الأحد 22 ديسمبر 2024 12:25 مـ 20 جمادى آخر 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    من النص إلى الواقع أولا

    رابطة علماء أهل السنة

    إن مقصد نزول الوحي هو بناء الإنسان والمجتمع أولا ثم معالجة المشكلات التي تعترضه في الطريق ثانيا

    فما يريده منا الوحي هو أن ننطلق منه إلى بناء الواقع أصالة ثم معالجة الواقع به تبعا

    إن مشكلات الواقع تحتم علينا منهجية الرجوع إلى النص لإيجاد الحل فيه لكن ذلك ليس هو الأصل 
    إنما الأصل هو منهجية الإنطلاق من النص إلى الواقع في عملية البناء والإصلاح فهو يقوم بمهمة البناء ثم يقوم بمهمة الحماية ومعالجة المشكلات

    إن الإسلام لا يستدعى عند المشكلات والأزمات فحسب  بل الأصل أنه يستدعى في عملية البناء والإعمار للحياة، وإلا فهو دين مركون على الرف يرجع إليه عند الحاجة وليس هو الروح والمنهج والهواء الذي نتنفسه في كل وقت وحين.

    من أكبر المشكلات المنهجية التي نقع فيها هو الاعتماد الكلي أو الجزئي على منهجية البحث عن الحلول الفكرية والفقهية للنوازل والحوادث عند وقوعها من الوحي قرآنا وسنة حيث يجعلنا هذا في دائرة رد الفعل الدائم والمستجيب للطوارئ.


    أو استدعاء النص لتبرير الواقع وشرعنة الرغبات عند أصحاب الهوى.

    إن المنهجية المثمرة هي منهجية استيعاب الوحي ودلالاته وكيفيات تنزيله على الواقع لقيادته نحو الخير والسعادة وتحقيق المصالح وفق مبدأ التدرج.


    وكل معالجات النوازل والحوادث ستكون (محطات في الطريق لا نهاية الطريق)

    فليس صحيحا أن نطبق منهجية محاربة المنكر السياسي والمظالم السلطوية دون ( أو ) قبل منهجية التوعية فكرا وعملا بقيم العدل والحرية والشورى والانتماء والمرجعية الإسلامية في الحكم .

    وليس صحيحا أن نتجه لحل مشكلة ترك الصلاة عند الطفل بمنهجية العقوبة بالضرب دون ( أو ) قبل منهجية تعريفه بالله وأمره بالصلاة لمدة ثلاث سنين كما ورد في الحديث.

    وليس صحيحا اعتماد منهجية المعالجات للانحرافات الاخلاقية دون ( أو قبل ) منهجية الأصل وهي نشر الأخلاق وبيان منظومة الإسلام في نشر القيم والفضيلة مثل منهجية محاربة الزنا قبل منهجية تسهيل الزواج. 

    وليس صحيحا اعتماد معالجة الفقر وفق منهجية دفع الزكاة والصبر على الفقر دون ( أو قبل ) منهجية بيان نظرية الإسلام في التمكين الاقتصادي للمسلم وان الاصل ان يكون غنيا لا فقيرا. 

    ونعني بالأولويات هنا هو من حيث الواجب والأهمية والدعوة وليست أولويات زمانية ومرحلية منفصلة (فالبناء والحماية يكون بالتوازي وفي وقت واحد لكن وفق هذه الأولوية وترتيب الأهمية).

    إنها منهجية الأوامر قبل النواهي والواجبات قبل المحرمات وافعل قبل لا تفعل. 

    فالأوامر والواجبات وافعل هي منهجية البناء وهي الأعم الأغلب في الدين

    والنواهي والمحرمات ولا تفعل منهجية الحماية وهي الأقل في الدين


    وبشارة الله للطائعين بالجنة ليست أقل من نذارة الله للعاصين بالنار

    "إنا ارسلناك بالحق بشيرا ونذيرا" ... قدم البشارة على النذارة

    إنها منهجية البناء بالوحي قبل الحماية به


    فالاهتمام بالسور الحامي دون وجود بناء شامخ  جهل بالأولويات والمنهجيات الشرعية المفترضة أن تكون.

    النص الواقع البناء الأولويات الإسلام الثواب العقاب افعل البشارة النذارة

    مقالات