وأنت تقرأ في السيرة النبوية الشريفة (على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم ) تجد نفسك في كل مرحلة من مراحل دعوته عليه الصلاة والسلام ، وفي كل موقف من مواقفه أمام بواعث أمل تلوح وتبدو ولا تكاد تخبو ، كيف لا ؟ وأنت تقرأ عن رجل يطمع ويطمح في هداية العالمين جميعا ، تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ، وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ، هذا الرجل الذي يحمل هذا الهم الكبير ،والمسؤولية الكبرى في تعبيد الكون لله تعالى وحده ، هيهات أن يطيب له نوم أو يهنأ له فراش ، وأمامه هذا الكون الفسيح بما فيه وهم يتوقون إلى رسالته ، فحاجتهم إليها أكثر من حاجتهم إلى الماء والهواء ،بل أكثر من حاجتهم إلى النفس الذي به حياته ، تخيل أخي الفاضل حجم أمل هذا الرجل العظيم ومدى طموحاته ، وهو وحده يصدع برسالة الله ، والكون كله على نقيض ما هو عليه من التوحيد وحسن العبادة لله جل شأنه ، وهو في ذلك لا تثنيه عقبة ولا يفت في عضده العذاب ، همة قعساء ، ويقين أقوى من الجبال الرواسي ، جمع إلى الوحي الموحى إليه قوة العقل وسداد المنطق ووضوح الهدف ، وعزيمة لا تعرف الفتور ودماثة الأخلاق ( أنا سيد بني آدم ولا فخر ) دعا وربى أصحابه على هذا المنوال ، على تحمل عبء الرسالة وبذل المهج في خدمتها ، واستلهموا عزة النفس ورباطة الجأش وحسن القيادة و عظم الهدف منه عليه الصلاة والسلام ، ما جعلهم هداة مهديين وبناة قادرين ، غير ضالين ولا مضلين رضي الله عنهم جميعا.
وهكذا تعمل البيئات التربوية عملها في منتسبيها ، تعجنهم لتخرجهم للأمة كل حسب قدراته واستعداداته العقلية الجمسانية ، مع الأخذ في الاعتبار تحدييات العصر ومتطلباته ، ويتوقف النجاح في هذا المضمار ، على حسن اختيار المنهج المناسب الواضح المدروس ، وعلى حسن اختيار القائمين عليه المخلصين ، أصحاب الهمم العالية والخيال الخصب ، والنفوس الكبيرة والطموح العالي ، ليستلهم الشباب هذه النفوس العظيمة و العزائم القوية من مربيهم ، فهم محل اقتداء للشباب المسلم في علمهم وأدبهم ، وفكرهم وعملهم ، كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام كذلك لأصحابه ، حتى يضربوا بسهم في علمية عودة الأمة وبنائها، إنها عملية شاقة لا يصلح لها إلا الذكران من الرجال ، والعظيمات من الهيئات ،
فلنصبح على ومضة تربوية على طريق إعداد جيل النصر المنشود
والله ولي التوفيق