رغم أنه ليس الأول فإن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب للرئيس السوري بشار الأسد بأنه سيدفع "ثمنا باهظا"، ردا على قصف قواته دوما بالسلاح الكيميائي ليلة أمس السبت، اعتبر لافتا نظرا للغته وتوقيته، وسط أسئلة عما سيفعله سيد البيت الأبيض.
ترمب وصف الأسد بـ"الحيوان"، وهي المرة الثانية التي يستخدم فيها هذا الوصف، حيث قال في مقابلة مع قناةفوكس نيوز في مثل هذا الشهر من العام الماضي عن الأسد "إنه حيوان"، عندما كان يشرح أسباب القصف الأميركي لمطار الشعيرات ردا على قصف النظام مدينة خان شيخون بالأسلحة الكيميائية.
وهاجم ترمب كلا من روسيا وإيران الداعمين لنظام الأسد، وقال في تغريدة على حسابه على تويتر إن الرئيس السوري "سيدفع ثمنا غاليا" على استخدام السلاح الكيميائي، وأضاف أن العديد من السوريين قتلوا في الهجوم منهم نساء وأطفال.
كما انتقد ترمب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإيران، وقال "إنهما مسؤولان عن دعم الحيوان الأسد".
ودعا ترمب لفتح المنطقة التي شهدت الهجوم الكيميائي بسوريا من أجل التحقيق وتقديم المساعدة الطبية، واصفا ما يجري بالكارثة الإنسانية.
خطوط أوباما الحمراء
كما هاجم ترمب سلفه الرئيس السابق باراك أوباما، وقال "لو التزم أوباما بخطه الأحمر المعلن في سوريا لانتهت الكارثة الإنسانية منذ زمن طويل".
وهذه التصريحات هي الأعنف من الرئيس الأميركي تعليقا على ما يجري في سوريا، ولم يستبعد مستشار البيت الأبيض للأمن الداخلي توماس بوسرت أي خيار للرد على الهجوم بأسلحة كيميائية في دوما.
وبرأي الخبير الاستراتيجي اللواء مأمون أبو نوار فإن الخيارات تبدو معقدة لتوقع رد الفعل الأميركي بعد التصعيد الذي ظهر في تصريحات الرئيس ترمب.
وقال أبو نوار للجزيرة نت عبر الهاتف من عمان إن الخيارات تبدو معقدة، وأن احتمالات توجيه ضربة أميركية للنظام السوري تتوقف على تقدير حجم الهجوم الكيميائي ونوعية الغاز المستخدم، إضافة لحسابات المواجهة مع روسيا.
الخيارات الأميركية
"
روسيا قادرة على إسقاط صواريخ التوماهوك إذا استخدمتها واشنطن لضرب النظام السوري، وهي نفسها التي استخدمت في قصف مطار الشعيرات العام الماضي ردا على قصف مدينة خان شيخون وأي اسقاط من روسيا لهذه الصواريخ "يعني اندلاع مواجهة أميركية روسية لا يمكن لأحد أن يتوقع إلى أين ستصل
"
وتابع الخبير الاستراتيجي "إذا وجدت واشنطن أن الغاز المستخدم هو غاز الكلورين فلا أتوقع أن تكون هناك ضربة أميركية لسوريا، أما إذا كان الغاز المستخدم هو السارين فإن الولايات المتحدة ستوجه ضربة للنظام السوري بغض النظر عن نوعيتها وحجمها".
المحلل الاستراتيجي لفت إلى أنه إذا حصل الأميركيون على تعهدات بإدخال فرق دولية لأخذ عينات للتحقيق في الهجوم في دوما فإن ذلك قد ينزع فتيل أي ضربة أميركية للنظام السوري.
لكنه استدرك بالقول "طالما هناك فيتو روسي صيني في مجلس الأمن فإن الآليات الدولية للتحقيق في هذه الهجمات ستبقى معطلة".
وبرأي أبو نوار فإن أي ضربة أميركية للنظام السوري تتطلب تنسيقا مع روسيا، وأضاف "عندما وجهت الولايات المتحدة ضربات لمطار الشعيرات العام الماضي تم إبلاغ الروس، وبناء على تصريحات موسكو اليوم فإن هناك توقعات بألا يوافق الروس على الضربة الأميركية للنظام".
وزاد "روسيا قادرة على إسقاط صواريخ التوماهوك إذا قررت واشنطن استخدامها لضرب النظام السوري، وهي نفسها التي استخدمت في قصف مطار الشعيرات العام الماضي ردا على قصف مدينة خان شيخون.
واعتبر أن أي اسقاط من روسيا لهذه الصواريخ "يعني اندلاع مواجهة أميركية روسية لا يمكن لأحد أن يتوقع إلى أين ستصل".
نوع الرسالة
وأشار إلى أن استخدام التوماهوك سيكون بمثابة "رسالة سياسية أكثر من كونها ضربة ستحدث تغييرا في المعادلة على الأرض"، معيدا التذكير بعودة مطار الشعيرات للعمل بعد يوم من قصفه في أبريل/نيسان من العام الماضي.
لكن المحلل الاستراتيجي قال إن أي ضربة أخرى يراد لها أن تحدث تدميرا سينتج عنها تغير في معادلة الحرب في سوريا.
وعن توقيت التصعيد الأميركي في خضم الجدل الذي أثارته تصريحات ترمب عن انسحاب قوات بلاده من سوريا، اعتبر أبو نوار أن "القوات الأميركية لن تنسحب في المدى القريب أو المتوسط".
وقال إن "خروج الولايات المتحدة من سوريا يعني انكشاف قوات النيتو التي عززت من وجودها شرق الفرات، ويعني انكشاف الخليج أمام التمدد الإيراني، وتحقيق نصر استراتيجي لإيران، وتقوية حلف المصالح الذي بدأ يقوى شيئا فشيئا بين روسيا وتركيا وإيران".
وذهب أبو نوار لتوقع أن تبقى القوات الأميركية، واصفا تصريحات ترمب بأنها تهدف "لتحقيق مكاسب بأن يتحمل النيتو جزءا من الكلفة على الأرض، وأن تتحمل السعودية ودول الخليج تكلفة بقاء القوات الأميركية في سوريا، وهو ما سيحدث".
ووسط جدل التهديدات والتصريحات والاتهامات للنظام السوري بقتل المدنيين بالأسلحة الكيميائية، والحديث عن توقعات ما بعد تصريحات ترمب، تبدو الحقيقة الأكثر جلاء في دوما اليوم هي صور الضحايا من الأطفال والنساء الذين يدفعون الثمن إزاء كل ما يجري.