الهجرة النبوية الشريفة كانت انتصارا للحق أم فرارا من القتل؟


لقد أرسل الله -- عزوجل -- رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - رحمةً للعالمين ، وجعله بشيرا ونذيرا وسراجا منيرا ، يُضِئُ ظلامَ القلوب ويُحْيِي مَواتَ النفوس فهدى اللهُ به من الضلالة ، وعلم به من الجهالة ، وفتح به أعينا عُميا وقلوبا غلفا ، دعا الناس إلي الإيمان ودَلَّهم إلي التوحيد ، وأقام بهم دولة الإسلام .
لكنّ هذه الدعوة الرحيمة والرسالة العظيمة ، لم تجد الطريق أمامها سهلا مُعبداً مفروشا بالزهور والرياحين ، وإنما وُضِعت في طريقها القيود والعراقيل .
والمسلمون حينما يتذكرون الهجرة النبوية الشريفة لايفوتهم تَذَكر الأحداث العِظام ، والتاريخ المجيد الذي سجل للرسول الأعظم -- صلى الله عليه وسلم -- وصحبه الكرام أجل صفحات العظمة والشجاعة والتألق في الوفاء بالعهد والثبات على الحق ، والتضحية بالغالي والنفيس بل بأعز مايملكون .
يتذكر المسلمون نبيهم الهادي البشير - صلى الله عليه وسلم - وقد أمره ربهُ - عزوجل - أن يَصْدع بالحق ويدعو إلي التوحيد ، ويخلص الناس من الفساد والظلم وينتشل المجتمع الذي كان يعيش في ظلمة وجهل إلي نور يشرح الصدور ويُحيي القلوب وينير البصائر .
مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى الله على بصيرة بالحكمة والموعظة الحسنة ، وكان مثال التفاني والإخلاص في دعوته ، لم يترك سبيلا ولاطريقا يدعو بها قومه إلي الهدى والرشاد إلا سلكها واتبعها ، كان يذهب إلي القبائل قبيلة قبيلة ، ويغدو إليهم في أماكن اجتماعهم وأسواقهم وحجهم ، وكان سهلا لينا واضحا في دعوته بعيدا عن الإغراء والإغواء والتنفير .