الجيش الأوكراني يصل الحدود الروسية وموسكو تؤكد عدم رفضها التفاوض
رابطة علماء أهل السنةاستعاد الجيش الأوكراني السيطرة على مدينة إيزيوم الإستراتيجية (شرق)، بينما ردت روسيا بقصف البنى التحتية الأوكرانية بالتزامن مع انسحاب قواتها من مناطق جنوب وشرق أوكرانيا.
وفي كلمة وجّهها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس الأحد، إلى الشعب الأوكراني بمناسبة مرور 200 يوم على بدء الغزو الروسي، شكر زيلينسكي القوات الأوكرانية التي "حرّرت المئات من مدننا وبلداتنا، ومؤخرا بالاكليا وإيزيوم وكوبيانسك"، في إشارة إلى 3 مناطق إستراتيجية استعادها في الآونة الأخيرة الجيش الأوكراني.
وكان رئيس أركان الجيش الأوكراني فاليري زالوجني قد أعلن صباح الأحد أن جنوده استعادوا من القوات الروسية مناطق يتجاوز مجموع مساحتها 3 آلاف كيلومتر مربّع هذا الشهر، في إطار هجوم مضاد يتركّز في شمال شرق البلاد.
وقالت الوحدة 130 في الجيش الأوكراني إنها وصلت إلى الحدود الدولية مع روسيا في مدينة "غوبتوفكا"، عند الحدود الشمالية لمقاطعة خاركيف، وبثت صورا لجنودها أمام المجلس المحلي للمدينة التي تعد معبرا حدوديا مع مقاطعة بلغورود الروسية.
وأعلن المتحدث باسم هيئة الأركان الأوكرانية ألكسندر شتوبون، أن الجيش الاوكراني صد 10 هجمات للقوات الروسية في مناطق عدة، وأن هذه الأخيرة تحاول استعادة المواقع التي خسرتها هناك.
كما أشار إلى أن القوات الروسية تركت مواقعها وفرّت باتجاه لوغانسك والأراضي الروسية، جراء الهجوم الأوكراني على خاركيف.
ونشر الجيش الأوكراني صورا لصناديق ذخيرة ومعدات عسكرية متناثرة في مناطق غادرتها القوات الروسية.
و أكد الرئيس الأوكراني أنه لم يكن بمقدور بلاده استعادة مناطق عدة من القوات الروسية لولا الدعم الأميركي.
وعبّر زيلينسكي -في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" (CNN)- عن امتنانه للرئيس الأميركي جو بايدن، وللدعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
من جهتها، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن كبار المسؤولين الأوكرانيين كثفوا تبادل المعلومات الاستخباراتية مع نظرائهم الأميركيين، بينما بدأت كييف التخطيط لتنفيذ هجومها المضاد على القوات الروسية.
وأفادت الصحيفة بأن ذلك يعد تحولا سمح للولايات المتحدة بتقديم معلومات أفضل وذات صلة بالهجوم.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن واشنطن زودت أوكرانيا طوال الحرب بمعلومات عن مراكز القيادة ومستودعات الذخيرة وغيرها من النقاط الرئيسية في الخطوط العسكرية الروسية، مما سمح باستهدافها وقتل كبار الجنرالات ونقل إمدادات الذخيرة بعيدا عن الخطوط الأمامية الروسية.
من جانبها، قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن القوات الروسية أخطأت في تقدير هجوم الجيش الأوكراني في منطقة خاركيف، لأنها ركزت استعداداتها على صد الهجوم في الجنوب.
ونقلت الصحيفة عن القوات الخاصة الأوكرانية قولها إن الهجوم في جنوب البلاد الذي حظي بتغطية إعلامية كبيرة، كان بمثابة حملة تضليل لإلهاء روسيا عن الهجوم الحقيقي الذي تم التحضير له في منطقة خاركيف.
من جهته، أشاد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل -في تغريدة على حسابه في تويتر- بالتقدم الذي أحرزته القوات الأوكرانية على عدة جبهات.
وقال بوريل إن شجاعة القوات الأوكرانية أظهرت نتائج مبكرة، مشددا على مواصلة دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا في دفاعها ضد العدوان الروسي، بحسب تعبيره.
ضربات روسية
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية توجيه ضربات جوية ومدفعية لقوات الدعم الأوكرانية في محور خاركيف.
وقال المتحدث باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف إن خسائر الجيش الأوكراني في الأيام الخمسة الماضية على محوري "خاركيف وميكولايف"، تجاوزت 4 آلاف قتيل.
وأضاف كوناشينكوف أن القوات الروسية أعادت تمركزها من إيزيوم باتجاه دونيتسك، لتعزيز مواقعها على ذلك المحور.
وعلى صعيد متصل، قال الرئيس الشيشاني رمضان قديروف إن هناك أخطاء ارتكبت في ساحة المعركة بأوكرانيا.
وأضاف -في تسجيل صوتي- أنه إذا لم تحدث تغييرات في إستراتيجية العملية العسكرية، فإنه سيتحدث مع قيادة القوات الروسية. وأوضح قديروف أن قواتهم انسحبت من العديد من المناطق لإنقاذ الأرواح، مشيرا إلى أن جميع المدن ستسترجع وأن قواته موجودة فعلا وجاهزة لذلك.
استهداف البنية التحية
وبالتوازي مع المعارك، اتهمت الرئاسة الأوكرانية القوات الروسية بتعمد استهداف البنية التحتية في مدينة خاركيف بهدف حرمان المواطنين من الكهرباء والتدفئة، واصفة ذلك بالرد الجبان على فرار قواتها من ساحة المعركة.
وقال بيان صادر عن الرئاسة الأوكرانية إن القوات الروسية استهدفت بشكل مباشر محطة الطاقة الحرارية في خاركيف بصاروخي كروز، في حين أكدت الإدارة الأوكرانية في دونيتسك انقطاع الكهرباء عن كل من خاركيف وسومي وبولتافا ودنيبرو بشكل كامل، وجزئيا عن دونيتسك، بسبب القصف الصاروخي.
بدورها، ذكرت وسائل إعلام روسية أن القوات الروسية شنت هجمات صاروخية على أكبر محطات توليد الطاقة الحرارية في شرق ووسط أوكرانيا.
ووفقا لبيان صادر عن الجيش الأوكراني، فقد استهدفت القوات الروسية أكثر من 70 موقعا في عموم البلاد من البنى التحتية العسكرية والمدنية.
قلق أممي
في غضون ذلك، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إن الوضع في زاباروجيا لا يزال خطرا رغم استعادة خط الطاقة الاحتياطي للمحطة.
وأضاف غروسي أنه يشعر بالقلق البالغ إزاء الوضع في المحطة ما دام القصف مستمرا بأي شكل من الأشكال، مشددا على ضرورة إنشاء منطقة حماية وأمان في المحطة، موضحا أن المشاورات قد بدأت بالفعل في هذا الصدد.
وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ترميم خط كهربائي احتياطي لمحطة زاباروجيا النووية، مما سمح بتزويد المصنع بالكهرباء الخارجية التي يحتاجها لتبريد المفاعل، ولوظائف السلامة الأخرى.
وكانت الشركة المشغلة لمحطة زاباروجيا أعلنت توقف العمل في المحطة بشكل كامل.
ونقلت وكالة "إنترفاكس" عن مدير الشركة الروسية المشغلة للمحطة أن العمل توقف في المفاعل السادس بعد منتصف الليل، وهو المفاعل الأخير الذي كان يعمل في المحطة.
من جانبها، أكدت الوكالة الأوكرانية للطاقة الذرية المشغلة لمحطة زاباروجيا فصل المفاعل الأخير عن شبكة الطاقة، واتهمت القوات الروسية بقصف خطوط الربط الكهربائي وفصل المحطة عن الشبكة.
على صعيد متصل، نقلت وكالة "تاس" عن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث -في اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون- الوضع في أوكرانيا.
وأضافت الوكالة أن بوتين وماكرون اتفقا على عدم تسييس الوضع في محطة زاباروجيا النووية.
وأوضحت "تاس" أن بوتين شدد -خلال حديثه مع ماكرون- على ضرورة الضغط على كييف للتوقف عن قصف محطة زاباروجيا.
أما الإليزيه، فقال إن ماكرون شدد -خلال الاتصال- على ضرورة إنهاء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا فورا.
وأضاف الإليزيه -في بيان- أن ماكرون أبلغ بوتين أن سبب الخطر الرئيسي في محطة زاباروجيا النووية هو وجود القوات الروسية.
عودة للمفاوضات
سياسيا، قالت الرئاسة الأوكرانية إن أي عودة للمفاوضات مع روسيا يجب أن تتضمن تحريرا كاملا للأراضي الأوكرانية، ودفع روسيا تعويضات للجانب الأوكراني، ومعاقبة مجرمي الحرب. وأكدت الرئاسة الأوكرانية أن جميع شركاء كييف يدعمون هذه الصيغة.
في المقابل، نقلت وكالة "تاس" عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قوله إن موسكو لا ترفض إجراء مفاوضات مع أوكرانيا، مشيرا إلى أن تأخير عقدها يعقّد العملية.
وقال لافروف إن تأخير المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا يجعل التوصل إلى اتفاق بين البلدين صعبا، مؤكدا أن موسكو لا ترفض التفاوض.
وأضاف لافروف أن العالم يسير نحو نظام عادل، وسيكون نظاما متعدد الأقطاب، مشيرا إلى أن بلاده تدعم حوارا متساويا، وحلّ كل المشاكل على مبدأ توازن مصالح كل دول العالم، وقال إن كل ما يفعله الغرب مبني على خوفه من المنافسة.