مصر.. أزمة الأسماك تتفاقم بعد ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن
رابطة علماء أهل السنةتتوالى الأزمات الاقتصادية على الشعب المصري في عهد السيسي، زعيم الانقلاب العسكري، ليزداد الفقر وتزداد معاناة المواطنين في الحصول على السلع الأساسية.
فبعد أن ارتفعت أسعار اللحوم والدواجن إلى الحد الذي لا يستطيع معه ذوي الدخل الضعيف والمتوسط شراؤها، ليلجأوا إلى الأسماك كبديل لتوفير البروتين لأبناءهم، بدأت أزمة الأسماك تطل برأسها مع الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار الأسماك وتراجع المبيعات بشكل قوي.
وقد أعرب مواطنون وتجار أسماك عن غضبهم من هذا الارتفاع غير المسبوق وغير المبرر رغم تراجع الطلب وحالة الركود التي تشهدها الأسواق .
وكشف المواطنون عن انزعاجهم بسبب هذا الارتفاع الذي جعل الأسماك تنضم لقائمة السلع التي يعجز الكثيرون عن شرائها.
وعبروا عن غضبهم من ارتفاع أسعار السمك بشكل مبالغ فيه، مؤكدين أنه عند غلاء سعر اللحوم والدواجن، كانت الأسماك هي البديل للحصول على البروتين، لكن اليوم مع ارتفاع أسعار السمك بهذا الشكل فليس هناك بدائل آخرى.
وتساءل المواطنون عن إنتاج البحيرات والمزارع السمكية التي افتتحها قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، وهل أصبحت مصر بشواطئها الممتدة على البحرين المتوسط والأحمر ونهر النيل غير قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك؟
يشار إلى أن الأسماك كانت هي الملاذ الآخير للمواطنين للحصول على البروتين بعيدا عن اللحوم والدواجن التي ارتفعت أسعارها بشكل غير مسبوق، لكن موجة ارتفاع الأسعار طالت الأسماك ولم تعد في متناول أغلب فئات الشعب المصري، حيث سجل سعر السمك البلطي ما بين 60 و70 جنيها للكيلو، وتراوحت الكابوريا بين 70 و150 جنيها، فيما تراوح سعر كيلو السمك البوري بين 120 و150 جنيها، وتراوحت المكرونة السويسي بين 100 و125 جنيها، كما تراوح الجمبري بين 150 إلى 450 جنيها، وتراوح كيلو «السبيط» بين 120 و220 جنيها، أما كيلو سمك الثعابين فيتراوح بين 90 و280 جنيها، ووصل سعر القاروص إلى 160 جنيها.
ارتفاع مستمر
حول موقف المواطنين من هذا الارتفاع أكدت مريم كمال، ربة منزل، أن أسعار السمك ارتفعت بشكل كبير جدا، ما دفعها إلى شراء أقل من نصف الكمية التي كنت معتادة على شرائها .
وتساءلت مريم عن دور حكومة الانقلاب في الرقابة على الأسواق للحد من هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار.
وقالت هند «مدرسة» إن “أسعار كل شيء حولنا أصبحت في ارتفاع مستمر، لكن ماذا نفعل ليس بأيدينا شيء سوى الدعاء برفع البلاء “.
واعتبرت أن ما يحدث من ارتفاع في الأسعار ما هو إلا جشع واضح من التجار أمام غياب تام للرقابة وحكومة الانقلاب، لافتة إلى أن شراء وجبة سمك كما كانت تشتريها لأبنائها من قبل تحتاج اليوم إلى ألف جنيه تقريبا .
وأشارت هند إلى أن المرتبات هزيلة، مؤكدة أن الغلاء ابتلع أي زيادات تمت في الفترة الأخيرة.
انخفاض المبيعات
وقال أحمد حسن، تاجر سمك بمدينة 6 أكتوبر، إن “أسعار الأسماك في ارتفاع مستمر، ونحن كتجار نعاني من انخفاض المبيعات، ونبيع بأسعار مرتفعة لأن السمك يأتي إلينا بسعر عال”.
وأشار حسن إلى أن هناك عمالا وإيجارا للمحل والتزامات، وبالإضافة إلى كل هذا فإذا لم أضف ربحا يغطي كل هذه المصاريف سأغلق المحل.
وقال الحاج إبراهيم، تاجر سمك أنه نظرا لارتفاع الأسعار انخفضت مبيعاتنا من الأسماك، مؤكدا أن معظم الأسر لجأت إلى تقليل النفقات حتى تستطيع تلبية احتياجاتها الأخرى.
وأوضحت المعلمة فتحية تاجرة سمك بالجيزة، أن ارتفاع سعر السمك ليس مسئولية التجار، مشيرة إلى أن أصحاب المزارع وتجار الجملة يبيعونها لهم بسعر مرتفع .
وقالت إن “التاجر يحقق مكسبا حينما تكون الأسعار رخيصة، مشيرة إلى أن مكاسبها كانت كبيرة حينما كان السمك يباع بسعر ما بين 10 و15 جنيها، لأن في هذه الأوقات كان هناك إقبال قوي على الشراء وكانت مبيعاتها كبيرة، وبالتالى كانت الأرباح فى زيادة، لكن اليوم مع ارتفاع الأسعار، انخفض الإقبال على الشراء، وبالتالي قلت الأرباح بشكل كبير”.
إنتاج المزارع
حول أسباب عدم توفير البحيرات والمزارع التي افتتحها السيسي الأسماك بأسعار معقولة للمواطنين، كشف الدكتور حسين جنيدي خلف الله، استشاري الاستزراع السمكي، أن البحيرات الموجودة في مصر ليست جميعها تنتج أسماكا، لافتا إلى وجود سبع بحيرات منتجة فقط، هي: بحيرة مريوط بالإسكندرية وبحيرة إدكو وبحيرة البرلس وبحيرة المنزلة وبحيرة الملاحة وبحيرة البردويل وبحيرة قارون، لكن إنتاجها ضعيف جدا، ما عدا بحيرة البردويل”.
وقال خلف الله في تصريحات صحفية إن “البحر المتوسط أصبح مليئا بالتلوث والصيد الجائر أدى إلى انخفاض أعداد الأسماك، لافتا إلى أن زيادة السكان المستمرة لا تقابلها زيادة في أعداد الأسماك في البحيرات، كما أننا ليس لدينا أسطول لأعالي البحار”.
وأكد أنه لو كان لدينا أسطول لكانت الكثير من مشاكل الصيد قد تم حلها، لأن هذا الأسطول يمكنه الخروج للصيد بشكل رسمي في المحيطات وأعالي البحر المتوسط، لكن في الوقت الحالي إذا ذهب الصياد بالمركب إلى حدود ليبيا أو إريتريا أو اليمن يتم احتجازه لأنه يخرج بصورة غير رسمية”.
وأشار خلف الله إلى أن المزارع السمكية تحتاج إلى أعلاف لتغذية الأسماك، وكل مكونات هذه الأعلاف يتم استيرادها من الخارج، موضحا أنه رغم أن لدينا أكبر مصانع لإنتاج الأعلاف إلا أنه بعد ارتفاع سعر الدولار ارتفعت أسعار التكلفة، فسعر كيلو العلف كان 9 جنيهات في شهر نوفمبر الماضي، وصل اليوم إلى 25 جنيها، في الوقت الذي يحتاج كيلو السمك البلطي إلى كيلو ونصف علف بما يعني 37 جنيها بخلاف الكهرباء والعمالة، وبالتالي من الطبيعي أن ترتفع الأسعار.
وأضاف، المزارع السمكية كان من المفترض أن تحل أزمة الأسماك، لكنها أصبح لديها مشكلة بسبب ارتفاع تكلفة الأعلاف، موضحا أن المزارع تبيع السمك البلطي للتجار بسعر 40 جنيها، وإذا ذهبت إلى سوق الجملة ستشتريه بـ48، أما تاجر التجزئة فيبيعه بسعر 58، والتاجر الصغير يبيعه بسعر 65 جنيها
وأكد خلف الله أن لدينا عددا من السماسرة لا يدفعون شيئا من جيوبهم لكنهم يفرضون عمولات على المنتج، ما يرفع سعره بشكل مضاعف وبأكثر من تكلفة إنتاجه بشكل مبالغ فيه متوقعا ارتفاع أسعار الأسماك في الفترة القادمة عما هي عليه الآن.