مسلمو كندا يؤدون صلاة العيد في ملعب مدرسة كاثوليكية.. ولا يجدون من يحتاج لحم الأضحية
رابطة علماء أهل السنة
صلاة العيد في مقاطعة أونتاريو الكندية، وتحديداً في مدينة لندن أونتاريو التي يعيش فيها حوالي 40 ألف مسلم، تمت هذه السنة بشكل استثنائي في ملعب مدرسة كاثوليكية. ففي الوقت الذي تعذر فيه الحصول على موافقة المراكز والقاعات الموجودة في المدينة، لكي يتمكن المسلمون من أداء صلاة العيد، قبلت إحدى المدارس الكاثوليكية أن تفتح أبوابها لكي يتمكن المسلمون من أداء خطبة وصلاة عيد الأضحى في ملعبها.
تعايش أديان
الشيخ عبد الفتاح توكل، إمام ورئيس الشؤون الإسلامية في المسجد الإسلامي في مدينة لندن أونتاريو، صرَّح لهاف بوست عربي، أن الصعوبة واجهتهم في الحصول على حجز في أماكن وملاعب مغلقة كي يقيموا فيها شعائر العيد كما كان في السنوات السابقة، وبعد تواصل إدارة المسجد مع إحدى المدارس الكاثوليكية للسماح بأداء صلاة عيد الأضحى في الملعب خارج المدرسة عبَّرت عن ترحيبها، ووافقت دون أي مقابل.
هذا التصرف يعكس حسب الشيخ عبد الفتاح مدى أخوية العلاقة بين أفراد المجتمع الكندي من مختلف الأديان، ومدى الاحترام المتبادل بين مؤسستين مسيحية ومسلمة "أداء الصلاة في ساحة ملعب مخصص للمدرسة الكاثوليكية لا يتعارض أبداً مع مبادئ الدين الإسلامي، بل بالعكس يعطي صورة واضحة عن مدى انفتاح المسلمين للتعايش مع أبناء مجتمعهم، كما جاء في محكم قوله تعالى في كتابه الكريم "قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئَاً".
ويؤكد الشيخ توكل أن الجالية المسلمة في المدينة نظراً لتزايد عددها فهي تسعى لإقامة مركز للشباب، يضم قاعات كبيرة للألعاب يمكن أن تستوعب عدداً كبيراً من المصلين، لأداء الصلاة فيه خلال عيدي الفطر والأضحى.
القانون فوق الجميع
إيمان الخطيب، مسلمة مقيمة في كندا، ترى أن السماح للمسلمين بأداء الصلاة في ملعب المدرسة الكاثوليكية يعطي انطباعاً جميلاً عن مدى احترام وتقدير المجتمع الكندي للمسلمين، إضافة إلى تعزيز مبدأ حرية الأديان وممارسة الشعائر والطقوس.
إيمان قالت لهاف بوست عربي "إن الصلاة في ملعب المدرسة الكاثوليكية عزَّز انطباعَ المجتمع المسلم الكندي، بأهمية التعايش بين الأديان المختلفة، إذ إن القانون الكندي يُلزم الجميع باحترام المعتقدات، ولا يوجد أي شخص فوق القانون.
ورغم وجود مظاهرات مناوئة للإسلام في مدينة إيمان، إلا أن المسلمين لهم الحرية المطلقة في ممارسة شعائرهم الدينية، حيث قدم الآلاف منهم للصلاة في الملعب، مما يؤكد أن "كندا بلد التعايش الحقيقي بين الطوائف".
أضحية المسلخ
بعد الصلاة يرغب المسلمون في كل أنحاء العالم في نحر الأضحية، ومنهم مسلمو كندا، الذين يتمنى الكثير منهم القيام بها رغم اغترابهم. من بينهم زهير تاوتاو، كندي جزائري، الذي عبَّر لهاف بوست عن أمنيته ذبح الأضحية بيده، جرياً على السنة، ولكن ذلك مستحيل في كندا، حيث يجب أن يتم الذبح في مسالخ خاصة، وأن يقوم الأشخاص العاملون في المسلخ بذلك.
تاوتاو فضَّل أمام هذا الوضع إرسال مبلغ الأضحية إلى بلده الأم الجزائر، ليتم الذبح هناك، خاصة مع ارتفاع سعر الخروف في كندا ليصل إلى حوالي 400 دولار كندي (340 دولاراً أميركياً تقريباً)، في حين أن سعر الأضحية في الجزائر أرخص، كما يشرح: "ممكن أن نضحي بنفس المبلغ بأضحيتين في الجزائر، كما أن قيام مسلخ أو متجر بعملية الذبح وإرسال الخروف مذبوحاً ومقطعاً لي يفقدني الشعور بفرحة الأضحية والعيد".
حسب تاوتاو، هناك البعض يجازفون بالذهاب إلى مزارع خاصة والذبح فيها، وهو أمر لا يحبّذه لأنه مخالف للقانون، وتصل غرامته إلى 5 آلاف دولار، كما أن الأضاحي من الخرفان أو البقر تكون غير صحية ومريضة.
هذا المشكل يؤكده أيضاً محمد سليمان العقيلي، وهو كندي مصري يعمل كمدير نظم برامج ومعلومات في إحدى الشركات الكندية، إذ يواجه مسلمو كندا صعوبة في ذبح الأضاحي لعدم وجود أماكن مخصصة لذلك وفقاً للشريعة الإسلامية بإمكانها استيعابهم كلهم في نفس اليوم، وأحياناً نفس الساعة.
العقيلي يطرح في حديثه للهاف بوست مشكلةً أخرى، وهي ارتفاع أسعار الأضاحي قبل عيد الأضحى، لأن معظم الماشية في كندا مستوردة، وزيادة الطلب يؤدي إلى زيادة السعر "الجالية المسلمة في كندا ليست موحدة، وهذا يؤدي إلى ضعف تأثيرها في المجتمع، عدد المسلمين كبير، ولكن تأثيرهم غير واضح على مستوى صناعة القرار ولا يوجد مؤسسة واحدة تمثلنا كي نستطيع حل مشكلة مسالخ الذبح الحلال".
لمن نعطي اللحم؟
بعد الذبح والحصول على الأضحية من المسلخ، يرغب مسلمو كندا في الصدقة بجزء منها، إكمالاً للسُّنة، لكنهم يصطدمون بسؤال عريض: من يحتاج اللحم في كندا؟
حسن غية، كندي لبناني وإمام في مقاطعة كيبيك، يقول إنهم في كندا بإمكانهم شراء اللحم وأكله طيلة السنة، وليس كما هو الحال بالنسبة لمسلمين آخرين في كثير من بلدان العالم لضعف قدرتهم المادية.
وحسب الإمام فإن المسلمين في كندا يواجهون مشكلة بعد الذبح، وهي لمن يتم إعطاء اللحم، لأنه لا يوجد فقراء؟ لحل هذا الإشكال يقترح أن يتم إرسال المبلغ إلى المحتاجين في البلدان الإسلامية، للقيام بذلك في بلدانهم، وذلك ما تقوم به منظمة الإغاثة الإسلامية فرع كندا، التي هو سفير لها، حيث تجمع مبالغ الأضاحي وتتم عملية ذبحها في البلدان المحتاجة.