عندما ندخل في عملية الدراسة لأي مشروع، نسمع كثيرا عند البدء مقولة " يجب دراسة نقاط القوة ونقاط الضعف" وبالفعل نبدأ في دراسة هذه النقاط ونسهب ونبدع في الدراسة، ولكن للأسف لانستفيد منها ولا نطبقها على الواقع.
ثم يكون الفشل هو النتيجة الطبيعية، والتي تحتاج بالطبع إلى دراسة، ويخرج التقرير مركزا بالطبع على القصور الحادث في التنفيذ دون الإلتفات إلى الطريقة التي بدأت بها دراسة المشروع، ووضع آليات تنفيذه.
ولو انتبهنا للحظة، لوجدنا أن العيب في بداية التفكير في المشروع وكيفية رصد نقاط القوة والضعف ومدى واقعيتها وتطابقها مع المشروع المزمع دراسته وتنفيذه.
المشكلة الرئيسية عند بداية الدراسة أن هناك طرفان ( ولا أقول عاملان ) مهمان في المشروع إذا أهملتهما، ستصبح الدراسة كلها بلا طائل.
أولهما : " المستهدف " هو الشخص المستهدف بالمشروع، من هو وماذا يريد وماذا يحب وماذا يكره، والذي وفقا لكينونته أستطيع أن أحدد نقاط القوة والضعف عندي، فمن الممكن أن يكون لدي شيء أعتبره قوة، ولكن عندما أراجع الجمهور المستهدف، أجد أن هذه النقطة لا تعنيهم في شيء، والعكس صحيح أيضا، فربما نقطة أحسبها عندي ضعفا أو غير مهمة، وتكون هي النقطة الهامة التي، إذا أحسنت توظيفها، سبب النجاح.
ثانيهما : " الآخر " وهذا هو المنافس الذي يجب دراسته جيدا، ودراسة ما يقدم وكيف يفكر، ونقاط القوة والضعف عنده للاستفادة منها.
فالرسول صلى الله عليه وسلّم ، لم يعامل كل الناس بالمال، ولم يعامل كل الناس بالترغيب في الجنة والتخويف من النار، وإنما كان يتعامل وفقا للشخصية التي أمامه ويستخدم معها الأسلوب الأنسب.
فالأنصار يرجعهم إلى دينهم وحبهم له، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا . ووكلتكم إلى إسلامكم ، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار . اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار . وأبناء أبناء الأنصار .
فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا : رضينا برسول الله قسما ، وحظا . ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتفرقوا .
وآخر حديث عهد بالإسلام، يؤلّف قلبه بالغنائم.
وثالث لا يصلح له إلا السيف، فهذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم : من ياتيني برأسه وله الجنة.
الأمثلة والمواقف كثيرة في سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلّم، ولكننا لا نقرأ السيرة لنأخذ منها دروسا وعبرا نطبقها في حياتنا، وإنما نقرأها لنحفظها وينتهي الأمر.
والقضية الأساسية التي ندور حولها " عندما أخطط وأنا لم أدرس المنافس (الآخر) ولا أفكر في المستهدف (هو) وكأنه غير موجود........ فأنا أخطط لنفسي وأنافسني".