واشنطن بوست لماكرون: الإصلاح يكون بمواجهة المؤسسات لا بتشويه المسلمين
رابطة علماء أهل السنةعلق المحاضر بكلية دارتموث بولاية نيوهامبشير الأميركية عز الدين فيشير على ما أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق من هذا الشهر عن خطط لتنظيم الإسلام في فرنسا وتضييق الخناق على ما أسماه "الانعزالية الإسلامية". وذكر في مقاله بصحيفة واشنطن بوست (Washington Post) أن تصريح ماكرون أثار انتقادات على الفور، مما أدى إلى حجب نقطة أعمق.
واعتبر الكاتب أن الأحداث الأخيرة تؤكد على الحاجة إلى قراءة إصلاحية للإسلام، ولكن مثل هذا الإصلاح لن يتم من خلال تشويه سمعة الإسلام أو المجتمعات الإسلامية كما فعل الرئيس الفرنسي. وقال إن المطلوب هو مواجهة المؤسسات الإسلامية لاتخاذ موقف واضح من الفقه الإسلامي المبرر للعنف.
وأضاف أنه لم يكن من المفترض أن يكون خطاب ماكرون في 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري بمثابة انتقاد للإسلام، موضحا أن الخطاب كان بيانا سياسيا حول قمع النفوذ "الإسلامي الراديكالي" بين المسلمين الفرنسيين لمنع تحولهم إلى مجتمع "معاد للجمهورية".
ومع ذلك -يضيف الكاتب- فإن ملاحظة ماكرون الغريبة بأن الإسلام "يمر بأزمة في جميع أنحاء العالم اليوم" حظيت على نحو مفاجئ بالجزء الأكبر من الاهتمام في الشرق الأوسط، وكانت الاستجابة سريعة.
وتحول ما كان من المفترض أن يكون نقاشا حول محاربة "المتطرفين الإسلاميين" في فرنسا إلى احتجاج على "تشويه ماكرون للإسلام" فضاعت أصوات المسلمين الرزينة في هذا الضجيج.
ولم يطغ فشل ماكرون الذريع على مشكلة العنف باسم الإسلام طويلا حتى جاء قطع رأس المدرس صمويل باتي في 16 أكتوبر/تشرين الأول -بعد أن عرض على طلابه صورا كاركاتورية مسيئة لنبي الإسلام (صلى الله عليه وسلم)- بمثابة تذكير فج بالمشكلة.
مشكلة حقيقية
واعتبر الباحث مشكلة العنف بدافع تفسير معين للإسلام مشكلة حقيقية، وأشار في ذلك إلى حادثة مماثلة قبل 26 عاما كاد أن يلقى فيها الروائي نجيب محفوظ مصير باتي نفسه بذريعة أنه "سب الإسلام" في إحدى رواياته عندما طعنه المهاجم.
وعلق الكاتب بأن محفوظ وباتي ليسا الضحيتين الأولى ولا الأخيرة لهذا التفسير للإسلام. وأفاض في ذكر التأويلات التي يعتنقها بعض المنتسبين إلى المذهب السلفي بأن هذه التفسيرات للإسلام تعزز جل العنف المرتكب باسمه.
ويرى الباحث أنه يجب على المهتمين بالترويج لرؤية إصلاحية للإسلام أن يتحدوا أسس التفسير الخاطئ فالإسلام داخل تلك المؤسسات والحركات وليس "الإسلام" ككل، كما فعل ماكرون ولا الأقليات المسلمة الموصومة بالفعل التي تكافح العنصرية والتمييز في الدول الغربية.
وبدلا من ذلك يجب الضغط على المؤسسات والحركات الإسلامية للتوصل إلى إجابات لا لبس فيها عن الأسئلة الرئيسية في هذا الشأن: هل تفسير "الإسلام الحقيقي" يسمح للمسلمين باستخدام العنف ضد الآخرين، وهل يسمح للمسلمين بدعم المؤسسات السياسية الحديثة وقوانينها، ثم هل يسمح للمسلمين بالعيش في سلام مع من يعتبرهم البعض مرتدين أو كفارا؟
وختم مقاله بأن مواجهة هذه المؤسسات والحركات سيساعد، ولن يقوض، النقاش بين المسلمين حول ماهية الإسلام، ذلك النقاش الذي سيشكل مستقبل الإسلام.
المصدر : واشنطن بوست