على عرفات ...أُمَّة بلا روح
رابطة علماء أهل السنةأول ما يتبادر إلى الأذِهان عند رؤية الحجيج على عرفات هو معنى الأمَّة، والَّذِي أكد الله عز وجل عليه مرة بقوله تعالى : ( إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) (92) الأنبياء، وأخرى بقوله تعالى : ( وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ( (52) الحج.
الأبيض والأسود والسوري والروسي واليمني والسعودي والإماراتي والليبي والعراقي و...... ، الجميع يقفون إلى جوار بعضهم البعض بملابس الحج الجميلة، أكفان غير مخيطة، بمواصفات واحدة وبطريقة واحدة وبنداء واحد " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك".
والمتأمل "المتألًم" في حال أمتنا اليوم يجد المشهد مختلف تماما عن ما يجب أن يكون عليه، فالجميع كما وصفنا يقفون معا بلباس واحد ونداء واحد، ولكن بعد أيام قليلة سيعود كل منهم إلى المكان الَّذِي أتى منه، ليحمل السلاح محاولا قتل أخيه الَّذِي كان يلبي معه " لبيك اللهم لبيك".
وأناس ممنوعون من الحج والعمرة لأن سياساتهم لا توافق هوى إخوانهم، فنجد الحجيج من أهل سوريا وقطر والمخالفين سياسيا لآل سعود، ممنوعون من الحج، ويتابعون شعائر الحج على شاشات التليفزيون، يشتكون إلى الله حكاما تسلطوا على رقاب الشعوب المسلمة، فيسيّسون الحج، ويمنعون المسلمين من أداء فريضة ربهم ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى ) .
هل هذه فعلا هي أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
لقد صارت أمة مشوّهة، فتتها أعداؤها إلى دويلات صغيرة، وزرعوا فيها عُبّادا للسطة، حكاما موالون لهم، ينفذون فيها ما يريدون، وليهدموا معنى الأمَّة الذي فرضه الله عز وجل، وربّى عليه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجيل الأول، الذي تحلّى بكل معاني الخيرية.
في هذا اليوم العظيم، وجب على الجميع أن يراجع نفسه...
فعلى المسيطرين على بلاد الحرمين، ألّا يجعلوا الحج وسيلة لتصفية حسابات سياسية.
وعلى حكام المسلمين جميعا أن ينحازوا إلى شعوبهم، لتعود اللُحمة الاجتماعية للبلاد المسلمة كما كانت، والتي فتتها أعداؤنا بزراعة الخلافات السياسية بين أهل البيت الواحد.
وعلى عقلاء وعلماء الأمة أن يقوم كل منهم بدوره بعيدا عن القناعات والمصالح، واضعين نُصب أعينهم المصلحة العليا للأمة.
وعلى الأمة كلها في هذا اليوم أن يتذكروا أنهم أمة واحدة، أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فليعبدوا الله وليتقوه لعلهم يفلحون.