الجمعة 22 نوفمبر 2024 08:24 مـ 20 جمادى أول 1446هـ
رابطة علماء أهل السنة

    مقالات

    إن النصر مع الصبر

    رابطة علماء أهل السنة

    بسم الله الرحمن الرحيم 

    تعددت الاستفسارات وتنوعت الأسئلة وتوالت الرسائل وماذا بعد؟  متى وأين وكيف ؟؟ 

    فأجبت متسائلا . .أليس لله في خلقه سنناً ؟!! أم أن الصراع لا دخل لله فيه !!

    هل خرجنا طمعاً لنصر سياسي أو نجاح حزبي أو لمكانة ومنصب وجاه ؟!  أم خرجنا نصرة للحق ، وطمعا في مرضاة الرب، وحماية للدين، وسعياً للتمكين ، ومدافعة للظلم ، وحماية   للعرض، وحفظا للوطن، ومقاومة للبغي !!

    إذا كنا خرجنا لله فماذا فاتنا ؟ هل ضاع الأجر أم تخلى عنا الله ؟ كلا والله .. فهو القائل سبحانه : {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}

    فمتى أمن الطغاة، ومتى استقرت للظالمين الحياة !! ومتى لم يمكر الله بالماكرين !!! ومتى لم يبطل الله كيد الخائنين! ومتى أخلف الله وعده ، ومتى خذل الله عباده !!!

    هل ترك الله الكون للطغاة مهما علا شأنهم وعظم كيدهم يصنعون فيه ما يريدون ؟!!!  أم انه سبحانه  يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ؟!!

    كم ظن المجرمون أنهم قد أفلتوا بجريمتهم ، ولكن كان الله دائما لهم بالمرصاد، ولم يخطئهم حتماً سوط العذاب !!

    هل تأخر الله علينا بالنصر وقد قتل منا من قتل، وجرح منا من جرح ،وظُلم منا من ظُلم ؟ كلا والله فقد وضح لنا سبحانه معالم الطريق فقال : 

       {أمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}  

    كَمَا تَكُونُ الشِّدَّةُ يَنْزِلُ مِنَ النَّصْرِ مِثْلُهَا، ولهذا قال سبحانه : {أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} .

    وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ عند الإمام أحمد وغيره: (عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ قَنِطِينَ، فَيَظَلُّ يضحك يعلم أن فرجهم قريب)

    أبشروا فقد جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ، أبشروا فقد وقفتم على قوله تعالى : { وتظنون بالله الظنونا }

    أبشروا فقد كشر الباطل عن أنيابه، وظهر للعيان طغيانه ، أبشروا فقد أسقط الله رايات طالما زعمت  أنها حامية الديانة، وحاملة الأمانة !! أبشروا فقد جعل الله الخبيث بعضه على بعض.

    وكما قال سيدي الشعراوي رحمه الله : (وهكذا أراد الله تعالى أن يميز الخبيث من الطيب فعركت المؤمنين الحوادث، وزال الطلاء عن ذوي العقيدة الهشة؛ ليكون الناس شهداء على أنفسهم، ويبقى المؤمنون أصحاب صفاء القلب والعقيدة. وحين يميز الله الخبيث من الطيب، فهو سبحانه وتعالى: يريد تمييز الطيب حتى لا يختلط بالخبيث. والخبيث إنما يكون على ألوان مختلفة وأنواع متعددة، فهذا خبيث في ناحية، وذلك خبيث في ناحية أخرى، وثالث خبيث في ناحية ثالثة، وغيرهم في ناحية رابعة، وخامسة إلى ما شاء الله، ويجمع الله كل الخبيث فيركمه في النار جميعاً).. .

    كم تآمر الطغاة على تجفيف منابع الإسلام وإغلاق صروح الإيمان، ولكن أحبط الله كيدهم وعاملهم بنقيض مرادهم،  فجعل أموالهم للحق سنداً، ومؤسساتهم للحق عوناً، ومساكنهم للحق مقراً ومسكناً ! { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا }

    ألا فليتهيأ الناس لأمر الله  العظيم ، وليشهد القارئ الكريم لمقالي على تحذيري وإنذاري

    فليظن بنا الغافلون الظنونا ...وليشمت الأعداء بنا والمجرمون ....وليتندر "بحماقتنا" الجاهلون..

    وليرقص أهل الهوى والماكرون ...

    ولكن ليعلم الجميع : أن لنا خالقاً عظيماً ، ورباً كريماً ، وإلهاً حكيماً ، ومعبوداً رحيماً

    له خرجنا ، وله تكلمنا ، ولدينه انتصرنا ولمنهجه انتسبنا وتحت رايته صمدنا  لا نرجو غيره ولا نخشى سواه ولا نثق الا في موعوده وهو الذي أدبنا فقال سبحانه

    {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}

    ألا إنه لا سبيل إلى احتمال البلاء إلا بالرجاء في نصر الله. ولا سبيل إلى الفرج إلا بالتوجه إلى الله. ولا سبيل إلى الاستعلاء على الضر، والكفاح للخلاص إلا بالاستعانة بالله...

    وكل حركة يائسة لا ثمرة لها ولا نتيجة إلا زيادة الكرب، ومضاعفة الشعور به، والعجز عن دفعه بغير عون الله.. فليستبق المكروب تلك النافذة المضيئة التي تنسم عليه من روح الله. وعطاء الله .. واختم بقول ابن  عطاء : متى أوحشك من خلقه فاعلم أنه يفتح لك باب الأنس به .   

    د/ جمال عبد الستار

    أمين عام رابطة علماء أهل السنة

    جمال عبد الستار

    مقالات