الانحياز للظالمين شعارهم.. «حزب النور» يعلن تأييد السيسي لولاية ثالثة
رابطة علماء أهل السنةكالعادة أعلن حزب النور دعمه للطاغية عبدالفتاح السيسي لولاية رئاسية ثالثة، تماما كما جرى قبل مسرحيتي الرئاسة في 2014 و2018م. وأصدر الحزب بيانا الإثنين 02 أكتوبر 2023م قال فيه إن الحزب عقد عددًا من اللقاءات التشاورية مع الأمانة العامة وأمانات المحافظات، وانتهت بجلسة تصويت للهيئة العليا لاتخاذ قرار بشأن المرشح الذي سيدعمه الحزب في انتخابات 2024م. ووفقا لبيان الحزب فقد أسفرت المناقشات عن وجود قناعة راسخة لدى كوادر الحزب، على ضرورة وجود قيادة قادرة على إدارة مؤسسات الدولة المختلفة وتقويتها، وقيادتها لكي تتعاون بما يتناسب مع حجم المخاطر والتحديات التي تواجه مصر والمنطقة بأسرها. وختم الحزب بيانه بتأييد الجنرال الذي اغتصب الحكم بانقلاب عسكري في يوليو 2013م بعدما تمرد وأعلن عصيانه وخروجه على الرئيس الشرعي المنتخب بإرادة الشعب الحرة الدكتور محمد مرسي، ثم ارتكب عشرات المذابح الوحشية التي قتل فيها الآلاف لتثبيت أركان حكمه الاستبدادي. وحثَّ الحزب في بيانه من وصفهم بأبناء الحزب وجميع المصريين على المشاركة في الانتخابات، وما وصفه بالحرص على البناء، والحَذَر مِن السلبية واليأس والإحباط. وأشار الحزب إلى أنه في سبيل دعمه للنظام الحالي فقد ساهم في هذا الدعم بورقة عمل تشمل رؤية الحزب لأولويات العمل خلال المرحلة القادمة”.
بيان الحزب أثار موجة من السخط والغضب، والتي عبر بها كثير من النشطاء والمهتمين بالشأن العام وهموم الوطن على مواقع التواصل الاجتماعي والتي باتت الملاذ الوحيد للتعبير عن الرأي ومعرفة شيء عن توجهات الرأي العام بعيدا عن الآلة الإعلامية للنظام والتي فرضت السلطة وصايتها عليها من الألف إلى الياء.
كتب حساب أبو طارق: «أيها الحزب، لقد انطفا نورك، وزال بريقك؛ فلا دينا نصرت ولا شريعة أظهرت، واليت الظالمين وحاربت المصلحين. جازاك الله شر الجزاء.
وكتب أبو أنس: حزب النور يؤيد الظلام.. يؤيد الجوع والفقر يؤيد بيع الأصوات والتفريط في الجزر وبيع النيل وقتل المعارضين.. هؤلاء أشباه رجال يحركهم تليفون من أمن الدولة».
وكان الباحث والمحلل السياسي علاء بيومي، قد تناول مضمون نحو عشرين تقريرا استخباراتيا ورسالة دبلوماسية من بريد هيلاري كلينتون الذي تسرب سنة 2020م، والتي تتعلق بالشهور الستة الأولى من يوليو حتى ديسمبر 2012م من حكم الرئيس الشهيد محمد مرسي، حيث تشير الرسائل والتقارير إلى أن الرئيس كان محاصرا من عدة جبهات ومنها حزب النور ويفيد أكثر من تقرير بأن مرسي كان على خلافٍ مع قادة حزب النور، وبأنه شعر دوماً بمزايدتهم عليه، وخصوصاً فيما يتعلق بالتدين والعلاقة مع الغرب وإسرائيل، وأنهم كانوا يثيرون الشارع والمتدينين ضده، في الوقت الذي كان يحاول فيه تحقيق الاستقرار.
ودون بيومي كل ذلك في تدوينة له بعد إعلان حزب النور دعمه للسيسي؛ وأضاف أن الرئيس مرسي ـ حسب تسريبات إيميل هيلاري ـ كلف المخابرات الحربية بمراقبة بعض قيادات حزب النور في تعبير عن عدم ارتياحه لمواقفهم.
وكانت ورقة بحثية أعدها الباحث محمد توفيق، بعنوان (السلفيون في معادلة الثورة المضادة في مصر) والمنشورة على موقع “المعهد المصري للدراسات في نوفمبر 2020م، قد خلصت إلى أن الدور الذي لعبه حزب النور وسلفيو الإسكندرية في الانقلاب العسكري وإن كان ليس كبيرا إلا أنه أصبغ الصورة النهائية لقوى الثورة المضادة والانقلاب العسكري في ٣ يوليو ٢٠١٣ بصبغة شرعية مجتمعية متعددة التوجهات. انطلق هذا الدور ـ حسب الورقة البحثية ـ من عاملين مركزيين دفعا الدعوة السلفية وحزب النور للسير في هذا الاتجاه:
- الأول، الارتباط الفكري والعقائدي بالسلفية السعودية، بالإضافة لمؤشرات لدور تمويلي سعودي.
- الثاني، الموقف السلفي المتوجس دومًا من جماعة الإخوان المسلمين، بناء على أدبيات سلفية متراكمة ومترسخة في الخيال السلفي تنزع دومًا لاعتبار الجماعة غريمًا مهددًا للوجود السلفي، دعويًا وسياسيًا.
وحول تفسير الورقة البحثية لمواقف حزب النور، والانحياز للسلطة ولو كانت باغية ظالمة، تنتهي إلى أن سلفيي الإسكندرية وحزب النور في حالة من الحصار السياسي تجبره على السير وفق أفق محدود للغاية، سياسيًا واجتماعيًا وإقليميًا، وعلى الرغم من موقفه “البراجماتي” منذ ثورة يناير وحتى الآن؛ إلا أنه أبدى ممارسة سياسية يمكن اعتبارها تكتيكية للإبقاء على وجوده».
لكن المحلل السياسي علاء بيومي كان أكثر وضوحا في تفسير وتحليل مواقف السلفيين؛ حين كتب في أكتوبر 2015م، منشور له عبر صفحته الرسمية على موقع “فيس بوك” يحلل فيه مواقف حزب النور؛ ويعزو بيومي مواقف سلفيي الإسكندرية وحزب النور إلى الخوف المستمر من بطش السلطة؛ يقول بيومي: “لم يمتنع سلفيو حزب النور عن المشاركة في عهد مبارك لأسباب دينية كموقفهم من الديمقراطية وعلاقتها بالإسلام مثلا، فهامش الديمقراطية والحريات الدينية في ظل حكم مرسي الذي انقلبوا عليه أكبر بمراحل من هامشهما في ظل النظام الانقلابي الذي يدعمونه، السبب الحقيقي لامتناعهم عن المشاركة كان الخوف من السلطة أو النظام”. وأضاف “بيومي”: “الخوف من النظام كان بمثابة بوصلتهم الفكرية الحقيقية، الخوف من الأمن هو ما منعهم من المشاركة السياسية في عهد مبارك ومن دعم ثورة يناير وهو ما دفعهم للانقلاب على مرسي ودعم الانقلاب العسكري، الخوف من السلطان له دور كبير في تشكيل فكرهم السياسي وتخريجاته الدينية المختلفة”.
هذه التحليلات تنتهي إلى أن الخوف من السلطة تمكَّن من نفوس قيادات الدعوة السلفية وحزب النور، وبات له بالغ الأثر في مواقفهم السياسية والدينية والاجتماعية؛ لذلك فإنهم يتغاضون عن انتهاكات السلطة لأحكام الشريعة وتعاليم الإسلام من أجل البقاء، بل مجرد الوجود حتى لو كانوا في معسكر الظالمين. ويندرج تحت هذا الخوف.. الإعلان المتكرر عن دعم وتأييد السلطة رغم بشاعتها وطغيانها وانحرافها عن منهج الله.