القرضاوي في مذكرات سائح في الشرق
بقلم د.فرج كُندي
الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي - (1332هـ/1913م -1420 هـ/1999م) أحد أعلام الدعاة إلى الإسلام في عصرنا بلا ريب ولا جدال، عبَّرت عن ذلك كتبه ورسائله ومحاضراته التي شرقت وغربت، وقرأها العرب والعجم، وانتفع بها الخاص والعام. كما أنبأت عن ذلك رحلاته وأنشطته المتعددة المتنوعة في مختلف المجالس والمؤسسات، وبعض كتبه قد رزقها الله القبول، فطبعت مثنى وثلاث ورباع، وأكثر من ذلك، وترجمت إلى لغات عدة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.1
سجل علامة الهند الشيخ ابوالحسن الندوي مذكراته حول زيارته لمصر خلال النصف الأول من القرن العشرين- يناير1951م- تحت عنوان ( مذكرات سائح في الشرق العربي ) دون فيها تفاصيل هذه الزيارة منذ بداية وصوله إلى لقائته و حواراته مع الوجهاء ومشاهداته في مصر.
فذكر حفل استقباله في رواق الأزهر الشريف الذي حضره جمع غفير من الطلاب الوافدين لطلب العلم في اروقة الأزهر – حين كان قبلة لطلبة العلم - من بلاد الإسلام من عرب وعجم من اتراك وهنود وباكستانيين ومن سوريا وفلسطين.
كما تناول لقائته مع كبار رجال العلم والفكر والسياسة ,وما دار من حوارات حول قضايا الامة الإسلامية السياسية, وبعض القضايا الفكرية .
فذكر مقابلته مع الكاتب الكبير الاستاذ احمد امين وما دار بينهما من نقاش حول بعض ( أراء الاستاذ الشاذة في التاريخ الاسلامي والتشريع ) 2 وكذلك الفكر العربي والفكر الاوربي .
كما تحدث عن خطبته في مسجد الجمعية الشرعية وعن مؤسسها الشيخ محمود السبكي , وتناول زيارته جمعية أنصار السنة " المحمدية " , و مقابلته للشيخ - محمد حامد الفقي - , وذكر مجموعة من العلماء الذين قابلهم اثناء زيارته إلى مشيخة الأزهر ذكر منهم الشيخ " عبداللطيف دراز " مدير الأزهر .
اتبع الإمام الندوي في تدوين كتابة وتسجيل رحلته طريقة اليوميات فكان يدون أحداث ومقابلات كل يوم بيومه فسجل في يوم الاحد 30/ 4/ 1370هجري – 28/ 1 / 1951ميلادي مقابلته مع طالبين من طلاب الأزهر هما يوسف القرضاوي , ومحمد الدمرداش أثارا انتباهه فدون ما لاحظه عليهما من ذكاء وحماسة ((جاءنا في الصباح الأخ يوسف القرضاوي والاخ محمد الدمرداش من طلبة الازهر ومن الإخوان المسلمون يتوقدان حماسة , وغيرة , وذكاء , وهما من الشباب الذين تقر بهم العين ويقوى الأمل في مستقبل الإسلام في هذه البلاد , وكم في الإخوان من أمثال هؤلاء الشباب ولو لم تكن للإخوان حسنة غير بعث الحياة الدينية وإشعال العاطفة الإسلامية في الشباب الإسلامي وتوجيههم إلى الدين لكفاهم فخراً وغبطة ))3
وتحت عنوان : " مع شباب الازهر والجامعة " كتب الامام ابي الحسن الندوي ما شاهده وسمعه من ذكاء الطالب بكلية أصول الدين الذي قدم كلمة باسم الطلاب مفعمة بالإخلاص والحماسة وهذا الطالب هو " يوسف القرضاوي .
(( ذهبنا بعد المغرب إلى شبرا , ورأينا مجموعة طيبة من الشباب ولفيفاً من طلبة كلية الشرعة , وكلية أصول الدين " للأزهر " , وكلية الهندسة وكلية التجارة لجامعة " فؤاد الأول " قالولي تكلم طول الليل فلا نسام ولا نمل , وجدتهم متعطشين جداً لسماع ما يلقى عليهم في الدين وفي الحركة الدينية , وتقدم طالب ذكي من طلبة كلية أصول الدين , وهو الأخ يوسف القرضاوي فالقي كلمة طيبة مفعمة بالإخلاص , والحماسة , ورحب بخطيب الليلة وقدمه إلى زملائه , ورفاقه )4.
هذا ما دونه الامام الندوي منذ ما يناهز السبعين سنة عن هذا الطالب الشاب الذي مازال يخطو في أول درجات العلم . فماذا سوف يكتب الإمام الندوي عن " يوسف القرضاوي" لو عاد إلى الدنيا - ؟؟!! وقد غادرها ووجد ما توسمه في الشيخ يوسف القرضاوي من ذكاء وحماسة أوصلته إلى ان يتربع على إمامة العصر دون منازع .إلا أن الامام الندوي لم يعاصر ما تعرض له الشيخ " القرضاوي" من ظلم واعتداء وافتراء واحكام جائرة طالته وطالت أفراد أسرته .
ولعل العزاء فيما أصاب الإمام القرضاوي هو سنة العلماء الربانيين من سلف هذه الأمة فقد سبقه ابن جبير ومالك واحمد , ابن تيمية والبرقاوي وغيرهم الكثير الذين لا يمكن حصرهم , ولعل الإمام القرضاوي سوف يكون قدوة وأسوة لمن بعده . كما كان سابقوه سلف له .
المراجع
-
أبو الحسن الندوي, د. خالد النجار , شبكة الألوكة, تاريخ الإضافة: 22/1/2013 ميلادي - 10/3/1434 هجري, الرابط http://www.alukah.net/culture/0/49623/
2- مذكرات سائح في الشرق العربي, ابوالحسن الندوي, مؤسسة الرسالة, بيروت, ط2, 1975م, ص 21
3 - مذكرات سائح في الشرق العربي, ابوالحسن الندوي, مؤسسة الرسالة, بيروت, ط2, 1975م, ص 30-31
4 - نفس المرجع , ص 40