الإثنين 23 ديسمبر 2024 08:54 صـ 21 جمادى آخر 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    مفهوم السياسة والملك والسلطان عند طاهر بن الحسين وابن ظفر وميكافيللي

    رابطة علماء أهل السنة

    مفهوم السياسة والملك والسلطان

    عند طاهر بن الحسين وابن ظفر وميكافيللي

     

    تتناولُ هذه الدراسة ما كتَبَه ثلاثةُ أعلام في مجال السياسة والمُلك والحُكم، وهؤلاء الثلاثة يتميَّز بعضهم عن بعض في عدة جوانب؛ منها: الاختلاف في الزمان، أو المكان، أو الخلفية الثقافية والدينية.

     

    ويظهر ذلك في كون طاهر وابن ظفر مسلمَيْنِ، ومرجعيتهم الثقافة الإسلامية، ويفرِّق بينهم الزمانُ والمكان، أما ميكافيللي فهو ينتمي إلى الثقافة الأوربيَّة، وينتمي إلى الديانة المسيحيَّة.

     

    تهدف الدراسة إلى متابعة ما كتبه هؤلاء، ومدى تأثُّر بعضهم ببعض، ومدى تأثير ثقافة السابق في اللاحق، ومدى تأثير التحوُّلات العمرانية وحركة التاريخ في المجتمع على الرؤية السياسية لدى كل كاتب؛ من خلال ما يقدِّمه من نصيحة أو رأي للحاكم في إدارة الدولة، وتدبير شؤون الحكم.

     

    كتاب طاهر بن الحسين لابنه عبدالله:

    كتب طاهر بن الحسين لابنه عبدالله بن طاهر حين ولَّاه الخليفة العباسي المأمون ولايتَيِ الرَّقَّة ومصر كتابًا يوصيه فيه بما يجب على الوالي أو الحاكم في إدارة سلطانه، وما يجب عليه أن يتحلَّى به من الآداب الدينيَّة والخلقية، ومن السياسة الشرعية، حاثًّا إياه على التحلِّي بمكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم.

     

    فبدأ بحثِّه على تقوى الله وخشيته، ومراقبته في سره وعلانيته، ثم بحفظ الرعيَّة، وتذكُّر الآخرة؛ للنجاة يوم القيامة من العقاب، ودعاه إلى الذبِّ عن الرعية والتزام العدل فيهم (والذب عنهم والدفاع عن حريمِهم ومنصبِهم، والحقن لدمائهم، والأمن لسربهم، وإدخال الراحة عليهم).

     

    كما أوصاه بالمواظبة على الصلاة والعبادة وقراءة القرآن، مع إخلاص النية، واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والتقيُّد بأخلاقه، واقتفاء أثر السلف الصالح من بعده.

     

    ودعاه إلى اختيار البطانة الصالحة وأهل الشورى الصادقين المخلصين: (لن تحوط نفسك من قائل، ولا تنصلح أمورك بأفضل منه، فأْتِه واهتدِ به تتم أمورُك، وتزدْ مقدرتك، وتصلح عامتك وخاصَّتك)، ونصحه أن يستعمل المُساءلة والبحث في أمره، ومباشرة أمور الأتباع، والإحاطة بشؤون الرعية، والنظر في حوائجهم؛ فهو: (أقوم للدِّين، وإحياء للسنة)، ودعاه إلى إخلاص النية، وتقويم النفس، ومراقبة أعماله؛ فإنه مسؤول عما يصنع، ومُجازًى فيما أحسن فيه، ومؤاخَذٌ بما أساء مِن فعل.

     

    ينصح طاهر ابنَه الأميرَ بالوفاء بالعهد إذا عاهد، والإنجاز إذا وعد خيرًا، وأن يغمض عينه عن عيب من الرعية، وأن يحفظ لسانه عن الكذب وقول الزور، وأن يبغض أهل النميمة، ويحب ويقرِّب أهل الصلاح والصدق، ويجتنب الأهواء والجور، وأن يُظهر براءته منها للرعية، وأن يملك نفسَه عند الغضب، ويُظهِر الحِلم والوقار، ويجتنب الحدَّة والطيش والغرور.

     

    يحذِّر طاهر ابنه الأمير من شَرَهِ النفس، ويوصيه باكتناز البرِّ والتقوى بدلًا من الذهب والفضة التي يدعوه إلى أن ينفقها في استصلاح الرعية وعمارة البلاد: (دَعْ عنك شَرَه نفسك، ولتكن ذخائرُك وكنوزك التي تدخر وتكنز البرَّ والتقوى، واستصلاح الرعية وعمارة بلادهم، والتفقُّد لأمورهم، والحفظ لدمائهم، والإغاثة لملهوفهم)؛ لأن الأموال إذا أُكنِزت وادُّخرت في الخزائن لا تنمو، وإذا كانت في صلاح الرعيَّة نمتْ وزكَتْ، وصلَحت بها العامةُ، وترتَّبت بها الولاية واستقام الأمر.

     

    يدعو طاهر ابنه الأمير أن يحفظ ودَّ الخليفة الذي نصَّبه أميرًا بحِفظ خاصَّته والمقربين منه، بتعهُّدهم في أمور حياتهم، وإصلاح شأنهم: (فإنك إذا فعلْتَ ذلك، قرَّت النعمة عليك، واستوجبت المزيد)، وينصحه مجموعةً من النصائح التي يجب أن يتحلَّى بها، بعدم تحقير الذنب، ولا يمالي حاسدًا، ولا يرحم فاجرًا، ولا يصل كفورًا، ولا يُداهن عدوًّا، ولا يصدِّق نمَّامًا، ولا يأمن غادرًا، ولا يوالي فاسقًا، ولا يتَّبع غاويًا، ولا يحمد مرائيًا، ولا يحقرنَّ إنسانًا، ولا يرد سائلًا، ولا يحسِّن باطلًا، ولا يُرَى ضاحكًا، ولا يُخلِف وعدًا قطَعَه، ولا يظهر غضبًا، ولا يزهو فخرًا، ولا يرفع للنمَّام عينًا، ولا يُغمض عن ظالم رهبةً منه أو محاباة.

     

    ويقول: أكثِرْ مشاورة الفقهاء، وخُذْ عن أهل التجارِب وذوي العقول والرأي والحكمة، ولا تُدخِل في مشاورتك أهل الرقَّة والبخل؛ فإن ضررهم أكثر من نفعهم، ولو كنت قليلَ الإنفاق لم يستقم لك الأمر إلا قليلًا، ورعيتك تحبُّك بالكف عن أموالهم، وترْك الجور عليهم.

     

    يجعلُ طاهر سعادةَ ذي السلطان أن يكون على رعيته وجنده ذا رحمة، ويحيطهم بعدله وإنصافه، وأن يشملهم برعايته، ويكتنفهم بشفقته وبرِّه بهم، وتوسعته عليهم.

     

    فبهذا تصلح الرعية، وتؤمن السبل، وينتصف المظلوم وتأخذ الناس حقوقها، وتتحسَّن المعيشة، وهذا يؤدي إلى الطاعة، وإيثار العافية والسلامة.

     

    ويدعوه إلى الرفق بالرعية، وعدم التسرُّع إلى سفك الدماء؛ لعظم انتهاكها بغير حقِّها، وأن يوزِّع الخَراج بين أصحابه (مستحقِّيه) بالحق والعدل والتسوية والعموم، ولا يوزِّعه على الخاصة والحاشية، وألَّا يكلف أحدًا فوق المستطاع، ويحمل الناس جميعًا على أمر الحق؛ فهو أجمع لهم، وألزم لرضا العامة.

     

    ويشير على الأمير بمتابعة عمَّاله ومراقبتهم بجعله على كل كور من عمله شخصًا مكلَّفًا يأتيه بأخبار العمال، ويضعه في الصورة عن أحوال المناطق التي تحت سلطانه - وهو ما يُعرف اليوم بالرقابة وبمتابعة سير العمل - وبمتابعة عمله يومًا بيوم، ويكثر من المباشرة بنفسه، ولا يترك عمل اليوم إلى الغد؛ حتى لا تتكاثر عليه الأعباء - وهو ما يُعرف بسرعة الإنجاز أولًا بأول - مع تعاهده لأصحاب الحاجات من غير القادرين على الكَسْب، والأيتام والأرامل - الضمان الاجتماعي - بفرضِ أرزاق لهم يقتاتون منها، وتُغنيهم عن المسألة، مع توفيرِ دُور الإيواء وقُوَّامٍ يرفقون بهم، وأطباء لعلاجهم.

     

    ويدعو إلى الإكثار من الإذن للناس بالدخول على الأمير؛ ليسمع من الرعية شكواهم، ويطَّلع عليها مباشرة دون وسيط؛ ليعلم ما يدور في سلطانه، وينصحه أن يبرز لهم وجهه، ويخفض لهم جَناحه، ويُظهر لهم البِشر، ويلين لهم في المسألة، ويعطيهم بسماحة وطِيب نفس، ويذكِّره أن يعتبر بمن مضى قبلَه من أهل السلطان والرئاسة في القرون الخالية والأمم البائدة.

     

    ويختم بوصية ابنه الأمير أن يتمعَّن في كتابه، وأن يعمل به، وأن يستعين بالله في جميع أموره؛ خدمةً لدينه، وتمكينًا له وللملة، وصلاحًا للأمة.

     

    هذا الكتاب يلخِّص رؤية طاهر للسياسة وإدارة الدولة وشؤون الحكم في العهد العباسي فترة حكم الخليفة المأمون في بداية القرن الثالث الهجري، وهو يمثِّل رؤية سياسية في الثقافة الإسلامية في عهدها المبكر نسبيًّا.

     

    الرؤية السياسة عند ابن ظفر الصقلي:

    تناول ابن ظفر الصقلي الذي عاش في القرن الخامس الهجري (565 هجري - 1170 ميلادي) السياسة في كتابه المشهور: (سلوان المطاع في عدوان الأتباع)، الذي تُرجم إلى عدة لغات؛ منها: اللاتينية.

     

    تناول فيه ابن ظفر السياسة وشؤون الحكم والسلطان بأسلوب أدبي، يظهرُ فيه التوافق الكبير مع ما كتبه في وقت لاحق الكاتب الإيطالي (نيقولا ميكافيللي) في كتابه: (الأمير).

     

    توافق المؤلِّفان في غرض تأليف الكتاب، وفي إهداء مؤلفه إلى أميره الذي عاصره بتقديمه له كهدية تساعده في إدارة شؤون حكمه، وإدارة دولته، ويجتمع ابن ظفر وميكافيللي في نصح الأمير بالاعتماد على التاريخ والقصص والعبر، وكثرة الاطلاع عليها، وأخذ العبر منها، وهذا سبَقَهم به طاهرٌ في كتابه إلى ابنه عبدالله، وهذا ما حدا بالكثير من الباحثين إلى الإقرار بأن ميكافيللي اطلع على كتاب ابن ظفر، وتأثَّر به كثيرًا في كتابه (الأمير).

     

    ويتميز منهج ابن ظفر في كتاب "سلوان المطاع" عن منهج ميكافيللي في كتابه "الأمير" بأن "سلوان المطاع" فيه غلبة تأثيرِ الجانب الأخلاقي والفلسفي، وهو ما يفتقرُ إليه منهج ميكافيللي في كتاب "الأمير".

     

    الرؤية السياسية لدى نيقولا ميكافيللي في كتابه "الأمير":

    كتب ميكافيللي هذا الكتاب بين القرن الخامس عشر والسادس عشر (1469- 1527م)؛ لإرشاد الأمير الإيطالي (لورنز ابن بيردودي ميدشي) الذي تولى الحكم حديثًا، وكان الكتاب يدور حول إدارة الدولة وسياسة الحكم، وفيه دعوة إلى محاولة استرداد إيطاليا من أيدي الغُزاة البرابرة.

     

    الغرض من هذا الكتاب هو: إسداء النصح للأمير الجديد من خلال الأفكار والآراء ذات الطابع السياسي النابعة عن خبرة وتجرِبة المؤلف في ممارسة السياسة في السابق.

     

    تميَّزت بعض هذه الآراء بمخالفة الأخلاق النبيلة، والخِصال الحميدة التي يرى فيها المؤلف عوامل للسيطرة على الدولة وضمانًا لاستمراريتها.

     

    وضع ميكافيللي منهجيةً لكتابه من خلال جَعْل بعض عناوينه على صيغة سؤال، يناقش العنوان من وجهات نظر متعددة، يضمِّن من خلالها آراءه، مع الاستشهاد بالأمثلة التاريخية، ثم يلخِّص ما أراده في الموضوع.

     

    تطرق ميكافيللي في أول الكتاب إلى أنواع الحكومات، وطرق إنشائها وإقامتها، ثم تطرق إلى الحكومات الوراثيَّة، وأكد على أنها الأكثر رسوخًا، والأصعب اختراقًا من غيرها من الممالك الجديدة، وينصح الأمير الجديد بحسن التعامل مع الشعب، ودفعهم إلى حبِّه، الذي يعتبره الضمان الأكبر له في التمكُّن من بناء الدولة.

     

    يصرح ميكافيللي: بأن الدول ذات اللغة والجنس الواحد هي الأكثر إمكانية في السيطرة عليها، من خلال محو الأُسَر التي كانت تحكمها، وعدم تغيير القوانين والضرائب التي كانت خاضعة لها.

     

    رؤية ميكافيللي للاستعمار:

    يحث الأميرَ على بناء المستعمرات الصغيرة خارج البلاد، وتقوية الحاميات العسكرية فيها؛ لحماية الدولة المركزية؛ لتحقيق الحماية للدولة بأقل تكاليف، وذلك من خلال فرض الضرائب على أصحاب المستعمرات.

     

    يستشهد ميكافيللي بالتاريخ كثيرًا، ويعمد إلى تشخيص المشكلات التي واجهتها الدول السابقة، ويقترح لها الحلول من خلال استيعابه الجيد للتاريخ، واستفادته من عبره ووقائعه؛ لبناء دولة قوية تستطيع الصمود والاستمرار، وقد استنتج قاعدة وصفها بالقاعدة العامة التي لا تخيب إلا فيما ندر: (أن كلَّ من تسبب في أن يقوي غيره يُهلِك نفسه)، ويدعو إلى استخدام واحدة من ثلاث طرقٍ للسيطرة على الدولة الحرة ذات النظام الجمهوري؛ إما بتخريب بلدانِهم، أو أن يقيم الأمير في أرضِهم ليسوسَها عن قرب، أو يجعلها تحكم بقوانينها الخاصة مع دفع الجزية، وخلاف هذه سيؤدي إلى الثورات والانقلابات المتكرِّرة عليه وعلى سلطته.

     

    ويتطرَّق إلى صعوبة وضع الأنظمة الجديدة وترسيخ حكمها، فيقول: (فنجدُ أنه لا يوجد أصعب من بدء نظام جديد لتسيير الأمور وتنفيذها؛ فنجاحه مشكوك في أمره؛ لأن من يريد الإصلاح لا بدَّ له من أعداء).

     

    أما في حديثه على مَن حاز السلطان بقوة غير قوته، فعليه: (أن يؤمِّن نفسه ضد أعدائه، وأن يكسب الأصدقاء، وأن تكون له الغَلَبة والقوة والخديعة، وأن يحبَّه الشعب ويخشاه، وأن يسحق من يستطيع أن يؤذيه، أو من الممكن أن يؤذيه، وأن يكون صارمًا وشفوقًا في نفس الوقت، ويحفظ علاقات الودِّ مع الملوك والأمراء بطريقة تسعدهم إذا فعلوا ما يفيده، ويخيفُهم منه إذا ناله منهم مضرة...).

     

    أما مواصفات الدولة الناجحة:

    • فأن تتوفَّر فيها القوانين الجيدة.

    • والأسلحة الجيدة.

     

    وعلى الحاكم أن يبني جيشَه، وألَّا يستعين بالخارج بالمرتزقة والمعاونة؛ لأنه في حالة انتصاره يبقى أسيرًا لهذه القوات، وأن الأمير المحنك هو من يتجنب هذين النوعين: (المرتزقة، والمعاونة).

     

    حذَّر ميكافيللي من الاستيلاء على أملاك الغير، ويرى أن أعظمَ الأمراء إنجازًا هم أولئك الذين لم يصونوا العهد إلا قليلًا ممن تمكن من اللعب بالعقول، ويرى أن القتال نوعان:

    النوع الأول: يعتمد على القوة فقط، وهو للحيوان.

    النوع الثاني: يعتمد على قوانين وقواعد لمن يحسن استعمالَها من بني البشر الذي يعتمد على العقل والمكر.

     

    وفي مَعْرِض رسائله ينصح الأمير بأن يجمع بين حيلة الثعلب وقوة الأسد؛ حتى يتحقَّق له الانتصار والتمكين، وألَّا يستمر بوعد انتهت أسبابه، وألَّا يرعى عهدًا يكون ضد مصلحته، ويؤكِّد أن الأمير المتقن لفنِّ التمويه والخداع يلقى القَبول أكثر عند رعيَّته، ويوصي الأمير المتفطن أن يتحلَّى بالصفات النبيلة من الرحمة والصدق والوفاء، والتدين كحقيقة وفعل، مع التهيُّؤ والاستعداد إلى التحول نحو أضدادها إذا ما دعت الحاجة.

     

    وفي مدار حديثه حول تجنب الكراهية والاحتقار يرى أن أشد ما يدفع إلى كره الأمير هو الاستيلاء على أملاك الناس، ومتى تجنَّبه الأمير فسيغدو في سلام، وستخلو له الساحة لمواجهة الطامحين في السلطة.

     

    ويدعو الأمير إلى رعاية الموهوبين، وأن يميز بين القادرين، ويحث الموظفين على العمل، وأن يكافئهم على هذا العمل، ويلهيهم بالمهرجانات والاحتفالات في المواسم السنوية المختلفة.

     

    ثم يختم ميكافيللي بعرض ملخَّص لأسباب سقوط عدد كبير من الأباطرة في أمرين، هما: الاحتقار، والكراهية.

     

    الخلاصة:

    1- يوصي طاهر بحُسن معاملة الرعية، ورقَّة التعامل معها، وينصح الأمير بالكرم والبذل تجاه الرعية، وتجاه الخاصة، ويَنهى عن البخل؛ لأن البَذْل يدفع إلى محبَّة الأمير، وكذلك ميكافيللي يرى محبة الشعب للأمير أكبر عامل على التمكين في بناء الدولة.

     

    2- يركِّز طاهر على تطبيق مبدأ العدل، واهتمام الأمير بالرعية، ويجعلهما من العوامل التي تؤدي إلى سيطرة الحكام وتماسك الدولة، ويكون من خلال الالتزام بقواعد الشريعة.

     

    بينما يرى ميكافيللي أن الدول ذات اللغة الواحدة والجنس الواحد هي الأكثر إمكانية في السيطرة عليها.

     

    3- يرى طاهر ألَّا تُغتصب أموال الناس، ولا ترهق كواهلهم بالضرائب، وهذا ما يقرب الأمير للرعية، ويجعلهم يحبونه ويطيعونه.

    بينما يرى ميكافيللي أن فرض الضرائب على المستعمرات يساعد على تقوية الجيش بأقل تكاليف على الدولة المركزية.

     

    4- ينصح طاهر الأمير بالاطلاع على التاريخ، وأخذ العبر ممن سبقوه من الأمراء والحكام.

    وكثيرًا ما نجد ميكافيللي يكثر من الاستشهاد بالتاريخ، ويعمد إلى التشخيص لأمور الحكم من خلاله.

     

    5- ظهور نزعة الاحتلال والسيطرة على الدول المجاورة وتخريب البلدان، وإرهاق سكانها بالضرائب عند ميكافيللي، وهذا ما لا نجدُه في الطرح السياسي عند طاهر.

     

    6- يرى ميكافيللي أن يؤمِّن الحاكم نفسَه ضد أعدائه: بالقوة، والغلبة، والخديعة، وأن يسعى إلى محبة الشعب مع الخشية منه.

    بينما يرى طاهر أن الأمير لا بد أن يتحلَّى بالحزم والقوة مع الأعداء، مع عدم التخلِّي عن الفضيلة ومكارم الأخلاق، والسعي لنيل محبة الرعية مع هيبتِه وطاعته.

     

    7- مواصفات الدولة الناجحة عند ميكافيللي: أن تتوفَّر فيها القوانين الجيدة، وهذا ما نصَّ عليه طاهر في ترسيخ مبدأ العدل، وتطبيق مبدأ المساواة بين الرعية.

     

    8- يتفق ميكافيللي مع طاهر في تحذير الأمير من الاستيلاء على أموال الرعية، وأخذها بدون وجه حق، ويستثني ميكافيللي أموال شعوب الدول المستعمرة.

     

    9- يرى ميكافيللي أن أعظم الأمراء: الذين لم يصونوا العهود إلا قليلًا، وهذا يختلف تمامًا مع رأي طاهر الذي يدعو الأمير إلى الحرص في تنفيذ العهود والالتزام بها.

     

    10- ينصح ميكافيللي الأمير أن يجمع بين حيلةِ الثعلب وقوة الأسد؛ حتى تتحقَّق له الانتصارات، بينما يحض طاهر الأمير على أن يجمع بين الفطنةِ وقوة الشكيمة، ويتعامل بكل واحدة في موضعها؛ كي يحقق النصر والتمكين.

     

    ♦♦ ♦♦

    اعتمدت هذه الدراسة على:

    1- كتاب طاهر بن الحسين لابنه عبدالله، الذي ذكره ابن خلدون في كتابه "المقدمة".

    2- كتاب ابن أبي ظفر الصقلي: "سلوان المطاع في عدوان الأتباع".

    3- كتاب نيقولا ميكافيللي: "الأمير".



    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/107222/#ixzz4cWFaeHPe

    السياسة الملك مكيافيللي ابن ظفر

    مقالات