بعد اشتباكات دامية بطرابلس.. الدبيبة يتهم أطرافا داخلية وخارجية ويأمر باعتقال المشاركين في ”العدوان”
رابطة علماء أهل السنةاتهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة أطرافا داخلية وخارجية بالوقوف وراء الاشتباكات الدامية في طرابلس بين قوات موالية لحكومته وأخرى مؤيدة لرئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا، وأصدر أمرا باعتقال المشاركين في ما وصفه بالعدوان على العاصمة.
وبعد ساعات من الاشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة في مناطق بوسط طرابلس وضواحيها، يسود هدوء حذر مع ورود أنباء في وقت مبكر اليوم الأحد عن قصف متفرق حول بعض المعسكرات الواقعة في محيط العاصمة الليبية.
وأفادت وزارة الصحة الليبية بمقتل 23 شخصا وإصابة 140 آخرين جراء الاشتباكات التي اندلعت في العاصمة طرابلس ظهر أمس السبت، في حين قال مصدر حكومي ليبي للجزيرة إن 18 مدنيا من بين القتلى.
وقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة إن ما وصفه بالعدوان على طرابلس اليوم أمر مخطط له من الداخل والخارج.
وأضاف الدبيبة -في فيديو نشره على حسابه خلال جولة تفقدية له في أحد شوارع طرابلس مساء أمس- أن من يريد أن يحكم ليبيا بالسلاح والنار نقول له إنك تحلم.
وتابع أنه يتعين الذهاب إلى الانتخابات، وأنه لا يوجد أي طريق آخر، قائلا إن الانقلابات العسكرية لن تنجح، ولن يفلح من يريد حكم البلاد بالحديد والنار.
وأفادت وسائل إعلام ليبية بأن رئيس حكومة الوحدة الوطنية وبصفته وزيرا للدفاع، وجّه وزير الداخلية والمدعي العام العسكري بالقبض على كل المشاركين في "العدوان" على طرابلس، سواء كان مدنيا أم عسكريا.
مواجهات دامية
وتوقّفت المواجهات مع حلول المساء، وعادت قوات موالية لباشاغا أدراجها بعد أن كانت في طريقها من مدينة مصراتة (200 كيلومتر شرق طرابلس) باتجاه العاصمة.
وكانت وسائل إعلام ليبية قد قالت إن أرتالا عسكرية موالية لحكومة باشاغا تتحرك من مصراتة نحو العاصمة طرابلس، في وقت اتهمت فيه مصادر بحكومة الوحدة هيثم التاجوري -قائد الكتيبة 777 المؤيدة لحكومة باشاغا- بالتمهيد لاقتحام العاصمة من خلال زعزعة الاستقرار فيها.
وقد شهد وسط العاصمة مواجهات مسلحة بين قوات جهاز دعم الاستقرار وقوات الكتيبة 777، على خلفية سيطرة جهاز دعم الاستقرار على مقرّ تابع للكتيبة "92" المحسوبة على التاجوري.
وقالت قوة دعم الاستقرار بليبيا إن العملية الأمنية تهدف إلى تجنيب العاصمة الدخول في صراع قد يطول وتكون له آثار وخيمة.
وتأتي المواجهات الدامية أمس في إطار محاولة جديدة من قبل رئيس الوزراء المكلف فتحي باشاغا لدخول طرابلس، وكانت محاولات سابقة لباشاغا -الذي تم تكليفه بتشكيل حكومة جديدة في فبراير/شباط الماضي- قد باءت بالفشل بعد أن تسببت في اشتباكات أوقعت قتلى.
وذكر مراسل الجزيرة نت أن القوات الموالية لباشاغا كانت قد بدأت شن هجوم من محاور الزاوية ومصراتة وجنزور بقيادة أسامة جويلي، في حين بدأت قوات هيثم التاجوري استعادة تمركزاتها في شارع الزاوية، وسط تأكيدات للجزيرة بشأن توجه قوات باشاغا إلى مقر حكومة الدبيبة في طريق السكة.
وأفادت غرفة العمليات المشتركة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية باستخدام طائرات مسيرة لاستهداف آليات عسكرية لقوات اللواء جويلي، بيد أن الأخير قال لقناة ليبيا الأحرار إنه لا يستطيع تأكيد هذه المعلومات.
وكانت مصادر للجزيرة قالت إن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة أشرف على سير العمليات العسكرية من غرفة عمليات الطيران المسير بطرابلس، رفقة قادة الجيش والمخابرات.
وعلِِق مواطنون في مناطق المواجهات، كما لم يتمكن المسعفون من الوصول إلى مصابين. وبالإضافة إلى الخسائر البشرية، خلّفت المواجهات أضرارا مادية كبيرة شملت مستشفيات عدة، وفقا لوزارة الصحة الليبية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).
وعلى الرغم مما جرى، أعلنت إدارة مطار معيتيقة بطرابلس أن المطار مفتوح أمام حركة الملاحة الجوية بصورة طبيعية ابتداء من صباح اليوم، فيما قرر رئيس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة تعطيل عمل موظفي المؤسسة في طرابلس اليوم على خلفية الاشتباكات في المدينة.
اتهامات متبادلة
وقد تبادلت حكومتا الدبيبة وباشاغا الاتهامات بالمسؤولية عن المواجهات الجديدة في طرابلس. وفي حين وصفت حكومة الوحدة ما جرى بأنه غدر بعد أن كانت تخوض مفاوضات لتجنيب العاصمة الدماء، نفت الحكومة المكلفة من مجلس النواب أن تكون رفضت أي مفاوضات معها.
وفي خضم هذا التصعيد الجديد، قال المتحدث باسم مجلس النواب الليبي في طبرق عبد الله بليحق إن رئيس المجلس عقيلة صالح بحث مع عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة سبل التوصل إلى توافق ليبي ليبي وإنهاء المرحلة الراهنة وتحقيق الاستقرار.
دعوات لوقف العنف
في هذه الأثناء، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف فوري للعنف في طرابلس، كما دعا الأطراف الليبية للانخراط في حوار حقيقي لمعالجة المأزق السياسي.
وقال غوتيريش إن الأمم المتحدة تظل على استعداد للوساطة من أجل مساعدة الجهات الليبية على رسم طريق للخروج من المأزق.
من جانبها، أبدت الولايات المتحدة قلقها بشأن سقوط ضحايا مدنيين وتدمير الممتلكات، ودعت سفارتها في طرابلس جميع الأطراف إلى الحوار السلمي.
كما دعت السفارة البريطانية في ليبيا إلى وقف العنف فورا، واستنكرت ما وصفتها بأي محاولة للاستيلاء على السلطة أو التمسك بها بالقوة.
وفي نفس الإطار، دعا المبعوث الخاص لوزير الخارجية الإيطالي إلى ليبيا الأطرافَ المتنازعة إلى وقف فوري لإطلاق النار في طرابلس وخفض التصعيد.
من جانبها، أعربت الخارجية التركية عن بالغ قلقها من الاشتباكات الدائرة في ليبيا، ودعت كافة الأطراف إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وعربيا، قالت الخارجية القطرية إنها تتابع بقلق بالغ التطورات في ليبيا، ودعت الأطراف كافة إلى تسوية الخلافات عبر الحوار.
كما قالت الخارجية الجزائرية إنها تتابع بقلق بالغ التطورات في طرابلس، ودعت كل الأطراف لوقف العنف والاحتكام إلى لغة الحوار.
وفي موقف مماثل، دعت الخارجية المصرية جميع الأطراف الليبية إلى وقف التصعيد وتغليب لغة الحوار وتجنب العنف وضبط النفس.
كما دعت تونس لوقف فوري للعمليات المسلحة.
أما الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، فعبّر عن قلقه من الأوضاع في طرابلس، ودعا الجميع إلى الحوار وتجنب استخدام السلاح.
المصدر : الجزيرة