الثلاثاء 24 ديسمبر 2024 04:42 صـ 22 جمادى آخر 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    من الانقلاب الذي يُسكت الأذان، إلى الأذان الذي أسكت الانقلاب!

    رابطة علماء أهل السنة

    ترجمة وتحرير ــ تركيا بوست

    لا يمكننا إلا أن نحمد الله على النقطة الحالية التي وصلت إليها الأجيال التي تربّت في ظلّ الانقلابات.

    فعندما كنت في المرحلة المتوسطة في سنة 1958، كان يتمّ تحذيرنا إن تم الحديث عن حادثة الضباط التسعة، فكانوا يحذّروننا قائلين: “إيّاكم وأن تقولوا لأحد!”. (إن حادثة الضباط التسعة كانت تحضيرات لانقلاب في تلك الفترة تمَّ القبض على الضباط التسعة بإخبارية من شخص ما، وكان أن خرج الضباط التسعة ببراءة بعد محاكمتهم عسكريا، واتُّهِم وحُكِم على المُخبِر عنهم الرائد صامد كوشتشو بالافتراء على الجيش التركي).

    لكن هؤلاء الضباط الذين تمّت تبرئتهم  من التهمة خرجوا أمام الملأ بعد انقلاب 27 مايو 1960 كأبطال في التاريخ.

    “وكان مثلهم الأعلى ورمزهم هو جنرال مسمَّى ب ف. جوفنتورك يمثِّل أيقونة الأيدولوجية الرسمية. وكان رئيس المحكمة الذي برَّأهم من التهمة بعد 27 مايو والذي كان أيضا رئيس هيئة الأركان في ذلك الوقت هو الجنرال جمال تورال!)

    محاكمات الموت
    بعد ذلك عشنا أحداث 27 مايو.. أُوهِمنا أنَّنا قد أُنقِذنا باسم الأتاتوركية! لكننا وجدنا في حكم العلمانيّين- الكماليّين وحزب الشعب الجمهوري عشرات الآلاف من الاعتقالات والمحاكمات المُبتَدَعة في جزيرة ياسّي أدا، هذه المحاكمات التي أَعطوها اسم محاكمة ليُعدِموا ويتخلَّصوا من رئيس الوزراء عدنان منديريس، ووزير الخارجية فاتن رشدي زورلو ووزير المالية حسن بولاطكان.

    كم كان مخيفا ذلك الانقلاب!                      

    بعد ذلك.. كان تاريخ 22 شباط 1962 يوما لا يُنسى، ففي مساء ذلك اليوم وفي حوالي الساعة 5:30 مساءً قام قائد المدرسة الحربية ألب طلعت أيديمير وأصدقاؤه بمحاولة انقلاب عسكريّ في ذلك الوقت، لكن رئيس الوزراء عصمت إينونو قدَّم لهم وعدا بأنَّهم إن سلَّموا أنفسهم فلن تترتّب عليهم أية عقوبة، وبذلك سلَّموا أنفسهم بعد عدّة ساعات.

    لكنَّهم لم يتعلَّموا أبدا ففي ليلة 21 مايو 1963 قام طلاب المدرسة الحربية والضباط بأمر من طلعت أيديمير بالتحرك ضدَّ النظام وعمل انقلاب ضدّه للمرة الثانية، لكنّ هذا الانقلاب باء بالفشل وأرسل أيديمير وأصدقائه الإثنين إلى حبل المشنقة.

    بعد ذلك شهدنا في 9 آذار 1971 انقلاب (الماركسية)، وفي منتصف نهار 12 آذار 1971 تم إرسال مذكرة عسكرية من قبل العساكر الذين انتشروا في البلاد إلى حكومة ديميريل ليكون بذلك انقلابا عسكريا آخر.. ومرَّة أخرى تمّ إنقاذنا باسم “الأتاتوركية”! فكانت الاعتقالات والمحاكمات والإعدامات بالآلاف..

    وعشنا مرّة أخرى انقلابا عسكريا آخر في 28 شباط 1997 بمذكِّرة عسكرية ضدّ حكومة أربكان..

    الانقلابات التي أفشلتها الديمقراطية
    ومرَّة أخرى ليلة 27 نيسان 2007 أُرسِلَت مذكّرة عسكرية لحكومة أردوغان، لكنَّها أُبطِلَت بإرادة إردوغان.

    وكنّا نتمنّى قبل ذلك أن نصل إلى مقاومة دائمةٍ للانقلاب، أما الآن فالحمد لله أنَّنا وصلنا إلى هذا الحال من المقاومة للانقلابات العسكرية، ومرّة أخرى بفضل أردوغان.

    لكن للحق، لم يكن قبل محاولة انقلاب 15 تموز أيّ انقلاب سابق حاول أن يقصف المجلس البرلماني والمراكز المهمة في الدولة ولم يكن هناك أي انقلاب سابق فتحَ النار في وجه شعبه المجرّد من السلاح والعتاد ليقتل مواطنيه.

    إن هذا الانقلاب لم يكن انقلابا مكمِّلا للانقلابات السابقة، فكان هذا الانقلاب بتخطيط وتنفيذ من قبل المئات من الجنرالات وغيرهم من الضباط بخفاء أو بشكل علني؛ ومعاونيهم في القضاء. لم يكن الشعب على دراية بما يجب عليه أن يفعله في أول ساعتين أو ثلاثة، لأن كل الأخبار كانت منقطعة عن السيد أردوغان.

    وكان قد تم تفجير الفندق في مرمريس الذي ظُنّ أن أردوغان كان يتواجد فيه. بينما كان هو يستقل طائرته من مدينة دالامان منطلقا إلى إسطنبول حيث وصلت طائرته إلى مطار أُطفِئَت إضاءته ومُنِع الطيران منه، فكان هبوط طائرته باستخدام إضاءة الطائرة نفسها أمرا خطيرا. وفي تلك اللحظة كان الانقلابيّون الذين أغلقوا المطار قد تم طردهم من قبل الشعب.

    ويمكننا أن نقول إن ذلك الخوف في النفوس قد تبدّد في الوقت الذي ظهر به أردوغان بين شعبه وفي الوقت الذي تعالى فيه صوت الأذان من المآذن مع الصلاة والتكبير.

    نعم، إن أصوات الأذان بعد أن كان يستهدفها الانقلابيّون لإسكاتها دائما من قبل، أصبحت الآن هي من تُسكِت الانقلابات.

    والآن وبعد الانقلاب نجد بعض وسائل الإعلام كإعلام ألمانيا وإعلام الجنرال السيسي المنقَلِب في مصر وحتى إعلام إيران الرسمي قد انتكسوا وحزنوا لأن أردوغان لم يسقط عن الحكم، لذلك قرَّروا أن يأتوا بكذبة جديدة فقالوا إن ما حصل في تركيا ليس انقلابا بل يمكن أن يكون لعبة ومسرحيّة من أردوغان، هل اعتقدوا أن شعبنا أحمق يصدِّق تفاهاتكم، أنسيتم من كنتم وماذا فعلتم.

    تركيا أمريكا الانقلاب فتح الله تحقيقات الآذان المساجد

    مقالات