مصر.. دموع ذوي ”مظاليم المباريات” تترجى عفوًا رئاسيًا
رابطة علماء أهل السنةتتوجه الأنظار الأيام المقبلة بمصر، لا سيما لدى المعارضين، إلى القائمة الجديدة التي ستضم أسماء من ينتظر أن يشملهم العفو الرئاسي، على أمل أن تشمل بعض المحبوسين السياسيين، غير أن مناشدة أم باكية عبر منصات التواصل جذبت الانتباه إلى نجلها المشجع الرياضي الموقوف منذ ما يقارب 6 سنوات.
بصوت يخالطه البكاء، دعت والدة الشاب الموقوف عمر شريف (25 عاما) الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، للإفراج عنه، ضمن القائمة المنتظرة التي عادة ما تخلو من مشجعين رياضيين.
وقالت والدة شريف باكية: " وغلاوة أولادك يا رئيس الجمهورية افرج عنه (..) ابني محبوس في ماتش كورة (مباراة)".
وأضافت: "بيني وبينك أسوار يا ابني ومش قادرة اعمل حاجة (لا استطيع فعل شيء) (..) افرج عن ابني لأنه حسن السير والسلوك وكان بيتفرج (يشاهد) مباراة كرة".
وحظى مقطع مصور لا يتجاوز الدقائق الثلاث لوالدة الشاب الموقوف عمر شريف، على آلاف المشاهدات والمشاركات عبر منصات التواصل في البلاد مؤخرا.
** المباراة "الأزمة"
وفي فبراير/شباط 2015، قتل 22 من رابطة مشجعي نادي الزمالك والمعروفة باسم "وايت نايتس"، جراء اشتباكات دامية مع قوات الشرطة، قبل أن يتم توقيف 16 شابا من المشجعين بتهم نفوها بينها "ارتكاب أعمال عنف مقترنة بجرائم القتل العمد، وتخريب ممتلكات عامة، وإحراز مواد مفرقعة".
وبخلاف عمر شريف، هناك قادة لرابطة "وايت نايتس"، ضمن الموقوفين، وأشهرهم الملقب بـ" سيد مشاغب"، الذي توفي والده أثناء سجنه في مارس/آذار الماضي.
وجميع الموقوفين حاليا حاصلون على أحكام نهائية بالسجن في 2019 بعقوبات تتراوح بين عامين و25 عاما.
وعادة ما يصدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قرارات بالعفو عن باقي العقوبة النهائية أو تخفيفها بحق السجناء، بالتزامن مع الأعياد والمناسبات الاجتماعية والاحتفالات الوطنية في بلاده.
غير أن قرارات العفو الرئاسي عن السجناء غالبا ما تخلو من أسماء "مظاليم الملاعب".
*دموع تبحث عن "عفو"
وبالبحث عن أصل المقطع المصور لوالدة عمر شريف، وجدت "الأناضول" أنه يعود إلى 9 أشهر مضت، إذ استغاثت الأم بسلطات بلادها أثناء الاحتفالات بعيد الأمومة (الموافق 21مارس/ آذار).
وحظى المقطع المصور آنذاك بأكثر من 6 آلاف مشاهدة، فيما أعاد نشره مئات المغردين مجددا عبر حساباتهم على "تويتر"، مطالبين سلطات بلادهم بالإفراج عن الموقوفين في قضية "مجزرة دار الدفاع الجوي"، مع اقتراب صدور عفو رئاسي جديد عن السجناء، بمناسبة احتفال البلاد بعيد الشرطة في 25 يناير/كانون ثان المقبل، حيث يتطلع هؤلاء إلى التفات السلطة السياسية إلى من أسموهم بـ"مظاليم المباريات أو الملاعب".
وقال الروائي المعروف عمر طاهر، عبر حسابه الموثق بـ"تويتر" إنه "يصعب يشرح حالة والدة عمر شريف وهو تكلمه عن نجلها 23 عاما الحاصل على حكم بالسجن 7 سنوات".
وأضاف: "هي تستنجد طالبة العفو عن ابنها اللي أصبحت زيارته صعبة عليها وعذاب بعدما بقت مريضة بالسرطان.. ضباط السجن قدموا ورقه أكثر من مرة لحسن سيره وسلوكه، وهي طالبة عفو تري فيه ابنها وتودعه".
وقالت رغدة نديم عبر حسابها على تويتر: "والدة المؤدب الخلوق عمر شريف. بقالها شهور بتتذلل لطوب الأرض (تستغيث بالجميع) للإفراج عن ابنها".
وتابعت: "والله العظيم لو قلوبهم حجر وسمعوا الفيديو ده كان قلبهم رق شوية (تعطف). الرحمة حلوة والله العظيم. ارحموا والدة عمر شريف".
من جانبه قال إسلام خولي، عبر تويتر: "صوت والدة عمر شريف في التليفون يخوف ويقلق (..) خرجوا عمر لأمه علشان تستريح (..) ارحموا قلب أم تعب على ابنها".
فيما دشن مغردون هاشتاغا (وسما) باسم "العفو لسيد ومظاليم الزمالك"، ليحظى بمشاركات آلاف.
** مباريات انتهت بضحايا
ولم يكن حادث "ستاد دار الدفاع الجوي" عام 2015، هو المباراة الكروية الوحيدة التي تحولت إلى مآتم، فلقد سبقها ولحقها حادثين بارزين، أودا بحياة عشرات المشجعين وقادا آخرين إلى السجون.
في عام 2012، وقع حادث ستاد بورسعيد (شمال شرق) والذي راح ضحيته 72 قتيلا ومئات المصابين، وألقت قوات الأمن آنذاك القبض على العشرات، فيما قضت محكمة مصرية في حكم نهائي بالإعدام على 10 متهمين في القضية.
وفي عام 2017، قضت محكمة مصرية، بحبس 26 من مشجعي رابطة "وايت نايتس" 5 سنوات، على خلفية اتهامهم في أحداث الشغب التي شهدها استاد القاهرة أثناء مباراة ودية بين مصر وتونس، استعدادا لتصفيات أمم إفريقيا.
*العفو عن مجرمين
ويأتي استمرار حبس شباب حادث "ستاد دار الدفاع الجوي" للعام السادس، رغم صدور قرارات سابقة بالعفو الرئاسي عن أشخاص أدينوا بارتكاب جرائم جنائية.
وانتقدت منظمات محلية ودولية، في عدة مناسبات، ما سموه بـ"إصرار السلطات بمصر على الإفراج عن سجناء جنائيين أدينوا في قضايا قتل عمد وأعمال عنف وبلطجة"، مقابل استمرار حبس مئات المعارضين السياسيين.
وفي سبتمبر/أيلول 2017، أصدر السيسي قرارا بالعفو عن مئات السجناء، كان بينهم رجل الأعمال الشهير طلعت مصطفى، والذي أدين بالتحريض على قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم وحكم عليه بالسجن 15 عاما.
وفي مايو/أيار 2018، صدر قرار بالعفو عن أحد أشهر البلطجية أثناء ثورة يناير/كانون ثان 2011، وخلال عام حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، والمعروف باسم "صبري نخنوخ" ليطلق سراحه بعد ٦ سنوات من حكم عليه بالمؤبد (25 عاما).
وفي يناير/كانون ثان 2020، أصدر السيسي قرارا بالعفو عن ضابطين متهمين بتعذيب مواطن حتى الموت وهما الرائد المزمل نافع، والنقيب عمر أحمد سعد أبو عقرب.
وفي مايو/أيار 2020، صدر قرار بالعفو الرئاسي أيضا عن محسن السكري، ضابط أمن الدولة الأسبق المحكوم عليه بالمؤيد (25 عاما) في اتهامه بقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم في الإمارات.
يأتي ذلك فيما يستمر حبس رموز وقيادات المعارضة وشباب الحركات السياسية، أبرزهم رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الأسبق هشام جنينة، وأستاذ العلوم السياسية حازم حسني، والمحامي المعارض زياد العليمي والناشط السياسي أحمد دومة.
لكن القاهرة عادة ما تنفي التمييز بين السجناء وتؤكد مرارا توفير كافة الضمانات القانونية.