الأحد 22 ديسمبر 2024 01:24 مـ 20 جمادى آخر 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    أخبار سوريا

    «بوليتيكو»: لماذا تُقدم إسرائيل الغذاء والرعاية الصحية المجانية للسوريين؟

    رابطة علماء أهل السنة

    في ظل تفاقم الأوضاع الصحية والإنسانية في سوريا مع اقتراب الصراع في سوريا من دخول عامه الثامن، نشرت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية تقريرًا يكشف استغلال إسرائيل لمعاناة السوريين من أجل تحقيق أهدافها وترسيخ وجودها في المنطقة العربية.

    متى بدأت سياسة «حسن الجوار»؟

    يقول الصحافي نيري زيلبر، كاتب التقرير المقيم بتل أبيب والباحث في معهد سياسة الشرق الأدنى: في منتصف إحدى ليالي الشتاء البارد لعام 2013، جرّ سبعة مواطنين سوريين أجسادهم المثخنة بالجراح فوق مرتفعات الجولان بحثًا عن المساعدة حتى وصلوا إلى الجدار الحدودي الفاصل بين سوريا وإسرائيل. ولو لم تقرر إسرائيل استقبالهم وعلاجهم – بعد نقاشات ومشاورات وصلت إلى أعلى المستويات القيادية في الجيش والحكومة – لأصبحوا في عداد الموتى.

     

    وما بدأ على أنه حدث منعزل، توسع على مدار السنوات الأربع التالية ليصبح عملية ضخمة للجيش الإسرائيلي من أجل توفير المساعدات الطبية والإنسانية، والغذاء، والبنية التحتية الأساسية لآلاف السوريين عبر الحدود. ويدرك جنود الجيش الإسرائيلي الغاية من هذه العطايا والمسماة بسياسة «حسن الجوار»: وهي مساعدة السوريين اليائسين الذين أنهكتهم سنوات الحرب الأهلية، وبالتالي الحفاظ على استقرار المنطقة الحدودية عن طريق محاولة إظهار أنفسهم لأولئك الناس الذين كانوا يعادون إسرائيل من قبل، على أنها ليست الشيطان كما كانوا يعتقدون.

    وبحسب التقرير، فمنذ تَبَنّي سياسة «حسن الجوار» في يونيو (حزيران) من عام 2016، توغلت القوات الإسرائيلية وتوسعت في الأراضي السورية، فوِفقًا للأرقام الرسمية، نفّذ الجيش الإسرائيلي أكثر من 200 عملية إغاثة إنسانية، منها 44 عملية في الشهر الماضي سبتمبر (أيلول) فحسب. ففي كل ليلة، تنشط قوات الدفاع الإسرائيلية في نقاط عديدة على طول الحدود السورية متفاعلةً مع السكان المحليين على الجانب الآخر.

    كما تشير آخر التطورات إلى إنشاء عيادة طبية خلف الجدار الحدودي شديد التحصين، في منطقة تابعة لإسرائيل قانونًا إلا أنها تبدو كجزء من سوريا. ومع ذلك، لا يدير الجيش الإسرائيلي العيادة الطبية لكنه يقوم على حمايتها من على بعد فقط، فقد أرسلت منظمة خيرية أمريكية غير حكومية غير معروفة نسبيًّا متطوعين لبناء العيادة الطبية، وطاقم عمل طبيًا لإدارتها؛ ويرى زيلبر أنّ جميع المواطنين الأمريكيين والمسيحيين المخلصين يؤمنون بأنهم يمتثلون لأوامر ربهم حينما يساعدون إسرائيل في تحسين صورتها عن طريق المساعدات التي تقدمها للسوريين على حدود منطقة تُعَدُّ أقرب ما يكون للجحيم على الأرض.

     

    «ربما يكون جارك أقرب إليك من أخيك»

    هكذا كُتب باللغة العربية على العلامة الزرقاء المُلصَقة على العربات النقّالة لصناديق السباغيتي الجافة – يصف التقرير – يتبعها اقتباس من الحديث (الشريف): «خيرُ الأصحابِ عِندَ الله خيرُهُم لصاحِبه، وخيرُ الجيرانِ عِند الله خيرُهُم لجاره».

    يستطرد الكاتب في وصف المشهد قائلًا: «تملأ السباغيتي إحدى حاويات الشحن المعدنية، وعلى جانبي حاوية السباغيتي توجد حاويات أخرى ممتلئة بصناديق تحتوي على حليبٍ وحفاضاتٍ للأطفال، وملابس وأغطية للتدفئة، ولوازم مدرسية، وصفائح مليئة بالوقود. كان هذا مركز إدارة عمليات «حسن الجوار» الواقع داخل مقر إدارة الجيش الإسرائيلي فوق مرتفعات الجولان، التي غزاها الجيش الإسرائيلي وضمَّها لإسرائيل بعد حرب عام 1967 (ولا يزال المجتمع الدولي يعُدُّها منطقة محتلة). وقريبًا ستنقُل الشاحناتُ المساعداتِ لبضعة كيلومترات عبر الحدود لكي تُوزَّع على السوريين.

     

    وبحسب التقرير، يبدو بوضوح من شعار الوحدة العسكرية الإسرائيلية إلى جانب الكتابة باللغة العربية أنّ إسرائيل لا تحاول إخفاء عمليات الإغاثة الإنسانية التي تقوم بها في سوريا – بل على النقيض تمامًا. فمدير عمليات «حسن الجوار»، المُقَدِّم إي (كما يُطلَق عليه وفقًا للمبادئ التوجيهية العسكرية الإسرائيلية) أبدَى حماسًا كبيرًا حينما كان يشير إلى الكتابات العبرية على كل السلع، فقد صرّح لزيلبر – وفقا للتقرير – بأنّ: «هذا هو الهدف، ينبغي أن يعلموا من أين تأتي المساعدات»، وذلك خلال أكثر مقابلاته الشخصية صراحةً.

    يستطرد المقدِّم إي، الجندي السابق في العمليات «المدنية-العسكريةۛ» التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، والذي يتحدث اللغة العربية بطلاقة، مشيرًا – بحسب التقرير – إلى مشاركة وحدته في الحرب الدائرة على الأراضي السورية، مع أنّ إسرائيل قد أعلنت رسميًا أنها لن تشارك فيها.

    وأضاف التقرير: لقد أنهت الحرب الأهلية السورية زُهاء أربعة عقود من الهدوء النسبي بل ومن السلام فوق مرتفعات الجولان: فقد حافظ نظام الأسد في دمشق على حدوده مع إسرائيل هادئةً ومستقرةً، بينما أكدت قوات حفظ السلام الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة التزام كل من سوريا وإسرائيل بالحد المسموح به من القوات العسكرية المنتشرة على طول خط وقف إطلاق النار في الجولان. وبخصوص هذا الأمر، نقل التقرير عن المقدِّم إي قوله إنّه ما أنْ بدأت الحرب الأهلية السورية: «أدركنا تغيُّر الأوضاع على الجانب الآخر من الحدود».

    يرى زيلبر أنّ الفوضى التي يمكن أن تنتج عن سقوط بشار الأسد بعد تقهقر الجيش السوري أمام قوات المعارضة لم تكن هي وحدها ما يخيف الجيش الإسرائيلي، بل كان أكثر ما يقلق الجيش الإسرائيلي هو زحف العملاء الإيرانيين وعملاء «حزب الله» اللبناني على الحدود الإسرائيلية.

    وبالفعل، ففي السنوات الأولى من الحرب الأهلية السورية، كانت الصواريخ العابرة للحدود ونيران الأسلحة الخفيفة والقنابل المزروعة على جوانب الطرق أُمُورًا شائعة – يؤكد التقرير – مما أدى إلى مقتل مدني وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين إصابات خطيرة. وبحسب تقارير إخبارية، فقد ردّت إسرائيل بعدد من الضربات الجوية المُوَجَّهة، التي أسفرت عن مقتل عدد كبير من كبار القادة العسكريين الإيرانيين وكبار قادة الجناح العسكري لـ«حزب الله» اللبناني بينما كانوا يحاولون إنشاء قاعدة «إرهابية» على الجانب السوري من الجولان.

     

    ما هو هدف تلك المعونات؟

    يقول الكاتب إن إسرائيل ردت من جانبها بطرق أكثر دهاءً، عن طريق سياسة «حسن الجوار»، وهي الحملة التي تهدف إلى أسر قلوب وعقول السكان المحليين لتصرفهم عن التعاون مع مثل هذه الجماعات «البغيضة».

    فبالإضافة إلى بقايا النظام السوري وحلفائه؛ تواجه إسرائيل أيضًا طيفًا واسعًا من المجموعات المسلحة الأخرى على هذه الجبهة، وقد وصفها أحد ضباط الجيش الإسرائيلي السنة الماضية بأنها «50 درجة من اللون الأسود»، فهذه المجموعات تتراوح من التنظيمات المحلية التابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية»، مرورًا بالمقاتلين الموالين لتنظيم القاعدة، وصولًا إلى الثوار السوريين الأكثر اعتدالًا. ويقول المقدم إي بوجه جامد معلِّقًا على هذا الأمر: «لست صالحًا ولا نبيلًا إلى تلك الدرجة، هناك مصلحة عسكرية واضحة لإسرائيل» في أنْ تقوم بكل هذا.

     

    ومع ذلك، يؤكد التقرير أنّ مساعدة السوريين حتمية أخلاقية. فمع أنّ الخراب الذي لحق سواء بحلب أو بإدلب ليس له نظير، إلا أنّ الدمار الذي حلّ بجنوب غربي البلاد ومحافظة القنيطرة على الحدود مع إسرائيل كان هائلًا في حد ذاته. فثلث السكان البالغ عددهم أكثر من 200 ألف إنسان نزحوا داخليًّا؛ فالدواء والغذاء والسلع الأساسية والكهرباء غدت شحيحةً أو غير موجودة؛ إضافة إلى فِرار أو قتل 70% من الأطباء الذين كانوا موجودين في المنطقة. فالأصوات اليومية لنيران المدافع وأعمدة الدخان المتصاعد من مدافع الهاون تبقى شاهدةً على أنّ رحى الحرب لا تزال دائرة.

    فأولئك السوريون المصابون الذين وصلوا إلى الحدود بحثًا عن المساعدة في 2013 كانوا القطرة التي صارت بعد ذلك سيلًا لا يزال يتشكّل ويشتد. فقد استقبلت المستشفيات الإسرائيلية أكثر من 4 آلاف شخص. وينقل التقرير عن العقيد نعوم فينك، طبيب القلب وكبير أطباء المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي، قوله إنّ الغالبية العظمى لهؤلاء المصابين كانوا ذكورًا وشبابًا نسبيًّا يعانون من «إصابات بليغة يمكنها أن تسبب الإعاقة أو الوفاة»، وهي إصابات شائعة في الحروب.

    وينقل التقرير زعْم الضباط الإسرائيليين أنّهم «لا يفحصون بطاقات الهوية» كي يعلموا ما إنْ كان هؤلاء المصابون من المعارضة المسلحة أم لا؛ فبعد تفتيشهم على الحدود، يتم استقبال الجميع وتقديم الرعاية الطبية لهم – مع أنّ هناك تقارير أشارت إلى وجود «سنيين جهاديين» بين المصابين.

     

    سيكونون سفراءً لإسرائيل

    يقوم العقيد إي وفريقه الصغير بتنسيق وتنظيم عمليات الإجلاء إلى المستشفيات الإسرائيلية – يقول التقرير – بالإضافة إلى الفحوصات الطبية الروتينية التي تستغرق اليوم بطوله، خصوصًا الأطفال الذين يحتاجون إلى أطباء متخصصين في العيون والأذن ومرض الصرع والرعاية النفسية وما شابه. ووفقًا للجيش الإسرائيلي، تنقل الحافلات الإسرائيلية دزينتين من الأطفال مع مرافقيهم البالغين في المرة الواحدة، وأحيانًا تكون هذه عمليةً يومية.

    وبحسب التقرير، يقول إي مُعَلِّقًا على هذا الأمر: «بالنسبة لطفل لم يعرف في سنوات عمره الخمس سوى الحرب، ذلك اليوم في إسرائيل قد يكون أفضل أيام حياته، ولا يستطيع أحدٌ أن يتهمني بمساعدة «الإرهابيين»؛ ففي النهاية يبقى الطفل طفلًا، بالإضافة إلى أنّهم يصبحون سُفَرَائي حين يرون أنّ اليهود يعاملونهم باحترام».

    يتابع إي نافيًا التقارير التي نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية مؤخّٙرًا والتي تفيد بتمويل إسرائيل للمقاومة السورية المسلحة فيقول: «أنا أعطيهم الملايين في صورة مساعدات إنسانية لكني لا أعطيهم دولارًا أو شيكلًا واحدًا» – مكَرِّرًا نفي الجهات الإسرائيلية الأخرى المشابهة.

    ويستطرد التقرير، لقد نقلت إسرائيل كل شيء إلى سوريا، من السباغيتي وحليب الأطفال إلى الوقود والمولدات الكهربائية والأنابيب المستخدمة في استخلاص مياه الآبار. وفي بعض الحالات، بلغ مستوى التفصيل دقةً مذهلة: فقد ترسل إسرائيل دقيقًا في أكياس صغيرة لإحدى القرى، بينما ترسل ترياق لدغات الثعابين لقرية أخرى، إضافةً إلى إشراف ومتابعة إدارة «حسن الجوار» للملفات الطبية الخاصة بالعديد من مئات الأطفال السوريين الذين يحتاجون إلى المتابعة الطبية.

    وبينما تظل الأرقام الرسمية سرية، إلا أن هذه العمليات تبدو واسعة النطاق، لتصل إلى 14 كيلومترًا داخل الأراضي السورية وفي بعض الحالات تصل إلى أبعد من ذلك حتى محافظة درعا. فتقوم 12 شاحنة ثقيلة بنقل المعونات من مقر الفرقة إلى الحدود. يقول الصحافي: «عندما سألت إي كيف ينسق كل هذا؟ حينها رفع إي هاتفه أمام عينيّ».

    فـ«أبو يعقوب» – كما يُعرف إي بين السكان المحليين – يبقى على اتصال شخصي بالسوريين على الجانب الآخر من شيوخ قرى، ورؤساء مجالس محلية، ومحترفين. وينقل التقرير عن إي قوله: «لا يمكنني القول إنّنا محلُّ إجماعٍ بين الناس هناك، لكنهم يرون أن هذه الإعانات تساعد قراهم». وبحسب زيلبر، يبقى الدليل القاطع على نجاعة هذه السياسة أنّه بخلافِ اشتباك واحد مع تنظيم «الدولة الإسلامية» العام الماضي، لم تُطلق أيٌّ من جماعات المقاومة السورية المسلحة حتى الآن – معتدلين كانوا أو «جهاديين» أو أي شيء آخر – النار في غضبٍ باتجاه إسرائيل.

    ومع وجود فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تعرض إحراق المعونات الإسرائيلية، إلا أنّ إي يدّعي – بحسب التقرير – أنها لعبة يلعبها النظام السوري ليؤكد أنّ إسرائيل لا تزال العدو الأول لسوريا. وينوِّه إلى أنه إذا ما استمر الأسد وحلفاؤه في حصد الانتصارات العسكرية، ربما يحولون انتباههم مرة أخرى إلى جنوب سوريا باتجاه جبهة الجولان. فيقول إي مُلَمِّحًا إلى عَلَم «حزب الله» بألوانه الصفراء والخضراء: «لو لم نكن نقوم بهذا لقام به غيرنا، فلا يوجد ما يسمى بالفراغ في هذه المنطقة».

    ويستطرد التقرير أنه على الرغم من أن مستقبل إدارة «حسن الجوار» محاط بالشكوك مثل مستقبل الثورة السورية، إلا أنها تبدو مستمرة في وضع خطط طويلة الأجل، فقد أقام الجيش الإسرائيلي معبرًا بديلًا مؤقتًا على الحدود السورية، حيث شَيّدَ مؤخرًا كوخًا صغيرًا أبيض من الطوب – به بوابات لكشف المعادن، ومحاطًا بجدران واقية من آثار الانفجارات القريبة والشظايا الناتجة عنها – كي يتمكن من فحص السوريين الوافدين فحصًا أدق وأشمل – فـ«العمليات الانتحارية» مصدر قلق لإسرائيل.

    من يدير المخيم؟

    يقول زيلبر إنه خلال الزيارة التي قام بها مؤخرًا إلى العيادة، كأول صحافي يذهب إلى هناك، سارت بهم قافلة صغيرة من عربات الجيش الإسرائيلي في الطريق الموصل إلى العيادة والذي يمتد بموازاة الجدار الحدودي حتى يصل إلى بوابة معدنية هائلة، وخلف تلك البوابة، بوابتان أخريان صغيرتان، يقع مخيم «مازور لاداخ» – وهي كلمة مأخوذة من اللغة العبرية التي كُتب بها الكتاب المقدس معناها «مساعدة المنكوبين» – وتدير العيادة منظمة مسيحية خيرية غير حكومية مقرها مدينة لويزيانا الأمريكية تُسمى «سفن الأصدقاء غير المحدودة»، ويشير الاسم إلى أن المنظمة ترسل سفن إغاثات إنسانية إلى مناطق الصراع المتعددة حول العالم.

     

    ومن الواضح – بحسب التقرير – أن هذه العملية هي أول عملية برية تقوم بها، بل أول عملية تقوم بها في إسرائيل؛ وقد نُسِّق للعملية من خلال علاقات شخصية قديمة العهد بجهات حكومية إسرائيلية. وبحسب التقارير، فالأموال والمعدات والتجهيزات والإمدادات اللازمة لهذه العملية المُحكٙمٙة جاءت من خلال قنوات التبرع المعتادة الخاصة بالمنظمة (من الأفراد والشركات، وفقًا للموقع الإلكتروني الرسمي للمنظمة)، ومن المنظمة غير الحكومية الدولية الضخمة نفسها التي توفر الدعم اللازم لإدارة «حسن الجوار»، ومن الحكومة الإسرائيلية (عن طريق الدعم اللوجستي الذي يقدمه الجيش الإسرائيلي من عمليات نقل وإمدادات، بالإضافة إلى توفير المكان لبناء العيادة الطبية والمنشآت الخاصة بالمنظمة).

    ويضيف زيلبر أنه تم افتتاح المخيم في أغسطس (آب) الماضي، وهو يتكون من عدة خيام ضخمة تشبه خيام السيرك تتصل ببعضها البعض على شكل دائرة محكمة، مع وجود ممرات داخلية تصل الحجرات/ الخيام بعضها ببعض. فهناك حجرات الطعام وألعاب الأطفال وحجرات أخرى مقسمة للعيادات.

    يقول زيبلر: «عندما قمت بزيارة المخيم، لم يكن العمل قد انتهى فيه بعد، فأكبر الخيام والتي كانت من المفترض أن تكون صالة استقبال، كانت مستخدمة كمخزن لعدد قليل من الطاولات القابلة للطي بالإضافة إلى كرسي متحرك واحد؛ أما الحجرة المجاورة، حجرة اللعب الحقيقية، فكانت خاوية، إلا من بعض أفراد طاقم المخيم وهم يشيرون إلى الأماكن التي سيوضع فيها المنزل القابل للنفخ الذي سيلعب ويقفز عليه الأطفال، وأكشاك الآيس كريم وحلوى غزل البنات، وغرفة تمريض صغيرة لرعاية الأمّهات توفر لهم الخصوصية».

    ويتابع التقرير: مع أنّ فكرة الأطفال السوريين وهم يأكلون حلوى غزل البنات على بعد أقل من ميل من الحرب الدائرة ربما تبدو غير ملائمة، إلا أن طاقم عمل منظمة «سفن الأصدقاء غير المحدودة» بدا غير مبالٍ تقريبًا.

    مخيم غير آمن

    أما روما، أخصائي الطب الباطني من ولاية ميسيسيبي، فقد أخبرت زيلبر – بحسب التقرير – بأنه: «امتيازٌ عظيمٌ أن نساعد الإسرائيليين بأي وسيلة ممكنة» ثم أضافت: «فنحن نشعر بأننا محظوظون جدًا وآمنون جدًا». فيشير زيلبر إلى أنّ هذا هو اللحن المتكرر بين المتطوعين الذين قابلهم، وهو أنهم لم يأتوا إلى منطقة حرب ليقوموا بأعمال خيرية فحسب، لكن ليساعدوا إسرائيل أيضًا. وبخصوص هذا الأمر تزعم شيراي، مساعد الممرض البالغة من العمر 66 عامًا وقائد الطاقم الطبي في المخيم أنّه: «بقيامك بأحدهما فأنت تحقق الآخر».

    بدا غير محصن بما يكفي أمام العالم برمته؛ فسورٌ هزيلٌ وأسلاكٌ شائكةٌ هي ما تحمي محيطه الخارجي. إلا أنه على الجانب الشرقي للمخيم، الذي يشرف على باقي سوريا، يرتفع عن الأرض جدار صخري عالٍ وبرج حراسة، إضافةً إلى وجود منظومة ملاجئ تحت الأرض – من آثار الجيش الإسرائيلي الذي كان موجودًا في هذا الموقع سابقًا – تُستخدم الآن كحجرة آمنة نوعًا ما، إضافة إلى وجود فريق مُكلّٙف بحراسة الطاقم الطبي، من المتطوعين الأمريكيين أيضًا، والذين كانوا يجعلون السوريين الوافدين يمرون عبر بوابات كشف المعادن إضافةً إلى واجبات الحراسة الخاصة بهم.

    ومع ذلك، هل كان هذا كله كافيًا لضمان أمن المخيم بعد رحيل جنود الجيش الإسرائيلي؟

    ينقل التقرير عن المقدِّم إي إجابته المبهمة – بحسب زيلبر –: «هناك تدابير معمول بها لكنك لا تستطيع رؤيتها»، فعلى العموم، كان فريق منظمة «سفن الأصدقاء اللامحدودة» على اتصال دائم بالجيش الإسرائيلي عبر الأجهزة اللاسلكية.

    وبحسب التقرير، لقد كان هناك سبب أخلاقي واضح مثلما كان هناك سبب عسكري واضح لوجود العيادة الطبية على الجانب الآخر من الجدار الحدودي. فبكامل طاقته التشغيلية، يمكن أن يعيش 12 طبيبًا في المخيم، وسيعالِج كلٌ منهم من 20 إلى 30 مريضًا يوميًا، مما يعني أن حوالي ألف مريض سيمكنهم تلقي الرعاية الطبية المنتظمة أسبوعيًا دون العار الذي يلحق بالسوريين من جرّاء دخولهم إسرائيل ووصمهم بأنّهم متعاونون مع العدو المحتل.

    ويختتم زيلبر: مع ذلك، لقد تملكني شعور مُلِحٌّ بأنه لا شيء يمكنه إيقاف قذيفة هاون مصوبة بدقة من تغيير مثل هذه الحسابات. فبعد زيارتي بليال قليلة، يُعتقد أن «حزب الله» قد أطلق العديد من الصواريخ عمْدًا على إسرائيل، فردت إسرائيل بهجمات على مواقع للجيش السوري.

    المصدر : ساسة بوست

    سوريا الجولان إسرائيل المصابين العلاج

    أخبار