رابطة علماء أهل السنة تهنئ الشعب السوري بنجاح ثورته وتوجه له بعض الوصايا الشرعية
رابطة علماء أهل السنةالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد،
فإن رابطة علماء أهل السنة تسجد لله حمدا وشكرا، فهو صاحب الفضل والنعمة والمنة ، وتتقدم للشعب السوري الحر بكل مكوناته في الداخل والخارج بالتهئنة الغالية والتحية القلبية على نجاح ثورته المباركة، وتهنئ السجناء الذين نالوا حريتهم بعد تغييب لعشرات السنين ظلمًا وعدوانًا، كما تهنئه بهروب الطاغية وسقوطه بعدما أهلك الحرث والنسل، وتعدى على الشعب السوري قتلا وتهجيرا وسجنا بما لم يسبق في تاريخ سوريا.
إننا في الرابطة نحيي كل المجاهدين على ما أبلوه من بلاء حسن، وما أظهروه من أخلاق إسلامية وآداب جهادية في حركتهم التحريرية؛ فلم يقتلوا من لم يستحق القتل، وكانوا دائما محافظين على المدنيين ومؤسسات المجتمع وبنيته التحتية، وهذه هي أخلاق الإسلام في الجهاد والالتزام بأخلاقه: ﴿قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَ ٰلِكَ فَلۡیَفۡرَحُوا۟ هُوَ خَیۡرࣱ مِّمَّا یَجۡمَعُونَ﴾ [يونس ٥٨].
وإننا إذ نهنئ الشعب السوري بهذا النجاح العظيم، وهذا الانتصار الكبير، وهذا التحرير المستحق، فإننا نؤكد على الآتي:
أولا: إن في السقوط المدوي والانهيار السريع لطاغية الشام وعصابته عبرة لكل طاغية ولكل مستبد ظالم: إما أن يتوب إلى الله ويصلح ما بينه وبين شعبه، أو ينتظر قضاء الله تعالى الذي إذا جاء لا يؤخر: ﴿وَكَذَ ٰلِكَ أَخۡذُ رَبِّكَ إِذَاۤ أَخَذَ ٱلۡقُرَىٰ وَهِیَ ظَـٰلِمَةٌۚ إِنَّ أَخۡذَهُۥۤ أَلِیمࣱ شَدِیدٌ﴾ [هود ١٠٢].
ثانيًا: نعزز ونثمن ما أظهره المجاهدون من أخلاق إسلامية في الجهاد والتحرير، ونرجو لهم التوفيق، ومزيدا من الالتزام بهذه الأخلاق العظيمة، التي هي باب كبير للدعوة إلى الله تعالى.
ثالثا: نوصي في رابطة علماء أهل السنة الشعب السوري أن يسجد لله شكرا، وأن يصلي صلاة الفتح، وأن يستمر في إظهار التواضع لعظمة الله، صاحب الفضل والمنة، ولا يُظهر أي مظاهر لغير ذلك: ﴿إِذَا جَاۤءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ. وَرَأَیۡتَ ٱلنَّاسَ یَدۡخُلُونَ فِی دِینِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجࣰا. فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا﴾ [النصر ١-٣].
رابعا: تنصح الرابطة أبناء الشعب السوري بدوام الوحدة، وتشكيل حكومة تناسب المرحلة، وتحقق غاية السوريين، والحذر كل الحذر من مخططات الخارج، سواء في الالتفاف على الثورة ومكتسباتها، أو في جهودهم التي يتآمرون بها في الظلام الآن لتقسيم سوريا؛ فوحدة الأوطان مقصد إسلامي أصيل، والحرص عليه من العمل المبرور: ﴿إِنَّ هَـٰذِهِۦۤ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء ٩٢].
خامسا: نوصي أبناء الشعب السوري في الخارج أن يعودوا لوطنهم؛ فمن يستطع منهم أن يعود فليعد، ومن كان عنده علم أو خبرة تسهم في بناء البلد فليضع إمكانته تحت الحكومة التي سيختارها الشعب؛ ليكونوا بذلك عونًا لإخوانهم في بناء وطنهم على أسس شرعية إسلامية صحيحة، وسيبقى المسلمون في كل مكان بعلمائهم ودعاتهم في خدمة أمتهم، وفي عون كل سبيل للحرية والتخلص من الاستبداد والطغيان: ﴿وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰۤ أَمۡرِهِۦ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ﴾ [يوسف ٢١].
صدر عن المكتب التنفيذي لرابطة علماء أهل السنة
7 جمادى الآخرة 1446هجرية
الموافق 8 ديسمبر 2024م