في أي عملية إصلاح وتغيير في أي حضارة أو أمة أو دولة أو مؤسسة أو أسرة أو فرد أنت أمام خيارات ثلاثة:
الأول: أن يكون الإصلاح تكميليا عبر تطوير الموجود واستدراك النقص الحاصل فيه.
الثاني: أن يكون الاصلاح ترميميا عبر ترميم الموجود وتعديل مساراته وعلاج أخطائه.
الثالث: أن يكون الاصلاح جذريا عبر إزالة الموجود كليا ومحوه من الأساس وبناء وضع جديد أفضل.
وذلك يصدق على كل شيء في مجالات الحياة في الدين والسياسة والاقتصاد والادارة والتربية وغيرها.
يتفق كثيرون على مفاهيم الاصلاح لكنهم يختلفون في تطبيق وتنزيل الخيارات الثلاثة التي هي في الحقيقة مناط الاجتهاد الشرعي والسياسي والتخصصي.
كثيرا ما يكون الانتقاء لأحد الخيارات عشوائيا وانفعاليا وليس مبنيا على دراسة واقع او نضوج تجربة أو قدرة حقيقية على تنزيل مفاهيم الاصلاح وفق الزمان والمكان والحدث والبيئة المناسبة.
فهناك خلل واقع في الجمود والتكلس فهذا يحتاج الى تحريك وتطوير.
وهناك خلل واقع في المسار والأداء فهذا يحتاج الى ترميم وتعديل.
وهناك خلل واقع في الصميم والجوهر فهذا يحتاج لحل جذري يقتلعه من أساسه ليبنى على أنقاضه واقع جديد.
أطروحات الاصلاح والتغيير من أخطر الأشياء على مستوى الفكرة والأداء والأثر وما لم تضبط بفقه عميق كانت النتائج وخيمة والخسارة فادحة.
لقد عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيارات الثلاثة:
ففي الخيار التكميلي قد أخبر أنه جاء ليتمم مكارم الأخلاق لا ليبدأ بمنظومة أخلاقية من الصفر فقد كانت للعرب أخلاق مشهودة ومحمودة.
وفي الخيار الترميمي أصلح الأحكام الفاسدة ففي العبادات أصلح أحكام الحج مع بقاء أصلها وفي المعاملات حرم الربا وقليلا من المعاملات مع بقاء المعظم من الأحكام على الإباحة الأصلية.
وفي الخيار الاصلاحي من الجذور وإحلال البديل نقض عقيدة الشرك وأقام عقيدة التوحيد ولم يقبل بأنصاف الحلول فيها أو بخيار التكميل أو الترميم.