مصر |الفقراء يهدمون منازلهم بحثاً عن الآثار.. و”التايمز” البريطانية تكشف علاقة الإمارات والجيش بالتجارة الأكثر ربحاً
رابطة علماء أهل السنة
أصبحت تجارة الآثار غير المشروعة مزدهرة في مصر، وذلك في ظل ازدياد أعداد المصريين الذين يُنقِّبون بصورةٍ غير مشروعة تحت منازلهم بحثاً عن الكنوز.
وتعاني السلطات لإيقاف عمليات الحفر والتنقيب، ورفعت العقوبة القصوى للبيع غير المشروع للآثار من السجن 7 سنوات إلى السجن المؤبد، لكنَّ انهيار الاقتصاد والعُملة قد شجَّع هذه التجارة، حسب تقرير لصحيفة التايمز البريطانية.
وقال أحد تُجَّار الآثار: "في تجارتنا، نتعامل بالدولار معظم الوقت، وبالتالي إذا كنتَ تبيع شيئاً مقابل 10 دولارات، وكانت قيمة الدولار في السابق 7 جنيهات، فقد أصبحت الآن قيمته تبلغ أكثر من 18 جنيهاً مصرياً. وهذا أكثر من الضعف. لقد أصبحت التجارة أكثر ربحية بالنسبة للكثير من الناس".
عمِل هذا الرجل وسيطاً لمدة 17 عاماً، يحصل على الآثار من اللصوص ويبيعها للمشترين في أوروبا والولايات المتحدة.
وقال إنَّ موجةً جديدة من منتهزي الفرص بدأت في التنقيب أسفل منازلهم. وتتمثَّل المناطق التي تشهد أكثر عمليات التنقيب تلك في اثنين من الأحياء الفقيرة في القاهرة، وهي أحياء مُشيَّدة فوق مدينة هليوبوليس، التي كانت مأهولةً منذ عصر ما قبل الأسرات إلى عصر الدولة الوسطى، أي حتى عام 1800 قبل الميلاد. وقال: "قد يكون تخفيض قيمة العملة هو السبب في أنَّ كثيراً من السكان الذين يعيشون في مناطق كالمطرية وعين شمس لم يبدأوا التنقيب إلا مؤخراً فقط".
ووفقاً للائتلاف الدولي لحماية الآثار المصرية، فقدت البلاد بين عامي 2011 و2014 ما قيمته 3 مليارات دولار من الآثار التي أُخِذَت من المواقع والمتاحف. وقد نُهِبَت مواقع كاملة، بما في ذلك مقبرة دهشور ومقبرة أبو صير اللتان يعود تاريخهما إلى 4 آلاف سنة.
ويسجل باحث مصري أن مصر سبقت دول العالم في سن تشريعات وقوانين لحماية الآثار قبل 177 عاماً إلا أن بعض تلك القوانين هي التي مكنت الأجانب من تملك كثير من القطع الأثرية المصرية، حسب موقع سكاي نيوز عربية.
ويقول المستشار أشرف العشماوي، إن مصر كانت من أولى الدول التي وضعت قواعد لحماية الآثار عام 1835 ولكن بعض القوانين أسهمت في جعل خروج الآثار "عملاً مشروعاً" بسبب نظام القسمة الذي كان يتم مع البعثات الأثرية الأجنبية بضغط من القناصل حيث كانت الحكومة المصرية تحصل على نصف الآثار المكتشفة فقط وتحصل البعثة الأجنبية على النصف الآخر.
الإمارات وإسرائيل
ولكن الآن، يستخدم المصريون الفقراء وسائل يائسة ومتهورة لكسب المال، وذلك بعد زيادة التضخُّم ورفع الدعم عن الطاقة والوقود. والآن وقد تضاعفت قيمة الدولار، يحاول الكثيرون العثور على آثار قديمة كي يبيعوها للخارج.
وفي المطرية، يقول السكان إنَّ البعض قد هدموا منازلهم للتغطية على عمليات التنقيب غير الشرعية. وقد حفر أحمد، 68 عاماً، حتى عمق 8 أمتار تحت منزله بحثاً عن الذهب، وتعرَّض العام الماضي للسجن ثلاثة أشهر حينما بدأت بنايته السكنية في الانهيار.
وقال أحمد إنَّ عليك إمَّا أن تستعين بحفَّارين ومُنقِّبين مُتخصِّصين وتتفقون على تقاسم النفقات والأرباح، أو أن تستعين بمُتخصِّصٍ يدفع كافة تكاليف الحفر ويمنح صاحب المنزل مبلغاً إجمالياً من المال.
وقال: "بدأتُ التنقيب لأنَّ الجميع كانوا يُنقِّبون. ولذا، بعتُ كل شيءٍ كان لدي كي أدفع للحفَّارين. والشقة ليست ذات فائدة بالنسبة لي، ما أريده هو ما يوجد أسفلها". وكان أحمد يأمل في جني أكثر من 90 ألف جنيه إسترليني (116.6 ألف دولار – أي نحو مليونين و56 ألف جنيه مصري).
وقال تاجر الآثار إنَّ مكتب الوساطة الذي يُديره، والذي يتعامل فقط مع المقابر أو المواقع الأكبر منها، يحصل على حصة تبلغ 2% من معظم المبيعات، التي "عادةً تكون في حدود ملايين الدولارات إذا كانت المقبرة جيدة". وقال إنَّ فريقه يعمل غالباً مع تُجَّارٍ إيطاليين، لكنَّ هذه القطع الأثرية عادةً ما تُهرَّب عبر إسرائيل والإمارات، حيث يتم تزوير مصدر القطع و"غسلها".
الجيش والشرطة
وقال هو وسكان المطرية إنَّ قوات الأمن متورِّطة في هذه التجارة. وادَّعوا أنَّ جنود وضباط الجيش يساعدونهم في نقل القطع الأثرية ويحصلون على نحو 10 آلاف دولار (176.3 ألف جنيه مصري) في القطعة الواحدة. وقال تاجر الآثار: "كثيراً ما يتورَّط الدبلوماسيون أيضاً في عملية إخراج القطع الأثرية من البلاد. أمَّا القطع الأكبر فتُخبَّأ في سفن الحاويات".
ونفت إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار المصرية تورُّط قوات الأمن. وقال مُتحدِّثٌ باسم الإدارة: "إنَّنا فريقٌ صغير ويُفتَرَض منّا متابعة الآثار المصرية الموجودة في مختلف أرجاء العالم. إنَّها مهمة صعبة، وغالباً ما نبحث عن أشياء لم نكن نعلم أنَّها موجودة بالأساس".