أردوغان يصعِّد.. أنقرة تقرر مقاطعة السفير الأميركي.. والرئيس التركي يتساءل كيف تسلل العملاء للقنصلية؟
رابطة علماء أهل السنة
في تصعيد لأسوأ خلاف بين البلدين الحليفين، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء 10 أكتوبر/ تشرين أول 2017 مقاطعة القادة الأتراك الاجتماعات مع السفير الأميركي في أنقرة، في خطوة قد تعزز احتمالات ابتعاد تركيا عن الغرب ولاسيما واشنطن شريكتها في الناتو.
وقال أردوغان خلال زيارة إلى العاصمة الصربية بلغراد إن بلاده لم تعد تعتبر السفير الأميركي جون باس "ممثلاً للولايات المتحدة في تركيا"، بعد أن أوقفت القنصليات الأميركية في بلاده إصدار التأشيرات لغير المهاجرين.
بداية الخلاف
وبدأ الخلاف بين البلدين الأسبوع الماضي حين أوقفت السلطات التركية موظفاً تركياً في القنصلية الأميركية للاشتباه بارتباطه بمحاولة الانقلاب التي وقعت العام الماضي.
وردت واشنطن بتعليق خدمات منح التأشيرات لغير المهاجرين في ممثلياتها في تركيا، ما دفع أنقرة للرد بالمثل.
وقال أردوغان "لم نعد نعتبره ممثلاً للولايات المتحدة في تركيا"، في إشارة إلى باس.
وأضاف "لم نوافق ولا نوافق أن يقوم هذا السفير بزيارات وداعية للوزراء، رئيس البرلمان ومعي شخصياً". ويغادر باس أنقرة في الأيام المقبلة إثر تعيينه سفيراً في كابول.
ومن غير المسبوق في تاريخ العلاقات الأميركية التركية أن تعلن أنقرة إنها لم تعد تعترف بسفير واشنطن لديها.
ويقوم السفراء الأجانب المغادرون البلاد بزيارات وداعية لكبار المسؤولين المحليين قبل ترك مناصبهم ومغادرة البلاد، عملاً بعرف دبلوماسي سائد.
-"عملاء في القنصلية"
وقال أردوغان إن توقيف الموظف التركي استند إلى أدلة عثرت عليها الشرطة تظهر أن "ثمة ما يدور في قنصلية (الولايات المتحدة في) إسطنبول".
ويقول مسؤولون أتراك مراراً أن للولايات المتحدة يداً في محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز/يوليو 2016، والتي تتهم أنقرة جماعة الداعية المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن بالوقوف خلفها.
ونفت واشنطن هذه الاتهامات التي وصفتها بأنها نابعة من نظرية مؤامرة هزلية، فيما نفى غولن نفسه أي صلة بمحاولة الانقلاب.
وقال أردوغان "ينبغي على الولايات المتحدة أن تنظر في شيء واحد: كيف تسلل هؤلاء العملاء للقنصلية؟".
وتابع "إذا لم تقم (الولايات المتحدة بوضعهم هناك)، فمن الذي وضعهم هناك؟ ليس هناك دولة تسمح لمثل هؤلاء العملاء بتشكيل خطر" عليها.
ورفضت السفارة الأميركية الاتهامات ضد الموظف في قنصليتها معتبرة أن "لا أساس لها".
والإثنين، استدعى القضاء التركي موظفاً تركياً ثانياً في القنصلية الأميركية في إسطنبول، حسب ما أفادت وكالة أنباء الأناضول الحكومية.
وتشير تقارير إلى اختباء الموظف في القنصلية، واعتقلت السلطات زوجته وابنه الإثنين، قبل أن تعتقل ابنته الثلاثاء.
وفي آذار/مارس 2017، أوقفت السلطات التركية موظفاً تركياً في القنصلية الأميركية في أضنة بتهم دعم حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
وقال أنتوني سكينر من مؤسسة " فيرسك مابلكروفت" البريطانية للاستشارات في المخاطر السياسية إنه "ليس من الوارد أن تخفت الأزمة الحالية بسهولة".
-"الابتعاد عن الغرب"
وكان مسؤولون أتراك أعربوا عن أملهم في فتح صفحة جديدة في العلاقات بين أنقرة وواشنطن في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وكان أحد مظاهر الابتعاد بين الجانبين شراء تركيا لصواريخ S400 من روسيا، حيث أعرب جوزف دانفورد، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة عن قلق واشنطن من هذه الصفقة.
وحتى الآن، كان أردوغان حريصاً على عدم الإشارة لترامب في الأزمة، ملقياً باللوم فقط على السفير باس.
وقال أردوغان إنه إذا ما جاءت الأوامر بتعليق إصدار التأشيرات مباشرة من باس، فعلى الإدارة الأميركية "ألا تبقيه هنا لدقيقة واحدة إضافية".
وتابع "هم بحاجة أن يسألوه، كيف تضر العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، من أعطاك السلطة؟" لفعل ذلك.
ودخل رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم هو الآخر على خط الأزمة رافضاً انتقادات واشنطن لتوقيف موظفي القنصلية الأتراك، قائلاً إن أنقرة لا تحتاج إلى موافقة أميركية للقيام بذلك.
عدوة
وانقلبت الصحافة التركية على الولايات المتحدة، فوصفت صحيفة "يني شفق" اليومية بالخط العريض على صفحتها الأولى الولايات المتحدة بأنها "عدوة وليست حليفة".
وتوترت العلاقة بين واشنطن وأنقرة مع رفض الولايات المتحدة تسليم الداعية غولن لتركيا، وكذلك بسبب الدعم الأميركي للمليشيات الكردية في سوريا.
وأوقفت السلطات التركية القس أندرو برانسون المشرف على كنيسة في مدينة إزمير على ساحل بحر إيجه في تشرين الأول/أكتوبر 2016 بتهمة الانتماء إلى شبكة غولن، المقيم
في الولايات المتحدة منذ 1999.
واقترح أردوغان في 28 أيلول/سبتمبر 2017 على الولايات المتحدة تسليم غولن مقابل الإفراج عن القس الأميركي، إلا أن واشنطن لم تبد أي تجاوب مع هذا الاقتراح.
إيران
وأبدت أنقرة غضبها من توقيف نائب مدير عام "بنك خلق" (البنك الشعبي) الحكومي محمد حقان أتيلا في الولايات المتحدة لاتهامه بمساعدة إيران على الالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة عليها.
وأتيلا متهم بالتعامل مع رجل أعمال تركي-إيراني يدعى رضا ضراب وغيره لتحويل ملايين الدولارات بصورة غير قانونية عبر مصارف أميركية إلى الحكومة الإيرانية ومؤسسات في إيران.
وتساءل يلدريم "هل هذا تصرف يليق بتحالف أو صداقة؟".
وقال المحلل سكينر إن أياً من الطرفين لا يريد "قطعاً كاملاً" للعلاقات، لكنه أشار إلى أن الأزمة يمكن أن "تولد زخماً أكبر لابتعاد تركيا عن الغرب".