الإسلام الجديد وقرآن العبيد
رابطة علماء أهل السنةيحكى أن أحد الطلاب كان يحفظ القرآن في مقتبل عمره على يد أحد الشيوخ، وفي يوم طلب منه الشيخ سرد سورة هود، ومعروف لدى الحفاظ ولدى الطلاب صعوبة سورة هود حتى يتناقلون فيما بينهم “أن هود تقطع الجلود” ارتبك الطالب أمام الشيخ وبدأ القراءة: هود.. ولم يدر إلا بعصا الشيخ تنهال عليه والشيخ يردد غاضباً: هود والقرآن الجديد!
والذي جعلني أسوق هذه الرواية هو الوقوف على تصريحات رئيس وكالة الإستخبارات الأمريكية (CIA) الأسبق جيمس وولسي في عام 2006، عندما قال: “سنصنــع لهــم إسلامــاً يناسبنــا، ثــم نجعلهــم يقومــون بالثــورات، ثــم نُقسمهم لنعــرات تعصبيــة ومــن بعدهــا نحن قادمون للزحــف وســوف ننتصـر”! .
ورأيت أن الرجل يتحدث بحديث الواثق ويستدعي حوادث التاريخ المعاصر قائلاً: “إننا سننجح في النهاية كما نجحنا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، والحرب الباردة ضد الإتحاد السوفييتي”.
وبدوره يرى الكاتب الفرنسي “تيري ميسان” أن الربيع العربي ليس إلا نسخة جديدة من الثورة العربية الكبرى التي خطط لها البريطانيون ضد العثمانيين من عام 1916 – 1918، وأن الغرب عاد هذه المرة ليسيطر من جديد على الأوضاع، لكي يطيح بجيل من الحكام، وتنصيب الإسلاميين مكانهم!!
وهكذا يكون حال من يثق في أمريكا وكلابها!!
أمريكا تُطُلِقُ الكَلْبَ علينا
وبها مِن كَلْبِها نَستنجِدُ !
أَمريكا تُطُلِقُ النّارَ لتُنجينا مِنَ الكَلبِ
فَينجو كَلْبُها..لكِنّنا نُسْتَشُهَدُ
أَمريكا تُبْعِدُ الكَلبَ.. ولكنْ
بدلاً مِنهُ علينا تَقعُدُ!
فقد حدث أوائل القرن الـتاسع عشر أن نشط بعض المبشرين المسيحيين البريطانيين لنشر الديانة المسيحية بين «عبيد الكاريبي» الذين يقومون بأعمال شاقة في المستعمرات البريطانية؛ وهنا احتج الرأسماليون على تنصير العبيد، بزعم أن منح العمال المزيد من التنوير قد يقود إلى تمرد من العبيد يزعزع أركان اقتصاد الإمبراطورية البريطانية التي يعتمد اقتصادها على العبيد.
لذلك فكر المبشرون في صناعة إنجيل جديد، يعمل على غرس المزيد من الولاء والخنوع وينزع من رؤوس العبيد أي أفكار تحض على الحرية! .
فقام المبشرون بحذف كل الفقرات التي يمكن أن تجعل هؤلاء العبيد يفكرون في التحرر من ظلم الأسياد وقهرهم ، وأبقوا على الفقرات التي تقنع العبيد بأن طاعة السادة من طاعة الله، وأن احتمالهم لأعمال السُخرة هى من متطلبات الإيمان بالرب! .
ولإخراج هذه النسخة المعدلة من الإنجيل تم حذف قرابة 90% من محتوى العهد القديم ونصف العهد الجديد لضمان الحفاظ على اقتصاد الإمبراطورية البريطانية!!
وما أشبه الليلة بالبارحة ، فكما صنعوا لعبيد المسعمرات إنجيلاً جديداً ليضمنوا ولاءهم وخضوعهم.. تريد أمريكا أن تصنع لنا إسلامــاً يناسبهم.
فبدأ الترويج لإسلام جديد تُحذف منه الآيات والأحاديث التي تدعو إلى الجهاد وغزوات الرسول- صلى الله عليه وسلم – والحروب الصليبية، لأنها تذكر بالقتال بزعم أنها تروج للأفكار الإرهابية.
وتم وضع اللبنات الأولى للإسلام الجديد ، مع بزوغ ماعرف “بالحرب على الإرهاب” بعد حادثة 11 سبتمبر، التي كانت مجرد خدعة أمريكية ، كما ذكر الكاتـب الفرنسي “تيري ميسان” في كتابه ”الخدعة الرهيبة“، لإيجاد مسوغ لدخول أفغانستان والعراق.
ولم يقف الأمر عند أمريكا بل تخطاها إلى أوربا فقامت النمسا بإصدار قانون ”الإسلام الجديد” الذي وافق عليه البرلمان النمساوي عام 2015م.
وقد عبر عن ذلك وزير الخارجية الأمريكي السابق “ريكس تليرسون” خلال جلسة استماع للإجابة عن أسئلة عضو الكونغرس “سكوت بيري”، بتاريخ 14/06/2017 حيث قال: ’’أحد نتائج قمة الرئيس في الرياض كانت إنشاء مركز لمكافحة الخطاب الإسلامي المتطرف مع السعودية‘‘، وأن المركز قائم الآن وقد افتتح ونحن هناك ، وكذلك كيفية تدريب الأئمة الشباب بمراكز التعليم الإسلامية، ونحن نعمل معهم اليوم في تأسيس هذا المركز الجديد، بما في ذلك المعايير التي سنحاسب عليها”.
هذه الدورات التدريبية والورش التي تحدث عنها “تيلرسون” تسعى لتحويل المساجد إلى مساجد ضرار، لتسويق فكرة فصل الدين عن الدولة، والترويج للحضارة الغربية بثوب الإسلام.
ومع ذلك فنحن على يقين بأن هذه الحملات ستذهب مع من روجوا لها إلى مزبلة التاريخ ، وما “علي عبدالرازق” وكتابه “الإسلام وأصول الحكم” عنا ببعيد!!
لكن السؤال الذي نطرحه هنا:
أي إسلام يريده لنا الأمريكان ليناسبهم؟!!
هل يريدون لنا إسلاما ليبرالياً مائعاً يجعل أتباعه يجرون وراء كل ناعق ويحسبون كل صيحة عليهم ويقوم على فصل الدين عن الدولة والحياة ويحصر الإسلام فى الزوايا والتكايا؟!! .
أم هو الإسلام التبريري التخديري الذي يبرر وجوب طاعة ولي الأمر ولو ألهب ظهورنا بالسياط، وسلب أموالنا، ونهب ثرواتنا، وضرورة الصبر على الظلم والفقر والمرض في انتظار نعيم الجنة؟! .
أم إنه إسلام محاربة الإرهاب وتجديد الخطاب الديني لكي يبقى الطغاة وزبانيتهم في سدة الحكم، ووصف كل من يطالب بالعدالة والحرية بأنه من الخوارج الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتلهم كما قال قائلهم: “طوبى لمن قتلهم أوقتلوه”؟!!
وما يطمئننا هو أنه وإن كانت الأمة اليوم تعيش حالة من الغربة والضعف.. فقد سبق وأن خرج من رحم هذه الحالة “صلاح الدين ومن بعده قطز ومن بعدهما محمد الفاتح. فإن أمة الإسلام قد تمرض ولكنها لن تموت بإذن الله تعالى.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).