قره باغ ... الهدنة حبر على ورق ورئيس وزراء أرمينيا يدعو لتقديم تنازلات
رابطة علماء أهل السنةتبادلت أرمينيا وأذربيجان الاتهامات بانتهاك هدنة إنسانية تم التوصل إليها قبل 3 أيام لإنهاء قتال على إقليم نارغوني قره باغ، يأتي ذلك وسط مخاوف من أزمة إنسانية، ورغم الدعوات الدولية للعودة لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.
يأتي ذلك بينما قال رئيس وزراء أرمينيا إن على البلدين تقديم تنازلات في أي محادثات بشأن التوصل لتسوية حول الإقليم المتنازع عليه. واعتبر في تصريحات لوكالة رويترز أن وزير خارجية تركيا يقوّض اتفاق وقف إطلاق النار بتحريض أذربيجان على مواصلة القتال.
وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية إنها ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار، وإنها تصد الهجمات الأرمينية التي تستهدف مواقعها.
وبيّنت أن الجيش الأرميني خرق وقف إطلاق النار وقصف ترتر وآغدام وغوران بوي وأغجابيدي الليلة الماضية، معتبرة أن القوات الأرمينية ترتكب انتهاكات فظيعة للهدنة الإنسانية.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع فاجيف دارغالي إن "قوات أذربيجان لا تنتهك وقف إطلاق النار، لدواعٍ إنسانية".
قوات أرمينية على إحدى جبهات القتال المشتعلة (الأوروبية)
نقطة الصفر
وأوضح مراسل الجزيرة من ترتر بقره باغ عامر لافي أن الوضع عاد إلى نقطة الصفر، حيث سقطت عشرات القذائف على منطقة ترتر، وسط تبادل مكثف للنيران.
وبيّن لافي أن الوضع على جبهات القتال ملتهب، مشيرا إلى أن وزارة الدفاع الأذربيجانية أكدت سيطرتها على مدينة هادروت، وبثت صورا من داخل البلدة.
وذكر أن المصادر العسكرية الأذربيجانية قالت إن تلك المنطقة تعرضت لهجمات مكثفة من قبل الجيش الأرميني، مؤكدة صدها لتلك الهجمات وإيقاعها العديد من الجنود في كمين.
في المقابل، نفت القوات العسكرية الأرمينية هذه الرواية مؤكدة أن المعارك لاتزال دائرة، وذلك وفقا لما نقله مراسل الجزيرة في مدينة غوريس بمحيط قره باغ أمين درغامي.
وبحسب مصادر عسكرية أرمينية، فإن الجيش الأذربيجاني جدّد قصفه صباح اليوم الثلاثاء على المحور الجنوبي الشرقي من الإقليم المتنازع عليه.
وأضافت أن قواتها صدّت هجمات للقوات الأذربيجانية على المحور الشمالي الشرقي من الإقليم الليلة الماضية، يأتي ذلك بينما قالت سلطات إقليم قره باغ إن عدد القتلى ارتفع إلى 31.
بموجب القانون الدولي يعد إقليم ناغورني قره باغ جزءا من أذربيجان (رويترز)
تصعيد وتوتر
وهذا التصعيد في القتال هو الأسوأ منذ الحرب بين عامي 1991 و1994 حول الإقليم التي سقط فيها حوالي 30 ألف قتيل.
ويسود التوتر في إقليم قره باغ، وسط مخاوف من حرب واسعة النطاق بين أذربيجان وأرمينيا في جنوب القوقاز، حيث تتنافس أنقرة وموسكو. وعرضت كل من روسيا وإيران الوساطة بين يريفان وباكو لتسوية النزاع حول الإقليم.
وبموجب القانون الدولي، يعد إقليم ناغورني قره باغ جزءا من أذربيجان، لكن الأرمن -الذين يشكلون الأغلبية العظمى من سكانه- يرفضون حكم باكو.
ويدير الإقليم شؤونه الخاصة بدعم من أرمينيا منذ انشقاقه عن أذربيجان خلال صراع نشب عند انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991.
دعوات سياسية
سياسيا، جدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو دعم بلاده لجميع القرارات التي تتخذها أذربيجان بشأن النزاع في قره باغ سواء خلال المفاوضات أو في ميدان الحرب.
وخلال مؤتمر صحفي مع نظيرته السويدية في أنقرة، دعا جاويش أوغلو المجتمع الدولي إلى عدم الانحياز لأرمينيا.
من جهتها، عبرت وزيرة الخارجية السويدية آنا ليند عن قلقها لانتهاك وقف إطلاق النار في قره باغ، وأكدت أن حل النزاع في الإقليم سياسي وليس عسكريا.
من جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي إن أي قرار يُتخذ لمكافحة ما يصفه بالإرهاب على خلفية النزاع في قره باغ يجب أن يكون بمشاركة جميع الدول المعنية.
وأضاف ربيعي أن وجود الإرهاب في المنطقة لن يكون لصالح أي طرف، وأن هناك اتهامات متبادلة بين أذربيجان وأرمينيا في هذا الشأن.
وفي تبليسي، نفت وزارة الخارجية الجورجية أن تكون قد سمحت باستخدام أراضيها أو أجوائها لعبور شحنات الأسلحة من دول أجنبية إلى أرمينيا أو أذربيجان.
وقالت الخارجية الجورجية في بيان لها، إن السلطات أغلقت حدودها وأجواءها أمام نقل المعدات العسكرية والأسلحة لطرفي الصراع في قره باغ منذ اندلاع المعارك.
وأكدت جورجيا أنها ستقوم بمعاقبة أي طرف يثبت خرقه لحظر عبور السلاح عبر أراضيها أو أجوائها.
النزاع في قره باغ خلّف أضرارا مادية وبشرية (رويترز)
الوضع الإنساني
وفي سياق متعلق بالوضع الإنساني، دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى التقيد التام باتفاق وقف الاقتتال في قره باغ للسماح بوصول المساعدات الإنسانية، معتبرة أن مئات آلاف الأشخاص تأثروا بالنزاع.
وقال مدير اللجنة الدولية للصليب الأحمر في منطقة أوراسيا مارتن شويب في بيان "اليوم، بعد أسبوعين من المعارك العنيفة التي للأسف لا تزال تتكثّف (…) نرى أن هناك مئات آلاف الأشخاص تأثروا في المنطقة".
وأشار إلى أن المحادثات لا تزال جارية من أجل التوصل إلى تبادل جثث وأسرى بين الطرفين، وهو أحد أهداف الهدنة التي لم تطبّق.
ومنذ بدء المعارك في 27 سبتمبر/أيلول الماضي، يتبادل الطرفان المسؤولية عن الأعمال الحربية التي أسفرت عن حوالي 600 قتيل، بينهم 67 مدنيا، وفقا لتعداد جزئي. ولم تعلن أذربيجان عن أي قتلى في صفوف قواتها.
ولليوم الرابع على التوالي ورغم الدعوات من جانب موسكو والدول الغربية، بقي وقف إطلاق النار -الذي تم التفاوض بشأنه في روسيا وكان يُفترض أن يدخل حيّز التنفيذ منذ السبت- حبرا على ورق.
المصدر : الجزيرة