مصر ... موت معتقل يحمل الجنسية الأمريكية يفضح جرائم العسكر
رابطة علماء أهل السنةتصاعد الاهتمام العالمي بملف المعتقلين فى سجون العسكر عقب استشهاد المعتقل مصطفى قاسم، الذى يحمل الجنسية الأمريكية بجانب جنسيته المصرية، والذى كان قد حُكم عليه في 7 سبتمبر 2018 بالسجن المشدد لمدة 15 عامًا في قضية فض اعتصام رابعة العدوية، وذلك بعد خمس سنوات من اعتقاله.
وكان قاسم قد أضرب عن الطعام فترة طويلة احتجاجًا على انتهاكات حقوق الإنسان فى معتقلات الانقلاب الدموي دون مجيب، وقبل وفاته، أرسل “قاسم” رسالة عبر محاميه إلى الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، ناشده التدخل لإطلاق سراحه، كما تطرق لأمره وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو”، في ديسمبر الماضي.
وفى سياق مآسي المعتقلين الذين يصل عددهم إلى أكثر من 60 ألف معتقل فى سجون العسكر، يواصل أكثر من 300 معتقل إضرابهم عن الطعام بسجن العقرب سيئ السمعة؛ احتجاجًا على ممارسات إدارة السجن معهم، والتي أدت إلى وفاة الصحفي “محمود صالح” بسبب معاناته من البرد والإهمال الطبي.
وأعلن المعتقلون بدء إضرابهم عن الطعام عقب وفاة “محمود صالح” الذي كان محتجزا في قسم شرطة بندر الأقصر، مطالبين نائب عام دولة الانقلاب بفتح تحقيق في أسباب وفاته، ووجهوا اتهامات لكل من ضابط مباحث السجن “محمد شاهين”، وبلوكامين السجن “علاء”، بالتسبب في وفاته .
كما يخوض المعتقلون إضرابهم بسبب رفض إدارة السجن تسليم المعتقلين أغطية أو ملابس ثقيلة أو السماح لذويهم أو محاميهم بزيارتهم وتوفير متطلباتهم، وكذلك منعهم من العلاج وزيادة عدد المرضى في ظل برودة الجو غير المسبوقة.
وقبل أيام أعلنت معتقلات سياسيات عن رفضهن تسلم الطعام حتى تحقيق أربعة مطالب؛ احتجاجا على ما يتعرضن له من إهمال طبي داخل سجن القناطر، على خلفية وفاة المعتقلة مريم سالم داخل السجن بسبب الإهمال الطبي المتعمد.
وكانت مؤسسات حقوقية قد قالت إن مريم سالم (32 عاما) من سيناء توفيت داخل محبسها بسجن القناطر، في 21 ديسمبر الماضي، في واقعة تعد الأولى من نوعها منذ صيف 2013
أغلقوا العقرب
وفي وقت سابق، دشن ناشطون وحقوقيون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاج “#اغلقوا_العقرب”، لإغلاق سجن العقرب، والذي يشهد انتهاكات واسعة بحق المعتقلين السياسيين، تضاعفت مع فصل الشتاء.
وكان ناشطون قد دشنوا حملة مؤخرا، سبقت وفاة الصحفى “محمود صالح”، بالتزامن مع دخول الشتاء، بعنوان #البرد_قرصة_عقرب، للكشف عن الأوضاع السيئة التي يعيشها المعتقلون في هذ السجن، الذي يفتقر لأبسط الاحتياجات الإنسانية، وطبيعة بنائه التي تضاعف من أثر البرودة على السجناء، وتهدد حياتهم.
وبدأت الحملة منذ 3 يناير الجاري، ودعت المشاركين إلى نشر فيديوهات تضامنية مع معتقلي العقرب.
كما أصدرت “رابطة أسر معتقلي سجن العقرب” بيانا، جاء فيه “يعاني أولادنا في هذا الشتاء القارس من البرد الشديد بين كتل خرسانية لا يحميهم منها سوى بطانية واحدة متهالكة. ومن قهرٍ شديدٍ لعدم رؤيتهم لنا بسبب منع الزيارة منذ عامين”.
واستعرض البيان بعض صور المعاناة قائلا: “أولادنا بمقبرة العقرب في أشد صور المعاناة، فلم يخرجوا منذ زمن من الزنازين الضيقة سيئةِ التهوية شديدةِ البرودة للتريض المنصوص عليه طبقا للقانون المنظمِ لمصلحة السجون، وتنتهج ضدهم سياسة القتل البطيء، بالتجويع والبرد والأمراض والقهر النفسي والإنهاك البدني، حيث العيش علي فتات الطعام سيئ التجهيز، الذي تعافه الحيوانات في وجبات لا تكفي طفلا صغيرا”.
مجلس الشيوخ
من جانبها طالبت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، دولة العسكر بالإفراج عن كل المواطنين الأمريكيين المحتجزين لديها بشكل غير عادل.
وأعرب أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ عن غضبهم بسبب وفاة المواطن الأمريكي “مصطفى قاسم” داخل محبسه بسجن طره، الاثنين الماضي، نتيجة إضرابه عن الطعام، احتجاجا على اعتقاله وصدور حكم ضده بالسجن 15 عاما في قضية ملفقة.
وطالبوا وزير خارجية الانقلاب سامح شكري خلال وجوده فى واشنطن، بإطلاق سراح بقية المواطنين الأمريكيين المحتجزين بسجون العسكر، وهم 5 على الأقل، علاوة على السجناء السياسيين.
وقال “باتريك ليهي”، كبير الديمقراطيين في لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ، إن “مصطفى قاسم” توفي في سجون العسكر بدون سبب
وأضاف: “أنا مدع سابق. أود أن أسمي موته جريمة قتل. كان من الممكن منع وفاته مثلما كان سجنه غير قانوني”. وتابع “ليهي”: “هذه مأساة لم يكن يجب أن تحدث أبدًا ونحن كأمريكيين لا يجب أن نتغاضى عنها أبدًا”.
وطالب عضو لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ، الديموقراطي “كريس فان هولن” بأن تتعامل الولايات المتحدة مع دولة العسكر كما تتعامل مع إيران التي تحتجز أمريكيين.
وقال عضو لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب، الجمهوري “بيتر كينج”: “أدعو الإدارة والحكومة الأمريكية لممارسة أقوى ضغط ممكن على دولة العسكر، بما في ذلك التهديد بفرض عقوبات وسنها إذا لزم الأمر. وأضاف “كينج”: “علينا أن نتخذ إجراءات قوية.. انتهى وقت التجاهل”.
قمع وحشي
وأكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في تقريرها لعام 2020، أن دولة العسكر شهدت قمعا وحشيا خلال 2019. واستعرض التقرير ممارسات حقوق الإنسان في حوالي 100 دولة، من بينها دولة العسكر.
وتحت عنوان “مقاومة صامدة للقمع العنيف”، انتقدت المنظمة تمرير تعديلات دستورية تُرسخ القمع في أبريل الماضي، إضافة إلى تقويض استقلال القضاء بشكل أكبر وتعزيز سلطة الجيش للتدخل في السياسة والمجال العام.
وأشار التقرير إلى اعتقال أكثر من 4 آلاف مواطن في أعقاب تظاهرات سبتمبر الماضي، المطالبة برحيل عبد الفتاح السيسي. وتابع: قامت شرطة وأمن الانقلاب بشكل روتيني بالإخفاء القسري والتعذيب، بينما احتجزت مليشيات العسكر عشرات الآلاف من السجناء المعتقلين لأسباب سياسية في ظروف بالغة السوء.
ولفتت المنظمة إلى استمرار الانتهاكات الحقوقية الجسيمة، بما فيها جرائم حرب، في شمال سيناء على يد الجيش
وفي فبراير الماضي، أعدمت السلطات 15 سجينا عقب محاكمات معيبة في قضايا ذات طابع سياسي، بينما أيّدت محاكم الاستئناف العسكرية والمدنية 32 حكما بالإعدام على الأقل في 2019، ما رفع عدد المحكوم عليهم بالإعدام إلى 74، في قضايا ذات طابع سياسي.
وعلق نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة “جو ستورك” قائلا: “شدّد السيسي خلال 2019 قبضته على السلطة، لكن تميّز العام أيضا بتصرفات شجاعة من المصريين الطامحين إلى الحرية وسيادة القانون.
أزمة حقوق الإنسان
وقالت منظمة العفو الدولية، إن سجون العسكر تشهد أزمة تتعلق بأوضاع حقوق الإنسان، مع تفشي التعذيب وقصور ظروف السجون عن الوفاء بالمعايير الدولية لمعاملة السجناء، مشيرة إلى أن السجناء يعانون من وضع أعداد كبيرة منهم في زنازين صغيرة الحجم، والافتقار إلى ما يكفي من الأطعمة المغذية والأغطية والأسرّة وأبسط معايير النظافة والمياه والصرف الصحي، فضلًا عن سوء التهوية والإضاءة.
وأكدت العفو الدولية، في بيان لها، أن سلطات العسكر تستخدم أسلوب الحبس الانفرادي كأداة لإنزال عقاب إضافي بالسجناء، لا سيما من السجناء ذوي الخلفية السياسية، بشكل تعسفي ودون إشراف قضائي، مشيرة إلى أن سجناء الحبس الانفرادي يعيشون في ظروف غير إنسانية
واعتبرت أن ذلك التنكيل يشكل نوعًا من المعاملة اللاإنسانية والمهينة، يرتقي إلى حد التعذيب، حيث يُحتجز بعض السجناء رهن الحبس الانفرادي المطول أو إلى أجل غير مسمى أو يُوضعون في زنازين تتسم الظروف فيها بأنها غير إنسانية أو يتعرضون لعقاب جماعي، وفي بعض الحالات يتعرض السجناء لتعذيب بدني أيضًا.