فرنسا ... قصة معاناة طالبة تونسية مسلمة ... جريمتها ” الحجاب ”
رابطة علماء أهل السنةأعطت الشركات الفرنسية في عام 2017، الضوء الأخضر لمنع موظفي الخدمة العامة من ارتداء الحجاب الإسلامي وغيره من الرموز الدينية في مكان العمل بحكم أصدرته محكمة العدل الأوروبية، التي أكدت أنه لا يشكل تمييزا، ويخضع الموظفين لالتزام الحياد، وفقا لمبدأ العلمانية.
في حين يسمح بارتداء الحجاب في القطاع الخاص؛ لكن يحق لصاحب العمل حظره إذا كان للحجاب عواقب "من حيث التنظيم أو النظافة أو السلامة في العمل".
وهذا ما استندت إليه إدارة ماكدونالد في مدينة نيس عندما قررت إنهاء عقد العمل للطالبة هاجر بركوس؛ بسبب سوء السلوك المتعمد. لتصبح قصتها واحدة من بين قصص كثيرة لنساء محجبات في فرنسا تعانين من مشاكل وصعوبات في العمل والدراسة وغيرها.
كيف بدأت الحكاية؟
نجحت الطالبة الإيطالية من أصل تونسي هاجر بركوس في يونيو/حزيران 2018، في مقابلة عمل بشكل جزئي في مطعم ماكدونالد في مدينة نيس الفرنسية لتقديم الوجبات للزبائن. وأخبرها مدير المطعم أنه لا يوجد أي مشكلة في ارتداء الحجاب أثناء العمل، واقترح ارتداء قبعة تغطي الرأس، وهي ملحق من لباس الشركة الرسمي.
وتقدمت هاجر في أكتوبر/تشرين الأول 2018، بطلب إجراء تدريب احترافي لإدارة المطعم، وهي مرحلة أساسية لنيل دبلوم الماجستير في التسويق والمحاسبة، ونجحت في ذلك. وبموجب هذا العقد، ستصبح هاجر مديرة تشغيلية ومسؤولة عن التنظيم الإداري.
لكن هذا الأمر لم يحصل، استمرت الطالبة بتقديم الوجبات للزبائن، ولم تحترم إدارة ماكدونالد بنود العقد. وعندما بدأت في السؤال عن هذا الأمر، بدأت المديرة الجديدة للمطعم آنذاك في التعليق على غطاء رأسها وقميصها، الذي يصل إلى تحت الكوع بقليل.
وفي حوار خاص للجزيرة نت مع هاجر بركوس، تقول "بدأت التعليقات على مظهري والضغوطات النفسية بشكل يومي، وأجبرتني المديرة على الاختيار بين الالتزام بلباس العمل الرسمي، الذي أرتديه من الأساس، أو تنظيف المراحيض! الأمر الذي رفضته بشكل قاطع. وبعد فترة وجيزة، توصلت بقرار الفصل".
إنهاء الدراسة وتداعيات نفسية
أدى إنهاء عقد التدريب وما صاحبه من تداعيات نفسية إلى استشارة هاجر لطبيب نفسي، وتناول مهدئات بسبب تعرضها للاكتئاب. ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل أدت حالتها الصحية إلى حرمانها من استكمال عامها الدراسي، لأنها لم تستطع اجتياز الامتحانات.
اعلان
تقول هاجر "عدم تمكني من استكمال التدريب في ماكدونالد جعل حلم نيل شهادة الماجستير أمرا مستحيلا. فعند اتصال إدارة الجامعة بإدارة المطعم للاستفسار حول الموضوع، قررت الجامعة رفض إعادتي للعام الدراسي كذلك، بالرغم من أنه حق مشروع لأي طالب".
وعند اتصالنا بمدير الماجستير في جامعة نيس، رفض التعليق على الموضوع مشيرا إلى أن الجامعة التزمت بشروط التسجيل نافيا وجود أي خطأ في القرار المتخذ.
كما أخذت الشركة ما نشرته الطالبة هاجر على صفحتها الخاصة على فيسبوك دليلا على سلوكها المرفوض تجاه الإدارة لتضيفه إلى نص القضية وتبرير قرارها أمام الجامعة. تقول هاجر "رويت ما حصل معي في مكان العمل بدون السب أو تقليل الأدب على مدرائي في العمل. إلا أنهم استعملوا هذا الأمر دليلا ضدي كذلك، فأين هي حرية التعبير التي يتحدثون عنها؟".
وتقول الناشطة الحقوقية ماجدة محفوظ "هاجر هي حالة متجددة لفرنسا، التي تتعالى فيها أصوات العنصرية والتمييز؛ بسبب الدين أو الملبس، وهو ما يتنافى مع المعاهدات الدولية، التي سعت فرنسا جاهدة لتحقيقها في العالم استنادا إلى مبادئ الجمهورية ودستورها، الذي كفل حرية التعبير وحرية الدين والملبس للجميع".
هاجر طالبة من أصل تونسي ترفع قضية على ماكدونالد بسبب الحجاب (الجزيرة)
تعددت القصص والسبب واحد
لا تعد هذه المرة الأولى التي يرتبط فيها اسم مطعم ماكدونالد مع ارتداء الحجاب، ففي عام 2017، منعت فتاة محجبة من دخول المطعم في لندن، وطلب منها خلع الحجاب لخدمتها، مع العلم أن شعار الشركة في العالم هو "نرحب بك كما أنت".
ولكي تتحقق العدالة في هذه القصة، التجأت هاجر إلى القضاء، ويقول محاميها الفرنسي جيزجيز للجزيرة نت "اعتمدت إدارة ماكدونالد على قرار الفصل؛ لأن اللباس الذي ترتديه موكلتي لا يتطابق مع معايير النظافة والسلامة. وهذا أمر غير صحيح؛ لأن عملها في الإدارة، وليس في المطعم".
ويضيف المحامي "لم تفِ ماكدونالد بوعودها بالمهام التي كان عليها القيام بها في إطار تدريبها الإداري، وعرضوا عليها مهام مهينة لا علاقة لها بالعقد الموقع. بالإضافة إلى ذلك، تعرضت هاجر للتنمر في مكان عملها، ومن الواضح أنه عندما يصل الموضوع إلى المحجبات في فرنسا، يصبح تطبيق الحريات والقوانين نظرية فقط، لكني متأكد من أننا سنفوز في النهاية".
تواصلت الجزيرة نت مع إدارة ماكدونالد نيس للتعليق على الموضوع، وأجابت "نؤكد التزامنا باحترام الجميع، وخاصة احترام المعتقدات ومحاربة جميع أشكال التمييز. وارتبط سبب فصل هذه الموظفة السابقة بالانتهاكات المتكررة لبروتوكولات سلامة الغذاء في مطعمنا، والتي تظل إحدى أولوياتنا الرئيسية، مع احترام صارم لقانون العمل".
تضاف قصة الطالبة من أصل تونسي هاجر بركوس إلى قائمة النساء اللاتي يصبح ارتداء الحجاب بالنسبة لهن مطلبا حقوقيا وقضية قانونية توضع على رفوف المحاكم الفرنسية. وصراع مجتمعي في فرنسا يجعلها تقارن مع دول أوروبية أخرى مثل نيوزيلندا التي أدرجت الحجاب ضمن الزي الرسمي للشرطة.
وفي النهاية، أكدت هاجر أنها مستمرة في الدفاع عن قضيتها رغم كل شيء، وأنها لن تجعل ما فعلته هذه الشركة يؤثر على مسارها الدراسي أو العملي بأي شكل من الأشكال، أو الأمل بغد أفضل لها ولكل محجبات العالم.
المصدر : الجزيرة