسود الخوف والترقب بين سكان العاصمة الذين يتحسبون للأسوأ ويخشون أن تكون مدينتهم خط الدفاع الأخير.
وقال أمر الله صالح النائب الأول للرئيس الأفغاني إن "الحكومة الأفغانية قررت الوقوف أمام مسلحي طالبان بعد اجتماعها الذي عقد اليوم الجمعة في القصر الرئاسي".
وأضاف صالح أنه سيتم توفير كل التسهيلات اللازمة للقوات المسلحة والانتفاضات الشعبية في جميع الولايات، وفق تعبيره.
وأصبح الجزء الأكبر من شمال البلاد وغربها وجنوبها تحت سيطرة مقاتلي طالبنان.
وكابل ومزار شريف (كبرى مدن الشمال) وجلال أباد (شرق) هي المدن الكبرى الثلاث الوحيدة التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة.
وقد استسلم إسماعيل خان أحد أشهر أمراء الحرب في أفغانستان لحركة طالبان بعد سقوط هرات في الغرب أول أمس الخميس، بعدما كان الرجل القوي فيها بلا منازع على مدى عقود. ووعد مقاتلو طالبان بضمان سلامته.
وفي لشكركاه بولاية هلمند التي تتمتع فيها حركة طالبان بشعبية، لقي مقاتلوها استقبالا جيدا وعاد الهدوء بسرعة بعد عدة أيام من الاشتباكات العنيفة.
وقال أحد السكان ويدعى عبد الحليم إن "الجزء الأكبر من المدينة مدمر بسبب القتال، ولا طعام كافيا في السوق. ما زالت تبدو مدينة محتلة".
وبدأت حركة طالبان هجومها في مايو/أيار الماضي عندما أكد الرئيس الأميركي جو بايدن رحيل آخر القوات الأجنبية من البلاد بعد 20 عاما من تدخلها للإطاحة بطالبان من السلطة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. ويفترض أن ينتهي هذا الانسحاب بحلول 31 أغسطس/آب الجاري.
منذ ذلك الحين، أكد بايدن أنه ليس نادما على قراره، على الرغم من السرعة التي انهار بها الجيش الأفغاني في مواجهة تقدم طالبان، مما فاجأ الأميركيين وخيب أملهم بعدما أنفقوا أكثر من ألف مليار دولار خلال 20 عاما لتدريبه وتجهيزه.
ومع التقدم السريع لطالبان، أعلنت واشنطن أنها قررت "تقليص وجودها الدبلوماسي" في كابل.
وقال البيت الأبيض في تغريدة على تويتر إن الرئيس جو بايدن بحث أمس الجمعة مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، "الجهود الجارية لتقليص عدد المدنيين في أفغانستان بسلام".
ولضمان إجلاء الدبلوماسيين الأميركيين بسلام، سترسل وزارة الدفاع الأميركية 3 آلاف جندي إلى مطار كابل الدولي لينضموا إلى العسكريين الأميركيين الـ650 الموجودين في أفغانستان، بحسب الناطق باسمها جون كيربي.
وأضاف الناطق أن نحو 3500 عسكري آخرين سيتوجهون إلى الكويت من أجل إرسالهم كتعزيزات في حال أي تدهور للوضع في كابل.
وأوضحت وزارة الدفاع الأميركية الجمعة أنها مستعدة لإجلاء "آلاف الأشخاص يوميا" عن طريق الجو، معتبرة أن كابل لا تواجه "خطرا وشيكا".
تقييم استخباري
وذكرت شبكة "سي إن إن" (CNN) الأميركية أن السفارة الأميركية في كابل أصدرت مذكرة تتضمن تعليمات إلى الموظفين بتدمير "المواد الحساسة" في ظل تقديرات استخبارية أميركية بسيطرة وشيكة لطالبان على العاصمة الأفغانية.
ونقلت الشبكة عن مصدر دبلوماسي قوله إن أحد التقييمات الاستخباراتية يشير إلى أن كابل قد يتم عزلها من قبل طالبان في غضون أسبوع، وربما في غضون 72 ساعة القادمة.
وقال المصدر الدبلوماسي إن المذكرة تطالب العاملين بإتلاف المواد "التي يمكن إساءة استخدامها في جهود الدعاية" بما في ذلك الأوراق والإلكترونيات والأعلام.
ونقلت صحيفة "بوليتيكو" (Politico) عن مصادر أن البنتاغون بدأ وضع الخطط لسحب كامل البعثة الأميركية من أفغانستان.
وقالت المصادر إن القيادة الوسطى الأميركية تعتبر إخلاء السفارة في كابل أمرا حتميا.
ساعة الرحيل
في الوقت نفسه أعلنت بريطانيا أنها سترسل 600 عسكري لمساعدة الرعايا البريطانيين على مغادرة الأراضي الأفغانية.
وأعلنت دول عدة، بينها هولندا وفنلندا والسويد وإيطاليا وإسبانيا، أمس الجمعة خفض وجودها في البلاد إلى الحد الأدنى، لافتة إلى برامج لإجلاء موظفيها الأفغان.
وقالت ألمانيا أيضا إنها ستقلص طاقمها الدبلوماسي.
وفضلت دول أخرى مثل النروج والدانمارك إغلاق سفاراتها موقتا. وأعلنت سويسرا التي لا سفارة لها، إجلاء عدد من المتعاونين السويسريين ونحو 40 موظفا محليا.
وتأتي هذه التطورات بعد يوم من اختتام اجتماعات دولية استمرت 3 أيام في العاصمة القطرية الدوحة من دون إحراز أي تقدم ملموس.
وقالت الولايات المتحدة وباكستان والاتحاد الأوروبي والصين في بيان مشترك إنها لن تعترف بأي حكومة في أفغانستان "مفروضة بالقوة".