مصر | قادة الجيش فوق القانون
رابطة علماء أهل السنةفي الذكرى الخامسة للإنقلاب العسكري، وعودة الجيش مرة أخرى إلى السلطة بعد فترة "طلاق" قصيرة، أقر البرلمان المصري قانونا يمنح قادة الجيش وكبار الضباط حصانة مفتوحة ومزايا واسعة، وذلك في مواجهة اتهامات واسعة من حقوقيين مصريين ودوليين لكبار ضباط الجيش والأمن المصري بارتكاب مجازر غير مسبوقة في تاريخ مصر.
قُدم القانون المحصن للمتورطين في الجرائم من قبل الحكومة وناقشته لجنتا الدفاع والأمن القومي في اجتماع مشترك ظهر أمس الثلاثاء، ثم قدم إلى جلسة برلمانية مفتوحة ليتم إقراره مبدئيا على عجل، دون مسار طويل في انتظار إقراره النهائي في جلسة لاحقة ينتظر أن لا تتأخر طويلا.
يهدف القانون حسب التصريحات الرسمية إلى تكريم الضباط الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن في مرحلة حساسة من تاريخه، ويمثل بالنسبة للمعارضين ونشطاء التواصل الاجتماعي "رشوة" من زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي لقادة المؤسسة العسكرية، وتمكينا لهم من الإفلات من العقاب. وبينما ينال الضباط تكريماتهم وأنواط الشرف، تتساءل أرامل وأيتام ضحايا العنف في عهد السيسي: أين العدالة؟
حصانة وامتيازات
تنص إحدى مواد القانون أنه لا يجوز مباشرة أي إجراء من إجراءات التحقيق أو اتخاذ أي إجراء قضائي بحق أي من كبار ضباط الجيش بشأن أي فعل ارتُكب خلال فترة تعطيل العمل بالدستور -في إشارة إلى إعلان الانقلاب العسكري يوم 3 يوليو/تموز 2013- وحتى تاريخ بداية ممارسة مجلس النواب الحالي مهامه أثناء تأديتهم مهام مناصبهم أو بسببها، إلا بإذن من المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
كما يخول هذا القانون -وفقا للمادة الأولى منه- لرئيس الجمهورية حق استدعاء ضباط كبار إلى الجيش للخدمة مدى الحياة. وتنص المادة الثانية منه على أن يعامل "المعاملة المقررة للوزير كل من لم يشغل من كبار قادة القوات المسلحة -المعنيين بهذا القانون- منصب الوزير أو منصبا أعلى، ويتمتع بجميع المزايا والحقوق المقررة للوزراء في الحكومة".
وبالإضافة إلى ذلك يمنح القانون الجديد مزايا ومخصصات واسعة لكبار ضباط الجيش، بينها التمتع بجميع المزايا والحقوق المقررة للوزراء، والتمتع أثناء سفرهم خارج البلاد بالحصانات الخاصة المقررة لرؤساء وأعضاء البعثات الدبلوماسية.
الإفلات من العقاب
يمثل القانون في منطوقه الحقوقي عفوا رسميا عن ممارسات قادة المؤسسة العسكرية المصرية في الفترة التي تلت الانقلاب، وهي الفترة التي ارتكبتت فيها انتهاكات ومجازر راح ضحيتها آلاف القتلى والجرحى والمصابين، خصوصا في ما عرف بمجزرتي رابعة والنهضة اللتين حدثتا في أحد أشد الأيام قساوة وصعوبة على مناهضي الانقلاب في مصر، وكان وفق كثيرين أبرز أيام الدم والموت في مصر الحديثة، ووصفته هيومن رايتس ووتش بأنه "إحدى أكبر وقائع القتل الجماعي لمتظاهرين سلميين في يوم واحد في تاريخ العالم الحديث".
لا يوضح القانون في مواده وحيثياته الخلفيات القانونية والإنسانية التي أجازت لمجلس النواب طي إحدى أكثر الصفحات إثارة للغط والجدل في الماضي وربما في المستقبل، خصوصا في ظل تقارير حقوقية موثقة تعرضت لحجم الانتهاكات، ودعاوى قضائية دولية يصر أصحابها على معرفة الحقيقة وإقرار العدالة بشأن ما حدث.
واكتفت اللجنة المشكلة من البرلمان لإعداد القانون في إطار تبريرها له بالقول "هؤلاء القادة من أبناء مصر الأوفياء، قدموا أرواحهم فداء لأمن مصر واستقرارها، ومصالحها، خلال أيام تاريخية، وفي مواجهة تحديات متعددة واجهت مصر وشعبها"، مضيفةً أن "مصر لا تبخل عليهم بأي عطاء أو تكريم أو تأمين يستحقونه".
ولكن المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين طلعت فهمي اعتبر القانون بمثابة "استمرار لجرائم العسكر الذي انقلب على الشرعية منذ خمس سنوات، وتقنين للجريمة وتحصين للقتلة"، مضيفا للجزيرة أن القانون يوحي أيضا بحالة من التخوف من المستقبل لدى النظام الحاكم.